نتائج الانتخابات الاسرائيلية وأثرها على التسوية الفلسطينية

N

 تقديم                                                                       عاطف المسلمي

أوراق العمل المقدمة :

- تركيبة الكنيست السابعة عشرة                                          د. خالد شعبان

- بدائل أولمرت لتتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة                      صالح النعامي

- نتائج الانتخابات الإسرائيلية وأثرها على التسوية مع الفلسطينيين     أشرف العجرمي

المناقشات والمداخلات

الردود

 

تقديم

عاطف المسلمي*

 

الأخوة المشاركون، الأخوة الحضور، أرحب بكم جميعاً بالإنابة عن مدير عام المركز الأخت/ مجد مهنا، وزملائي في دائرة الشؤون الإسرائيلية وموظفي المركز. وأشكركم على استجابتكم لدعوتنا بحضور ورشة العمل الخاصة بتداعيات نتائج الانتخابات الإسرائيلية على التسوية مع الفلسطينيين، والتي تأتي ضمن سياسة المركز القاضية بمتابعة التطورات السياسية المحيطة بالشأن الفلسطيني وبخاصة في الجانب الإسرائيلي لما لها من أثر مباشر على مستقبل القضية الفلسطينية وفرص التسوية السلمية وشكل العلاقات المستقبلية مع الطرف الإسرائيلي، وذلك بعد نشر النتائج النهائية للانتخابات الإسرائيلية التي حملت حزب كديما صاحب البرنامج السياسي القائم على الفصل أحادي الجانب عن الفلسطينيين إلى الحكومة، والذي ينفي وجود شريك فلسطيني في الوقت الراهن يمكن التفاوض معه، خاصة بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وتشكيلها للحكومة.

إن النتائج التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة أحدثت عدة تداخلات تحتاج إلى تفصيل وطرحت عدة تساؤلات تحتاج إلى إجابات. وعليه فقد ارتأينا في دائرة الشؤون الإسرائيلية في مركز التخطيط الفلسطيني عقد هذه الورشة الخاصة بنتائج الانتخابات الإسرائيلية وأثرها على التسوية مع الفلسطينيين بغية تسليط الضوء بشكل منهجي ومدروس على عدة قضايا تتعلق بهذه الانتخابات، وتنعكس آثارها بشكل مباشر على الساحة الفلسطينية، حيث لا يجهل المراقبون أن مسألة حسم الصراع مع الفلسطينيين قد باتت على مفترق طرق بالنسبة للإسرائيليين، وعليه تم تقسيم هذه الورشة إلى ثلاثة محاور رئيسة، الأول: تركيبة الكنيست الجديدة ويتحدث فيه الدكتور خالد شعبان مدير دائرة الشؤون الإسرائيلية في مركز التخطيط الفلسطيني، باحث متخصص في الشؤون الإسرائيلية. والمحور الثاني: سيناريوهات تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ويتحدث فيه الأستاذ صالح النعامي باحث متخصص في الشؤون الإسرائيلية. والمحور الثالث: نتائج الانتخابات الإسرائيلية وأثرها على التسوية مع الفلسطينيين، ويتحدث فيه الأستاذ أشرف العجرمي، باحث متخصص في الشؤون الإسرائيلية في وزارة الإعلام، يتبع ذلك نقاش مفتوح بين الأخوة الحضور والسادة المشاركين.


* باحث – مركز التخطيط

 

المحور الأول

تركيبة الكنيست السابعة عشرة

د.خالد شعبان *

جرت الانتخابات الإسرائيلية للكنيست السابعة عشرة في 28/3/2006، متقدمة عن موعدها الأصلي بحوالي سبعة شهور، بعد انسحاب آرئيل شارون من حزب الليكود وتأسيس حزب كديما، وذلك بعد أن أعلن زعيم حزب العمل الجديد عمير بيرتس انسحابه من حكومة الوحدة الوطنية واتجاهه إلى تبكير موعد الانتخابات العامة، حيث اتفقت الكتل البرلمانية على إجراء الانتخابات في مارس 2006.

وقد جرت الانتخابات في ظل متغيرات محلية وإقليمية ودولية متنوعة أثرت في مجملها في عملية حراك أصوات الناخبين الإسرائيليين، مما أدى إلى إضعاف قوى حزبية كبيرة، وظهور قوى جديدة لم تكن موجودة على الساحة الحزبية الإسرائيلية من قبل، وفي هذه الورقة سندرس تركيبة الكنيست الجديدة، والأسباب التي دفعت إلى تقديم موعد الانتخابات.

أولاً : بيئة الانتخابات

جرت الانتخابات في ظل متغيرات اختلفت كلياً عن تلك المتغيرات التي جرت فيها انتخابات الكنيست السادسة عشرة 2003، والتي دعت فيها الأحزاب صراحة إلى الحفاظ على الأمن الإسرائيلي من خلال الضغط المستمر على الفلسطينيين، مع إهمال واضح للأوضاع الاجتماعية التي تبناها بنيامين نتنياهو في خططه الاقتصادية التي جاءت على حساب جمهور الفقراء في إسرائيل، ولكن هذه الانتخابات جرت بعد إعادة الانتشار الإسرائيلي في كل من قطاع غزة وبعض مستوطنات شمال الضفة الغربية، وهو الانسحاب الأحادي الجانب الذي حاولت إسرائيل تطبيقه بعد ادعاءاتها المتكررة بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام، ويأتي في مقدمتها:

أ- البيئة المحلية

وهي أهم الأحداث والمتغيرات التي جرت في داخل الساحة الإسرائيلية والتي أثرت بشكل كبير على عملية حراك الأصوات في المجتمع الإسرائيلي وفيما يلي أهمها:

1- استطلاعات الرأي

لعبت استطلاعات الرأي دوراً كبيرا في حراك الأصوات، وخاصة الأصوات العائمة التي تراوحت نسبتها في أغلب الأحيان بين (12-23) مقعداً  وهي نسبة كبيرة جداً وغير معهودة، حيث لعبت استطلاعات الرأي دوراً في توجيه الناخبين إلى اختيار أحد الأحزاب الفائزة، ولذلك استمر نجم حزب كاديما في الصعود محققاً أرقاما ما بين (35-43) مقعداً و بدا الفوز واضحاً لقادة كاديما حتى أعلن أولمرت رئيس كاديما أن الحزب فائز في الانتخابات، وبعد ذلك تدهور الحزب في استطلاعات الرأي إلى أن وصل إلى أقل من (30) مقعداً. وتعود  أسباب تدهور كاديما في الاستطلاعات إلى ما يلي :

-   استمرار غياب المؤسس للحزب، آرئيل شارون، والشخصية الباهتة لخليفته إيهود أولمرت.

-   افتقار برنامج الحزب لإجابات مقنعة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

-   التدهور الأمني واستمرار تساقط الصواريخ من قطاع غزة على جنوب إسرائيل.

كما أظهرت الاستطلاعات تأخر حزب الليكود نتيجة لسياسة التخويف التي اتبعها نتنياهو من اجل جلب الأصوات، وهي نفس السياسة التي اتبعها ليبرمان والتي أظهرت استطلاعات الرأي فوزه بـ7 مقاعد إلى أن أصبح ينافس اللكيود على أصوات اليمين، وكذلك حزب الاتحاد القومي /المفدال، أما المفاجأة فكان حزب المتقاعدين الذي  لم يظهر على الساحة الحزبية إلا بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي قبل أسبوع واحد فقط من الانتخابات أنه سيجتاز نسبة الحسم، وهو ما معناه أنه سينجح في الانتخابات، ويمكن القول بعد نتائج الانتخابات أن جميع استطلاعات الرأي كانت صادقة حينما ذكرت أن الكنيست سيتركب من  12 قائمة حزبية وهي القوائم التي فازت في الانتخابات.

2- اختفاء شارون

 من الشعارات الانتخابية التي ترتفع دائما في الانتخابات "إسرائيل بحاجة إلى قائد"، ويبدو أن شارون كان هو القائد الوحيد، الذي استطاع من خلال خطوات عسكرية صارمة تمثلت في اغتيال معظم القادة الفلسطينيين، وبإخلاء المستوطنات ، أن يقدم نموذجاً للقائد الذي يحتاجه الإسرائيليون، ولذلك فان المجتمع الإسرائيلي أيد ولو بنسب متفاوتة خطط شارون، وباركت نسبة كبيرة منه خطوة شارون بتأسيس حزب كاديما من اجل الاستمرار في خطواته المتعلقة برسم حدود إسرائيل النهائية والتي يأتي ضمنها الانسحاب من مستوطنات في الضفة الغربية، ورغم معرفة  الجمهور الإسرائيلي بذلك، إلا أنه أيد شارون حيث دلت الاستطلاعات حتى ما قبل إصابة شارون بالجلطة الدماغية أن الحزب سيحصل ما بين (40-43) مقعداً في الكنيست، هذا بالإضافة إلى وجود قيادات سياسية أخرى انضمت إلى شارون وحزبه كاديما وأهمهم على الإطلاق شمعون بيرس الذي يحظى بشعبية كبيرة، ولو في استطلاعات الرأي، إلا أنه يعتبر من القادة الإسرائيليين الذين لهم دور كبير في رسم السياسة الإسرائيلية.

3- شرقي لرئاسة حزب العمل

سجل فوز عمير بيرتس الشرقي برئاسة حزب العمل سابقة في تاريخ إسرائيل فلم يحدث أن ترأس قائمة حزب العمل المرشحة للكنيست مرشح شرقي، وهو الحزب الذي ترأسه غربيون اشكناز قاموا ببناء وقيادة دولة إسرائيل منذ وجودها، وهي صفة اتسم بها حزب العمل الإسرائيلي دون غيره من الأحزاب الإسرائيلية، وهو ما أدى إلى عملية حراك سياسي حتى داخل حزب العمل، ولا يمكن تفسير انسحاب بيرس ورامون وايتسك من حزب العمل لأنهم رأوا في شارون القائد الشجاع الذي سيرسم حدود إسرائيل، أو البحث عن مكان مضمون في الكنيست القادمة، إلا أن جزءاً من فكرة الانسحاب جاء بسبب رفض بيرتس الشرقي، أو على الأقل رفض بيرتس الذي لا يحظى بأية خبرة سياسية، وهو بحد ذاته رفض للشرقيين في قيادة إسرائيل.

4- نسبة الحسم 2%

أدى رفع نسبة الحسم من 1.5% إلى 2% إلى دفع القوى الحزبية نحو الائتلاف، وهو ما لاحظناه من استمرار ائتلاف ياحد/ميرتس، واستمرار وجود المفدال وكذلك الاتحاد القومي الذي يضم موليدت وتكوما وائتلافهما بعد ذلك وخوضها الانتخابات ضمن قائمة مشتركة باسم الاتحاد القومي/ المفدال واستمرار ميماد ضمن قائمة حزب العمل، وكذلك ائتلاف الحركة الإسلامية والحركة العربية للتغيير والحزب الديمقراطي العربي في القائمة العربية الموحدة، ومن المعلوم أن رفع نسبة الحسم تأتي من اجل تقليص القوائم التي تصل إلى الكنيست من اجل الوصول إلى الاستقرار الحكومي.

ب-  البيئة الإقليمية

 وهي التي تتناول المتغيرات والأحداث  الإقليمية وخاصة تلك التي تتعلق بإسرائيل ومنها:

1- فوز حركة حماس بالانتخابات الفلسطينية

أسفرت نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والتي جرت في 25/1/2006، عن فوز حركة حماس وهو ما أثر على الناخب الإسرائيلي، حيث استغلت الأحزاب الإسرائيلية هذا الفوز في دعايتها وبرامجها الانتخابية للتحذير من حماس التي تريد القضاء على الدولة اليهودية، وهو ما تم ملاحظته في برامج الأحزاب اليمينية وخاصة برنامج حزب الليكود، وأدت إلى زيادة عملية التصويت للأحزاب اليمينية التي عارضت إخلاء المستوطنات، وأهمها الاتحاد القومي/ المفدال، كما يمكن الإشارة هنا إلى أحد الأحزاب التي لم تفز وهي قائمة باروخ مارزيل التي حصلت على 20 ألف صوت، نتيجة لإتباعها النهج العنصري ضد الفلسطينيين.

2- الانسحاب أحادي الجانب

وهو أحد المتغيرات الإقليمية التي أدت إلى إفراغ قطاع غزة من المستوطنات والمستوطنين، وما رافق ذلك من تحذيرات أمنية بأن القطاع سيتحول إلى نموذج آخر لجنوب لبنان، تنطلق منه العمليات العسكرية الموجهة ضد إسرائيل، وبالفعل فإن بعض برامج الانتخابات الإسرائيلية انتقد هذه الخطوة أحادية الجانب، واتخذ من انتقادها طريقاً إلى الكنيست.

ثانياً : الأحزاب المشاركة في الانتخابات

1- القوائم المشاركة في الانتخابات

شاركت إحدى وثلاثين قائمة في التنافس على مقاعد الكنيست السابعة عشر وذلك بزيادة أربع قوائم عن الانتخابات السابقة، وقد نجحت اثنتا عشرة قائمة باجتياز نسبة الحسم، مقابل 13 قائمة في انتخابات الكنيست السادسة عشر، و15 قائمة خلال انتخابات الكنيست الخامسة عشر، علماً بأنه يجوز للقوائم الائتلافية الممثلة في الكنيست أن تنفصل عن بعضها البعض، حيث انفصل باريتسكي عن قائمة شينوي في الانتخابات السابقة، وكذلك انقسم حزب المفدال إلى قسمين وقد تميزت القوائم المشاركة في الانتخابات بعدة مظاهر هي:

-   يعتبر اختيار عمير بيرتس ذو الأصول الشرقية (مغربي) زعيماً لحزب العمل، أحد الظواهر السياسية الغريبة التي حدثت في الساحة الحزبية الإسرائيلية.

-   استطاع عمير بيرتس تحويل اهتمامات الأحزاب من البرامج الأمنية إلى البرامج الاجتماعية.

-   استمرار ظاهرة الانشقاق والاندماج بين الأحزاب التي تمثلت بقوة في هذه الانتخابات بتشكيل حزب كديما من حزبي العمل والليكود.

-   إقامة أحزاب من اجل أهداف خاصة مثل حزب المتقاعدين، ومن اجل محاربة البنوك، أو من اجل إباحة تعاطي المخدرات.

-   اختفاء رؤساء الأحزاب ذوي الصبغة العسكرية، حيث يلاحظ أن معظم القوائم المرشحة للكنيست كان يرأسها أشخاص غير عسكريين ما عدا حركة تفنيت ، والتي ترأسها عوزي دايان أحد القائدة العسكريين الإسرائيليين.

2- نتائج الانتخابات

أصدرت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية الأرقام الخاصة بالانتخابات الحالية وهي كما يلي:

عدد المصوتين 2.973.0 مليون ناخب

عدد الأصوات اللاغية 45.716 ألف صوت.

عدد الأصوات الصحيحة 2.928.0 مليون صوت

عدد الصناديق: 8298.

نسبة الحسم: 60 ألف صوت (تقريباً)

عدد الأصوات اللازمة للمقعد الواحد 25.200 صوت.

توزيع الأصوات حسب القوائم

القائمة

الرمز

عدد الأصوات

النسبة%

عدد المقاعد

كاديما

ك ن

690.095

21.9

29

حزب العمل

ا.م.ت

472.746

15

19

شاس

ش ص

299.130

9.5

12

الليكود

م.ح.ل

282.070

8.9

12

اسرائيل بيتنا

ل

281.850

8.9

11

المفدال+الاتحاد القومي

ك ب

223.838

6.9

9

المتقاعدون

ز خ

185.790

5.9

7

التوراه الموحدة

ج

146.958

4.6

6

ميرتس/ ياحد

م.ر.ص

118.356

3.7

5

الموحدة

ع.م

94.460

3

4

التجمع

ض

72.013

2.2

3

الجبهة

و

85.830

2.7

3

تحليل النتائج

إن أهم ما يلفت النظر في الانتخابات هي نسبة التصويت التي بلغت 63.2% وهو أدنى مستوى للتصويت في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية ويعود ذلك إلى:

1-    عدم اكتراث الشارع الإسرائيلي بالانتخابات بسبب تكرار اجراءها في فترات متقاربة، حيث تم إجراء خمس عمليات انتخابية خلال 14 عاما وهو ما أدى إلى تراجع ثقة الجمهور بالسياسيين بشكل عام.

2-    عدم وجود قائد يحظى بإجماع الشارع الإسرائيلي.

3-    إقامة ما نسبته 10% من أصحاب حق الانتخاب خارج إسرائيل.

4- الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة التي تعيشها إسرائيل أشاعت حالة من اليأس في إصلاح الوضع الاجتماعي.

-   وبنظرة سريعة للجدول نلحظ أن الذي انتصر هو مركز الساحة الحزبية والذي يضم (كاديما والعمل) ويشكلان معاً (49) مقعداً، ويكشف عن الوجه الجديد لإسرائيل الاجتماعية (العمل، شاس، المتقاعدون، التوراه الموحدة) والذي يضم (45) مقعداً، ويمكن القول أن جميع الأحزاب دعت إلى إعادة الاعتبار للطبقات الفقيرة في المجتمع.

-   يتضح من الجدول أن إسرائيل أكثر طائفية وعرقية فهناك شاس للمتدينين الشرقيين، والتوارة الموحدة للمتدينين الغربيين، وهناك إسرائيل بيتنا للمهاجرين الروس، والأحزاب العربية لفلسطينيي 1948.

-   ينقسم المجتمع الإسرائيلي إلى معسكرات، (يمين ويسار)، (شرقيين وغربيين) (متدينين وعلمانيين)، وهذه المعسكرات يمكن التنبؤ مسبقاً بمواقفها وأنماط تصويتها، حيث اتضح أن العوامل التي تقرر نتائج الانتخابات تتمثل في السن، المنشأ، الوضع الاجتماعي، التدين، الأمن، ولذلك لابد لكل كنيست أن تمثل جميع التشكيلات السابقة.

- لحقت الخسارة باليمين (الليكود، إسرائيل بيتنا، والاتحاد القومي/ المفدال).والذي يساوي (32 مقعداً،)

-   أكبر الغائبين عن الساحة الحزبية هي حركة شينوي والتي كانت تتمثل في الكنيست السابقة (بـ15) مقعداً والتي لم تستطع اجتياز نسبة الحسم نتيجة لانشقاقها وانسحاب زعيمها تومي لابيد والذي كان يمثل ازعاجاً مستمراً للمتدينين الحرديم.

-   يلاحظ على تركيبة الكنيست الحالية أننا لا نستطيع أن نتحدث عن منظومة حزبية، فلا يوجد يسار واسع، ولا يمين واسع، ولا تيار ديني واسع، في حين أن حزب المتقاعدين ما هو إلا جزء من المناصرين للقضايا الاجتماعية، وهو بذلك لا يختلف كثيراً مع حزب العمل والذي يمكن القول أنه أهمل المتقاعدين، والذين يبلغ عددهم في إسرائيل ما يقارب 750 ألف ناخب.

-   وما يمكن أن نلاحظه بشكل واضح اختفاء نموذج الحزب الكبير أو الحزب المسيطر كما كان حزب الليكود في الانتخابات السابقة 2003، (40) مقعداً، أو نظام الحزبين الكبيرين، وهو ما تمتع به العمل والليكود في الكنيست الخامسة عشرة 1999، وبالتالي فمن المتوقع أن تلعب الأحزاب الصغيرة دوراً كبيراً في هذه الكنيست وفي تشكيل الائتلافات الحكومية. ومن المحتمل أن يفرض واقع الكنيست الجديد العودة إلى طريقة رئيس الحكومة السابق آرئيل شارون في تشكيل الحكومات، بمعنى  حكومة حسب الهدف أو الغرض، وبالتالي فإننا أمام كنيست متشرذمة، واحتمالات وجود حكومات مستقرة هو احتمال ضعيف، فنحن لا نستطيع أن نقول أن هناك أغلبية مؤيدة للانسحاب أحادي الجانب، وهي خطة أولمرت التي على أساسها خاض الانتخابات، وأيضا من الجهة المقابلة فإنه لا توجد أغلبية مؤيدة لاستمرار الاحتلال.

-   يُضاف إلى هذا العامل أن الكينست الحالية تكاد تخلو من القادة، فبعد اغتيال رابين فشل الزعماء الجدد (نتنياهو/باراك) في قيادة إسرائيل إلى أن جاء شارون واستطاع أن يحصل على 40 مقعداً في الانتخابات السابقة، وكانت ردة فعل الجمهور الإسرائيلي عنيفة عندما اختفى القائد، فلا يوجد حاليا أية شخصية يمكن أن تتصف وتتمتع بإمكانيات القائد السياسي القادر على اتخاذ القرارات السياسية الخطيرة، ولذلك تتشتت أصوات الناخبين على الأحزاب المختلفة.

-   أما بالنسبة لليهود الروس فيبدو أنهم قد استوعبوا درس الانتخابات جيداً، حيث وحدوا جهودهم ضمن حزب إسرائيل بيتنا، حيث خاض الحزب الانتخابات السابقة ضمن الاتحاد القومي والذي ضم موليدت وتكوما، كما خاض الانتخابات السابقة حزب إسرائيل بعلياه بقيادة شيرانسكي بالإضافة إلى حزب الخيار الديمقراطي بقيادة برونفمان، ويبلغ عددهم في الكنيست الحالي 14 وتميز تصويت اليهود الروس بثلاث ظواهر هي:

1- الاندماج السياسي بمعنى مشاركتهم في الانتخابات بصورة فعالة سواء من خلال الترشح أو التصويت.

2-  تتصف أحزاب الروس بالبراغماتية من اجل الحصول على مصالح آنية.

3- دلت اتجاهات التصويت عند اليهود الروس على أن التوجه نحو اليمين هو الصفة الأساسية لهم.

-   تضم الكنيست الجديدة بقوائمها الاثنتي عشرة ما مجموعه 39 عضو كنيست جديد بالإضافة إلى 17 امرأة جديدة بانخفاض واحدة عن الانتخابات السابقة، و22 عضواً من المتدينين، في حين كان عددهم في الكنيست السابق 28 عضواً، وينتمي معظمهم لأحزاب دينية حريدية مثل شاس والتواره الموحدة والمفدال، كما ينتمي البعض الآخر لأحزاب علمانية، ويتمثل العرب في هذه الكنيست بـ 12 عضواً عربياً، منهم تسعة أعضاء فازوا من خلال احزابهم العربيةوثلاثة آخرين جاءوا ضمن أحزاب صهيونية  إثنان في حزب العمل وعضو آخر في كديما، بينما لم تشمل قائمة ميرتس/ياحد أي عضو عربي ضمن الخمسة الأوائل. بينما مبلغ عدد اليهود الشرقيين 32 عضو، والمستوطنون 8 أعضاء، أما الشباب تحت جيل 39 عاماً فبلغ 8 أعضاء وأكبر من 70 عاماً فبلغ 8 أعضاء.

-   بالنسبة للعسكريين فقد تمثل أصحاب الرتب العسكرية العليا في هذه الكنيست بـ 15 عضو كنيست، بينما الملاحظة الأهم هي عدم ترؤس أي عسكري لأي من الأحزاب الفائزة، كما تخلو الكنيست الحالية من الأحزاب التي يترأسها عسكريون.

-   من الواضح أن الذي سيلعب الدور الكبير في الكنيست السابعة عشر هي الأحزاب، بمعنى أن السلطة التنفيذية (الحكومة) سيكون لها الدور الأكبر في استمرار المؤسسة التشريعية (الكنيست) أو حلها، وذلك سيتضح من خلال قدرة الأحزاب المشكلة للحكومة القادمة على أداء مهامها، وهي عملية تكاد تكون شبه مستحيلة في ظل نظام تعدد الأحزاب التي تتميز به إسرائيل.


     * باحث في الشؤون الإسرائيلية - مركز التخطيط الفلسطيني

 

المحور الثاني

بدائل أولمرت لتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة

صالح النعامي*

على الرغم من أن حزب " كديما"، الذي وجد من العدم، قد فاز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة، إلا أن هذا العدد ( 29 مقعداً ) ليس كافياً لمساعدة زعيم الحزب ايهود أولمرت لتشكيل حكومة مستقرة، حيث أن هامش المناورة أمامه بات محدوداً جداً. فلو تحقق ما كانت تتوقع استطلاعات الرأي من حصوله على 40 مقعداً لكان بالإمكان القول أن أولمرت عندها سيشكل الحكومة التي يرى أنها الأنسب لتنفيذ مخططاته السياسية ذات البعد الاستراتيجي، وبالظروف الائتلافية التي يراها مناسبة. ومع ذلك، فإن الاعتبار الأهم من بين اعتبارات هامة اخرى، الذي على أساسه يمكن لأي حزب أن يشارك في الحكومة، هو القبول بخطة " الانطواء "، التي أعلن عنها اولمرت وألزم نفسه بها عشية الانتخابات. وتهدف الخطة الى ترسيم حدود "دولة إسرائيل" إلى أجل بعيد، بحيث يتم ضم التجمعات الاستيطانية الى هذه الدولة، ومنطقة غور الاردن، استكمال تهويد القدس، ودفع جدار الفصل العنصري شرقاً وجنوباً ليلتف حول المزيد من المستوطنات لضمها، ولتمكين الدولة العبرية من السيطرة على مصادر المياه العذبة في الضفة الغربية، الى غير ذلك من تداعيات للخطة.

يعي اولمرت أن الشركاء الطبيعيين له في تنفيذ هذه الخطة هم حزب العمل، وهنا يتوجب أن نذكر أن الشروط التي وضعها بيريتس قبل الانتخابات لانضمامه لحكومة بزعامة اولمرت لا تتضمن أي شرط سياسي، بل شروطاً على علاقة بما يزعم أنه " ثورة اجتماعية "، وتتضمن هذه الشروط رفع مستوى الحد الأدنى للأجور الى الف دولار، وغيرها من الشروط، كذلك، بالطبع فإن حزب " المتقاعدين"  لا يضع أي شروط سياسية وتنحصر مطالب أعضائه في المجال الاقتصادي الاجتماعي في كل ما يتعلق بما يعتبرونه حقوقاً للمتقاعدين.

تحالف "كاديما" و "العمل" والمتقاعدين " يتكون من 55 مقعداً، وهذا يعني أنه يتوجب أن تحصل الحكومة على تأييد ستة نواب  آخرين على الأقل، من اجل تطبيق خطة " الانطواء ". وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن كلاً من حركة "ميرتس" والأحزاب العربية، باستثناء حزب التجمع، سيكونون مستعدين لتأييد الخطة، الأمر الذي يعني ان هناك 66 نائباً سيكونون مؤيدين لهذه الخطة، فإن الأحزاب العربية لا يمكن أن تكون شريكاً في الحكومة بسبب التناقضات الجوهرية في القضايا السياسية والاجتماعية، وتحديداً في قضية الغبن الاقتصادي والتمييز في تخصيص الموازنات للمواطنين الفلسطينيين. من هنا فإن اولمرت سيكون مدعواً للاستعانة بالأحزاب الارثوذكسية الممثلة في البرلمان، وهي حركة " شاس" الحائزة على اثني عشر مقعداً، وحزب " التوراة الموحدة "( 6 مقاعد ) وهما حزبان يحملان توجهات يمينية متطرفة في كل ما يتعلق بالتسوية، ولكن لهذين الحزبين مصالح خاصة، حيث أنهما بشكل تقليدي يستغلان عادة وجودهما في الحكومة من اجل تحويل الدعم المالي لمؤسساتهما التعليمية والدينية. وفي حال انضمام هذين الحزبين الى ائتلاف يضم كاديما والعمل والمتقاعدين وميريتس، يصبح عدد النواب الذين يدعمون الحكومة القادمة 78 نائباً، وهذا من ناحية نظرية، ائتلاف مستقر. لكن هناك مشكلتين ستواجهان مثل هذا الائتلاف، أولاً بسبب الاختلاف على طبيعة العلاقة بين الدين والدولة وبين الاحزاب الارثوذكسية من جهة وبين حركة ميرتس، فمن الصعب جداً على حركة " ميرتس "  أن تسلم بعدم تضمين برنامج الحكومة بنود تغير من " الوضع القائم "   (statuse que )، وهذا أمر لا يمكن أن تقبله الاحزاب الارثوذكسية، لذلك من الصعب ان نتصور أن ميريتس يمكن أن تكون شريكة في ائتلاف مع الأحزاب الارثوذكسية، مع العلم انها كانت يوماً شريكاً في مثل هذه الحكومة (حكومة رابين 1992)، لكنها كانت حزباً مؤثراً في الحكومة. المشكلة الثانية تكمن في أن حزب العمل وبسبب الفارق البسيط في عدد المقاعد بينه وبين حزب كاديما ( 10 مقاعد )، فانه سيطالب بحقيبتين سياديتين كبيريتين من الحقائب الثلاث الهامة ( الخارجية ، المالية ، الدفاع ). بالنسبة لحزب العمل فإنه معني بوزارة المالية على وجه الخصوص لكي يفي بوعوده للجمهور في كل ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، بالاضافة الى وزارات اخرى اقتصادية واجتماعية، مثل التجارة والصناعة. وهذا يعني ان اولمرت سيجد نفسه في مشكلة مع قادة حزبه، الذين يتطلعون الى تبوء مناصب هامة في الحكومة الجديدة. ولذلك يفكر اولمرت في التوجه بادئ الامر الى حركتي شاس والتوراة الموحدة والمتقاعدين، لكي يتوصل معهما الى اتفاق، وبذلك يكون عدد النواب المؤيدين للحكومة 54 نائب، وبعدها يتوجه الى حزب العمل من مركز قوة، ليقول لهم ان لدي 54 نائباً، بينما انتم لديكم 19 نائب، وذلك من اجل دفع حزب العمل للتنازل عن المطالبة بالحقائب السيادية الكبرى، سيما وزارة المالية.

في "كديما" يرون أن تسليم بيرتيس وزارة المالية سيكون خطأً استراتيجياً. وذلك خشية أن "يوزع شيكات بدون رصيد" على الفئات المهمشة في المجتمع الإسرائيلي،  مما سيؤدي الى وقف نمو الاقتصاد الاسرائيلي. وحذر مقربو اولمرت من أن تعيين بيرتس وزيرا للمالية أمر خطر من شأنه أن يؤدي الى انهيار البورصة وهروب المستثمرين. وحسب اقوالهم، فإن "كديما سيكون مستعدا لان يدفع لبيرتس تعويضا في شكل حقيبة التربية والتعليم وحقيبة الصناعة والتجارة الموسعة مقابل تنازله عن حقيبة المالية". وعلى كل الاحوال فإن ضم حزب العمل والمتقاعدين سيثقل كاهل موازنة الدولة، حيث ان الحزبين سيشترطان تضمين برنامج الحكومة التزامات مالية ضخمة لقطاعات مجتمعية كبيرة.

وتبقى هناك مشكلة أمام اولمرت في ضم حزب شاس، اذ أن التجربة دلت ان شاس عندما تدق ساعة الاختبار في كل ما يتعلق بالاتفاقيات السياسية أو الخطط احادية الجانب، فإنها تترك الحكومة بسرعة، كما حدث بالنسبة لاتفاقيات اوسلو، كما ان الحركة كانت معارضة بشكل قوي لخطة " فك الارتباط "، من هنا فإن العديد من المقربين لأولمرت يحذرونه من ضمها للحكومة، ويوصون بدلاً منها بضم حزب " اسرائيل بيتنا "، بقيادة افيغدور ليبرمان. وبذلك يمكن أن تكون الصيغة الثانية للائتلاف كالاتي : كاديما، والعمل ، يسرائيل بيتنا والتوراة الموحدة، والمتقاعدين، ويؤيد هذا الائتلاف 73 نائب.

الذين يؤيدون ضم ليبرمان يقولون أنه على الرغم من أن موقفه الرافض لخطة " الانطواء "، إلا أنه في حال تسليمه وزارة الأمن الداخلي، بحيث يفي بتعهده لناخبيه من اليهود الروس بمحاربة الجريمة المنظمة والانزلاق للعالم السفلي، فانه قد يغض الطرف عن تطبيق خطة " فك الارتباط ". لكن هناك مشكلة تكمن في أن وجود ليبرمان الذي يطالب بالتخلص من فلسطينيي 48 عن طريق تبادل الاراضي، إلى جانب مواقفه بالغة التطرف، سيحرج حكومة اولمرت، ومن ناحية ثانية، فإن زعيم حزب العمل تعهد بعدم الانضمام لحكومة يكون فيها حزب ليبرمان بسبب تأييده للترانسفير، لذا فإن المراقبين يرون أنه لا مفر من ضم شاس للحكومة ومنحها وزارتي الداخلية والرفاه الاجتماعي. 

اذن السيناريوهات المرتقبة لتشكيل الحكومة القادمة في اسرائيل تقوم على :

الامكانية الاولى:  اتئلاف الوسط - اليسار - الاصوليين.

الائتلاف:         كديما 29، العمل 19، شاس 2، المتقاعدين 7، يهدوت هتوراة 6 = 73.

المعارضة:       اسرائيل بيتنا 11، الليكود 12، الاتحاد الوطني - المفدال 9، الاحزاب العربية 10، ميرتس 5 = 47.

الامكانية الثانية: ائتلاف الوسط - اليسار - ليبرمان

الائتلاف:         كديما 29، العمل 19، ليبرمان 11، المتقاعدين 7، يهدوت هتوراة 6 = 72.

المعارضة:       شاس 12، الليكود 12، الاتحاد الوطني - المفدال 9، الاحزاب العربية 10، ميرتس 5 = 48.

 

المحور الثالث

نتائج الانتخابات الإسرائيلية وأثرها على التسوية مع الفلسطينيين

أشرف العجرمي*

النتائج التي أفضت إليها الانتخابات العامة في إسرائيل تمثل انسجاماً مع السياق العام للسياسات التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة. فعملية السلام كانت غائبة تماماً عن الدعاية الانتخابية ولم تكن موضوعاً مهماً يشغل بال الناخبين الإسرائيليين الذين أولوا هذه المرة اهتماماً خاصاً للموضوع الاقتصادي – الاجتماعي حيث احتلت محاربة الفقر والانقسام الطبقي على أساس المستوى الاقتصادي الأولوية الأولى في سلم الاهتمامات الإسرائيلية، تلتها من حيث الأهمية مسألة محاصرة حكومة "حماس" وتعزيز مكانة إسرائيل على المستوى الدولي في حين لم تكن عملية التسوية حاضرة بأي مستوى من الجدية في الأجندة الانتخابية التقليدية خلافاً للوضع في الانتخابات السابقة التي احتل فيها موضوعا السلام والأمن الأولوية على ما عداهما من مواضيع شغلت بال الناخب الإسرائيلي.

وحتى الاهتمام بمحاصرة حكومة "حماس" لا يعني في ذهن الإسرائيليين الانشغال بمحاربتها أمنياً بقدر ما يُقصد منه اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وفرض أشكال متنوعة من الحصار والتضييقات عليها حتى يتم دفعها إلى تغيير مواقفها أو إفشالها في نهاية المطاف.

مع ذلك ينبغي ملاحظة تطور مهم في تفكير غالبية الإسرائيليين فلأول مرة لم يول هؤلاء المسألة الجغرافية الأهمية التي كانت تحتلها في فترات سابقة، ولم ينظروا إلى إخلاء قطاع غزة من جانب واحد على أنه تنازل كبير تتوجب معارضته، بل أن الصحيح هو وجود استعداد واسع لإجراء انسحابات أو إخلاءات أخرى مماثلة في الضفة الغربية بدليل أن الأحزاب التي تتبنى مثل هذا الطرح قد حصلت على أغلبية المقاعد في البرلمان وعلى رأسها حزب "كديما" الذي أسسه شارون على قاعدة الاستمرار في مشروعه السياسي الهادف إلى انكفاء إسرائيل وراء حدود تقررها من جانب واحد، دون أخذ موقف الفلسطينيين بنظر الاعتبار.

ولو ألقينا نظرة على الخطوط الرئيسية لبرامج الأحزاب والكتل البرلمانية التي تؤثر على تركيبة الحكومة القادمة لوجدنا أن الاستعداد للانسحاب يمثل قاسماً مشتركاً لمعظمها، فبرنامج حزب "كديما" المتعلق بالمسألة السياسية يدعم إقامة دولة فلسطينية تمثل إقامتها حلاً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين شريطة ألا تكون "دولة إرهاب" وذلك في إطار ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة والحفاظ على القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.

ويعلن "كديما" أنه ملتزم بخارطة الطريق وبصورة خاصة بما ورد فيها من حل على مراحل ضمن الشروط التي تنص عليها مثل تفكيك بنية المنظمات الفلسطينية وتجريدها من السلاح وإجراء "إصلاح أمني" في السلطة..الخ.

أما حزب "العمل" فبالرغم من تأكيده على العمل من أجل استئناف المفاوضات السياسية للتوصل إلى تسوية على أساس مبدأ (دولتان لشعبين) تتحد حدودهما بالمفاوضات بين الجانبين وفي إطار ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة إلى دولة إسرائيل والتمسك بالقدس "بكل أحيائها اليهودية" عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، والاستعداد لتفكيك المستوطنات المعزولة أو ما تسمى المواقع الاستيطانية غير القانونية، فإن حزب العمل لا يستبعد في ظل "وضع الجمود السياسي" أن  تتخذ إسرائيل خطوات أحادية الجانب لضمان المصالح الأمنية والسياسية لإسرائيل.

وفيما يتعلق بحزب المتقاعدين الذي كان مفاجأة هذه الانتخابات بحصوله على سبعة مقاعد، فهو مستعد للقبول بأي برنامج سياسي لائتلاف حكومي قادم شريطة الاهتمام بمطالبه المتعلقة بحقوق المتقاعدين. وبرنامج هذه الحزب يقبل "حدوداً تضمن حياة هادئة للجميع"، دون أي تفسيرات يمكنها أن تجعله في تناقض مع أي برنامج آخر.

حركة "شاس" التي تبدو جاهزة للانضمام للحكومة القادمة لا تستبعد "التنازل الإقليمي" إذا ما كان في إطار الحفاظ على الأرواح، وفق رؤية الزعيم الروحي للحركة عوفاديا يوسف ومجلس حاخاماتها، وفي إطار الحصول على مقابل. ولا تمانع الحركة مبدئياً تطبيق فك ارتباط آخر في الضفة إذا ما كان ذلك جزءاً من "خارطة الطريق". المهم أن تحصل من الحكومة على دعم لمخصصات الأولاد وللتعليم الديني.

و"يهدوت هتوراة" هي الأخرى لم تحدد في برنامجها العام أية خطوط سياسية تقيدها، وبالتالي لديها قابلية للانضمام للائتلاف الحكومي القادم إذا ما تمت مراعاة المسائل الدينية وخاصة الإبقاء على الوضع القائم في العلاقة ما بين الدين والدولة. وبالرغم من أنها تميل إلى اليمين بصفة عامة، وهكذا تصرفت في السنوات الأخيرة، إلا أنها مستعدة لإبداء مرونة في القضايا السياسية.

وبطبيعة الحال، هناك موقف حركة "ميرتس" اليسارية المعروف من قضية الانسحاب الإسرائيلي من الضفة والقطاع وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 إلى جانب دولة إسرائيل. وهو لا يعارض أي إخلاء إسرائيلي لأراضٍ فلسطينية وإن كان يفضل أن تتم بناءً على اتفاق بين الجانبين وفي إطار تسوية شاملة.

وفي الجانب الأكثر يمينية من الخارطة السياسية في إسرائيل تقف أحزاب "الليكود" و"إسرائيل بيتنا" وائتلاف الاتحاد الوطني – المفدال، ولديها رفض لفكرة "فك الارتباط" أو الانسحابات أحادية الجانب، مع وجود فوارق في مواقفها تجاه الكيان الفلسطيني القادم وتقسيم الأراضي في الضفة الغربية.

وغني عن البيان أن موقف الأحزاب العربية التي حصلت على تسعة مقاعد في البرلمان لا يؤخذ بالحسبان لدى تشكيل الائتلاف الحكومي حيث تفضل الأحزاب الكبرى الحصول على أغلبية يهودية في الكنيست لحكوماتها ثم بعد ذلك يمكن البحث في دعم العرب لها من الخارج.

إذاً الاتجاه العام السائد على ضوء الانتخابات البرلمانية في إسرائيل هو القبول بمبدأ الفصل بين الفلسطينيين واليهود في الضفة الغربية. وهذا الفصل هو ديمغرافي في جوهره وإن كان يقود إلى محاولة ترسيم الحدود السياسية لدولة إسرائيل. والتقدم الذي تعكسه رغبة غالبية الإسرائيليين في التخلي عن مساحات واسعة من الأراضي المحتلة، لا يتجلى في نضوج المجتمع الإسرائيلي وقبوله بقواعد التسوية الدائمة حتى لو كانت فكرة الدولة الفلسطينية تجد قبولاً واسعاً في إسرائيل باعتبارها الحل الأمثل للصراع. فهناك شبه إجماع على ضم الكتل الاستيطانية وعلى الاحتفاظ بغالبية القدس الشرقية، وعلى تقييد سيادة الدولة الفلسطينية، بالإضافة طبعاً إلى الرفض المبدئي والقاطع لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.

وبمفهوم آخر تراجعت فكرة وشروط الحل السياسي التي كانت مطروحة ومتداولة في العام 2000 خلال محادثات كامب ديفيد وطابا.

هنا تجدر ملاحظة تأثير عاملين مهمين على الرأي العام الإسرائيلي، الأول هو اندلاع الانتفاضة الثانية واستمرار المقاومة المسلحة، وترافقها مع حالة مأساوية من الفوضى، وانعدام القدرة الفلسطينية على تحديد أهداف سياسية واضحة لهذا الفعل واختلاط أجندات كثيرة تبدو متناقضة في كثير من الأحيان، مما غيب تماماً السياسة الواقعية الفلسطينية التي كانت السبب في الحصول على التأييد الدولي للقضية الفلسطينية وفي التأثير على الرأي العام الإسرائيلي، لصالح خطاب سياسي متشدد بعيد عن برنامج منظمة التحرير والسلطة الوطنية، استغل جيداً من قبل الاتجاهات المتطرفة في إسرائيل.

وفي هذا السياق، وكرد فعل على فشل الإسرائيليين في الحصول على تنازلات فلسطينية في كامب ديفيد، وعلى اندلاع الانتفاضة، اعتمدت الحكومات الإسرائيلية سياسة تجاهل وجود الشريك الفلسطيني، بل السعي إلى تحطيمه وإقصائه تماماً محلياً ودولياً، وهذا تبدى بوضوح في العمليات الإسرائيلية المنهجية المتوالية التي استهدفت ضرب البنية التحتية للسلطة الوطنية وإضعافها وعزل قيادتها وتدمير أجهزتها الأمنية ومحاصرتها اقتصادياً وسياسياً وخلق كل الشروط لتبديد شعبيتها وتحميلها مسؤولية كل ما يجري.

العامل الثاني، هو التأييد الأمريكي الواضح لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين و خاصة تأييدها للخطوات أحادية الجانب وفك الارتباط. وهذا العامل مهم بصورة خاصة بسبب تأثر الساحة الإسرائيلية بالموقف الأمريكي الذي يرى فيه الإسرائيليون تجسيداً للشرعية الدولية، ليس فقط بسبب المساعدات الكبيرة التي تتلقاها إسرائيل من الولايات المتحدة وهي مساعدات لا تستطيع إسرائيل التخلي عنها على الأقل في هذه المرحلة، وإنما أيضاً لأن واشنطن تشكل المظلة التي تحمي إسرائيل على الدوام من التعرض لعقوبات المجتمع الدولي.

والآن، وفي ظل نتائج الانتخابات الفلسطينية وفوز حركة "حماس" بغالبية مقاعد المجلس التشريعي، ستتعزز فكرة غياب أو تغييب الشريك الفلسطيني وبالتالي ستقوى فرص الخطوات أحادية الجانب التي ستعمل فيها إسرائيل على ترسيم حدودها باقتطاع مساحات واسعة من الضفة الغربية خلف جدار الفصل العنصري، وستملي الأمر الواقع على الفلسطينيين.

وفي ظل هذا الوضع تبدو فرص التسوية السياسية خلال السنوات الأربع القادمة ضئيلة للغاية، وهذا ينطبق على فرص النجاح في التصدي لمخطط أولمرت والحكومة القادمة خاصة إذا بقي الفلسطينيون على حالهم من حيث استمرار حالة الفوضى والفلتان والفساد، ومن حيث الاستمرار بالتمسك بالشعارات السياسية العامة والغامضة التي لا يمكن ترجمتها إلى مبادرة سياسية واقعية وجريئة تستطيع حشر إسرائيل وإفشال مخططاتها.

وما يساعد إسرائيل في استمرار التنصل من الاتفاقات والقرارات الدولية، وبالتالي إقدامها على الخطوات أحادية الجانب، هو بلا شك غياب التمسك الفلسطيني بهذه الاتفاقات والقرارات، واعتماد خطاب فلسطيني مبهم وفضفاض لا يقود إلى شيء.

 

الحوارات والمناقشات

سامي العجرمي*

أختلف مع الأستاذ صالح النعامي حول شكل الحكومة والسيناريوهات المحتملة لذلك، حيث جزم الأستاذ صالح بأن أيهود أولمرت هو من سيشكل الحكومة وبنى كل السيناريوهات على هذا الاحتمال. أعتقد أنه حسب التركيبة الجديدة للكنيست فإن السيناريوهات جميعها مفتوحة وهي ليست مقتصرة على أيهود أولمرت، فقانون أساس الكنيست يحدد أن يكلف رئيس الدولة من يملك أفضل الفرص لتشكيل حكومة مستقرة وليس من يرأس أكبر كتلة برلمانية.

فالفوز الضئيل الذي حققه كديما والذي يقوم برنامجه على خطة فك ارتباط أحادي الجانب مع الفلسطينيين يعطي الفرصة للأحزاب الأخرى لطرح برامجها ومن يقول أن عمير بيرتس لا يملك برنامجاً سياسياً يخطئ، وقد يكون بيرتس أكثر ملاءمة لرئاسة الوزراء من أولمرت، حيث أن الجمهور الإسرائيلي يضع القضايا الاجتماعية والاقتصادية في مرتبة أعلى من الموضوع السياسي الذي يتبناه أولمرت.

كما أن الأحزاب التي لا توافق على خطة أولمرت (المسماة بالإنطواء) تشكل كتلة أكبر من الكتلة التي تمثلها الأحزاب الموافقة على هذه الخطة.

النقطة الأخيرة، إن الحكومة القادمة ستشمل عدة أحزاب وحتى يضمن أولمرت تأييدها لخطواته السياسية سيضطر للتنازل عن عدة حقائب وزارية هامة وهذا ما سيضعه في إشكال مع قادة حزبه الذين يمثلون رموز السياسة الإسرائيلية من أمنيين وسياسيين ويتطلعون إلى شغل حقائب وزارية في الحكومة القادمة. لذلك أعتقد أن عمير بيرتس هو الأنسب لتشكيل الحكومة القادمة حيث يقوم برنامجه على تحقيق الانفصال بالاتفاق مع الفلسطينيين وليس من جانب واحد، وهو في هذه النقطة قد يلتقي مع الليكود وإسرائيل بيتنا اللذين يرفضان خطوات انسحاب أحادية الجانب وكذلك شاس وميرتس.

تيسير محيسن*

استوقفتني نقطة مهمة في حديث الأستاذ أشرف وهي أن مواقف وسلوكيات الجانب الفلسطيني تعطي الشرعية والغطاء للحكومة الإسرائيلية للتنصل من الاتفاقيات الموقعة، حسب رأيي هذا الأمر مخالف تماماً للواقع. فقد تنازلنا في هذه الاتفاقيات عن كثير من حقوقنا باعتراف كثير من الدول والمنظمات الدولية، والحكومة الإسرائيلية لم تبحث يوماً من الأيام عن ذريعة أو غطاء فلسطيني، لكي تقوم بالتنصل من الاتفاقيات والاستحقاقات.

نقطة أخرى، سؤال أوجهه للأستاذ أشرف، في حال ترأس أولمرت الحكومة الجديدة وتطبيقه لبرنامج (الانطواء) القائم على ضم مستوطنات واقعة في الأراضي الفلسطينية والانفصال من جانب واحد وهو برنامج يميني فهل نحن مقبلون على انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية تواجه مخططات الحكومة اليمينية القادمة بزعامة أولمرت؟

هاني حبيب*

أريد الإشارة إلى تقييم الأستاذ صالح لمواقف حركة شاس السياسية، وأرى أن حركة شاس خارج الحكومة مختلفة تماماً عن شاس داخل الحكومة، عندما عارضت شاس خطة الانسحاب من قطاع غزة كانت خارج الحكومة، عندما تكون شاس داخل الحكومة تكون قراراتها إلى جانب الحكومة. الملاحظة الثانية هي أن رئيس الدولة الإسرائيلي يجري عادة مشاورات مع كافة الأطراف قبل تكليف أي شخصية ليشكل الحكومة، وهذه المشاورات ليس لها علاقة بمن حقق أكبر مقاعد بالبرلمان، ولكن كل المؤشرات تشير إلى أن إيهود أولمرت هو المرشح الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة القادمة.

النقطة الثالثة أخالف فيها الأستاذ أشرف وأقول أن هناك انقلاباً سياسياً حدث في هذه الانتخابات وهو ليس كبيراً إلا أنه هام ومؤثر، وهو يأتي في المرتبة الثانية بعد الانقلاب الذي حدث في حزب العمل وتزعم أحد الشرقيين له، حيث جاءت النتائج الأخيرة لتشير إلى وقف التجاذب الدائم بين الحزبين الكبيرين العمل والليكود ليبرز حزب وسط للمرة الأولى ويكلف بتشكيل الحكومة.

النقطة الأخيرة التي أريد الإشارة إليها خاصة بالحملة الانتخابية لليكود والتي رفعت في البداية شعار محاصرة حركة حماس لكن في أثناء الحملة الانتخابية اتضح أن هذا الشعار لم يجلب للحزب مزيداً من الأصوات لذلك تم تعديله إلى شعار ذو طابع أمني عام، وهذا دليل آخر على أن فوز حماس لم يكن له ذلك التأثير الذي كان متوقعاً في الانتخابات الإسرائيلية، كما أن زيادة الحسم من 1.5 الى2% كان الهدف منه الأصوات العربية.

فايز أبو رزق*

أوجه سؤالي للأستاذ أشرف، على افتراض أنه تم تنفيذ فكرة الانسحاب من بعض المناطق في الضفة الغربية فما الذي سيؤول إليه الوضع في الساحة الفلسطينية من ناحية سياسية، هل سيكون هناك دولة فلسطينية، وكيف ترى مستقبل الخارطة الفلسطينية بعد ذلك؟ وأوجه سؤال آخر للدكتور خالد شعبان، هناك 63 ألف صوت عربي ذهبت للأحزاب الصهيونية منها ثلاثة آلاف صوت ذهبت لحزب ليبرمان اليميني المتطرف (إسرائيل بيتنا) فكيف تفسر هذه الظاهرة؟

جمال البابا*

أريد التعليق على ما طرحه الأستاذ أشرف حول البرامج السياسية للأحزاب الإسرائيلية، لقد تحدث الأستاذ أشرف بأنه لا توجد هناك عملية سلمية على الإطلاق في برامج الأحزاب رغم أن برنامج حزب كديما في معظمه يقوم على الجانب السياسي فيما يتعلق بالعملية السلمية. وهناك ثلاثة سيناريوهات مطروحة أمامنا الأول: هو العودة إلى طاولة المفاوضات بدون شروط. وهذا مطلب فلسطيني ويعول الفلسطينيون عليه كثيراً، الثاني: العودة إلى طاولة المفاوضات ضمن خارطة الطريق، الثالث: الخطوات أحادية الجانب من قبل الإسرائيليين وهو ما أكد عليه الأستاذ أشرف واستبعد تماماً السيناريوهات الأخرى، وأي من هذه السيناريوهات يصلح للمرحلة القادمة خاضع لتركيبة الساحة الحزبية الإسرائيلية وهي في تركيبتها الحالية لا تجمع على تأييد خطة فك الارتباط، فحزب العمل يفضل المفاوضات رغم عدم تركيزه على الجانب السياسي في حملته الانتخابية، وكذلك حزب ميرتس. كما أن أولمرت لم يطرح خطة متكاملة للإنطواء إنما تحدث في عموميات تتلخص في الانطواء إلى خلف جدار الفصل.

عنصر التأثير الآخر في أي توجه إسرائيلي سياسي قادم هو موقف الولايات المتحدة وأوروبا، وحسب اعتقادي بأن خطوات إسرائيلية أحادية الجانب ستعقد الموقف أكثر حيث لا تزال الولايات المتحدة وأوروبا والرباعية تتبنى خارطة الطريق، وإسرائيل عندما انسحبت من قطاع غزة اعتبرت الانسحاب جزءاً من خارطة الطريق.

البعد الرابع هو الجانب الفلسطيني، حسب اعتقادي هناك بوادر استقرار سياسي في الجانب الفلسطيني، دلالاته تقوم على ترك حماس تعمل في الداخل والرئاسة تتولى المفاوضات وهذا سيساعد أكثر في تطبيق بنود خارطة الطريق المتعلقة بالتهدئة وجمع سلاح الفصائل. حسب اعتقادي العملية السياسية ذاهبة باتجاه السيناريو الثالث وهو العودة إلى خارطة الطريق.

 

( ردود السادة المشاركين)

الأستاذ/ صالح النعامي

بالإجابة على تساؤل من هو المرشح الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة القادمة، أقول: إن كتاب الأقلام في الصحافة الإسرائيلية، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لا يختلفون على تسمية رئيس الحكومة القادم وهو بالطبع أيهود أولمرت، حتى أن قيادة حزب العمل نفسها لا ترى في عمير بيرتس مرشحاً لرئاسة الحكومة القادمة. وهذا لا يأتي من فراغ، فالقانون الأساس للحكومة في إسرائيل ينص على أن رئيس الدولة مطالب بتكليف عضو الكنيست الذي يوصي به العدد الأكبر من النواب، وعملياً حزب العمل قبل أن يشارك في هذه الحكومة لم يضع في حساباته أن يكون عمير بيرتس مرشحاً لرئاسة الوزراء.

النقطة الثانية: أرد على تساؤل السيد هاني حبيب حول كيفية تعاطي حركة شاس سياسياً، في العام 2000 كانت شاس مشاركة في حكومة إيهود باراك وانسحبت قبيل توجه باراك للقاء أبو عمار في كامب ديفيد احتجاجاً على طروحات إيهود باراك السياسية. وقال زعيم الحركة إيلي يشاي أنه محظور على الحركة اتخاذ خطوات سياسية تمثل استفزازاً للقاعدة العريضة لناخبيها وهي قاعدة في الأساس يمينية متطرفة، تتركز في مدن التطوير وفي بعض المستوطنات في الضفة الغربية وفي أحياء الضائقة في المدن الكبرى وهذا يعتبر جزءاً من تكتيكات شاس التوسعية.

الأستاذ/ أشرف العجرمي

لقد أدارت إسرائيل ظهرها للاتفاقات منذ أوسلو، ولكن علينا أن لا ننسى بأن إسرائيل في مفاوضات كامب ديفيد وطابا اقتربت كثيراً من الاتفاق مع الفلسطينيين حول تسوية سياسية، بمعنى أن السياسة الواقعية التي انتهجتها م.ت.ف دفعت إسرائيل لأن تتبني سياسة مرنة وأن تقترب من أن يكون هناك اتفاق مع الفلسطينيين.

إن حشر إسرائيل في الزاوية سياسياً يجب أن يتم فقط من خلال اتباع سياسة واقعية تحظى بالدعم الدولي. ولنعرف جميعاً أنه إذا احتكمنا لموازين القوى فإن إسرائيل قادرة على سحقنا وتنفيذ ما تريده، المظلة التي تحمينا هي الشرعية الدولية وإذا ما تنكرنا لهذه الشرعية فإننا نعطي إسرائيل المبرر الكامل لفعل ما تريد، ويجب أن لا يغيب عن بال أحد أن كل نضال الشعب الفلسطيني كان من أجل أن تطبق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وبخاصة القرار (242).

وفي اللحظة التي يتنكر فيها الفلسطينيون لهذه الشرعية أو التي يطرحون فيها مواقف غامضة فإنهم يقدمون خدمة جليلة لإسرائيل، بما فيها اتفاق أوسلو أيضاً الذي حاولت إسرائيل التنصل منه كثيراً وعلينا أن لا نوفر لها المبرر، لذلك، علينا أن نعمل على دفع العالم للضغط على إسرائيل للالتزام باتفاقات أوسلو وخارطة الطريق أيضاً.

النقطة الثانية التي أريد أن أشير إليها، أنه عندما تحدثت عن انقلاب سياسي قصدت انقلاباً في اتجاهات السياسة العامة للحكومة القادمة ولم أقصد الخارطة الحزبية، فلم يحدث انقلاب أو تغير بمعنى أن الحكومة القادمة ستسير على نفس نهج الحكومة السابقة وسيكون الائتلاف الحكومي أقرب إلى هذا النهج.

وبالنسبة لما سيؤول إليه الوضع على الساحة الفلسطينية في حال اقدام إسرائيل على تنفيذ فك ارتباط جديد في الضفة الغربية، فإن لدى سيناريو متشائم حيث سنقول أن هذا انتصار للمقاومة وسنقيم دولة فلسطينية وسيحدث ما تتوقعه إسرائيل عندما نعمل هدنة معها طويلة الأمد، الأمر الذي سيؤدي إلى طوي ملف المشروع الوطني إلى فترة طويلة قادمة وهذا لا يعني بالتأكيد نهاية الصراع مع إسرائيل.

النقطة الأخيرة، عندما تحدثت عن غياب التسوية السياسية من برامج الأحزاب الإسرائيلية لم أقصد غياب السياسة، فهناك فرق واضح بين التسوية السياسية وبين العملية السياسية فالتسوية السياسية تحتاج إلى طرفين.

هناك قرار إسرائيلي مسبق باستبعاد الشريك الفلسطيني، وهذا يعني استبعاد العملية السياسية.

وبالنسبة للعودة إلى خارطة الطريق، أود التوضيح أن خارطة الطريق تنص على التزامات فلسطينية-إسرائيلية، التزام فلسطيني بتجريد المنظمات الفلسطينية من السلاح ووقف العنف وإصلاح الأجهزة الأمنية، والتزامات إسرائيلية بوقف الاستيطان والخطوات أحادية الجانب، فهل وضعنا الفلسطيني قابل للاستجابة لهذه الشروط والالتزامات حتى يمكن الدفع باتجاه العودة إلى خارطة الطريق، أنا لا أعتقد ذلك.

بالنسبة لقضية امتلاك إيهود أولمرت لخطة سياسية أقول أن إيهود أولمرت لديه خارطة تفصيلية بالمناطق التي سيمر بها الجدار وقد أعلنها الإسرائيليون دون الكشف عن تفاصيلها، وهي ستطرح على الحكومة القادمة للمصادقة عليها، فلم يكن من المناسب طرحها قُبيل الانتخابات خشية تعرضه لهجوم عنيف من اليمين المتطرف، ويقول المقربون من أولمرت أن لديه خارطة تفصيلية تعطي تصوراً واضحاً لخطة الانطواء.

النقطة الأخيرة: قرار فك الارتباط الإسرائيلي من قطاع غزة كان قراراً ناجحاً مائة بالمائة باعتراف الإسرائيليين أنفسهم رغم تساقط الصواريخ على جنوب إسرائيل، فلا يظن أحد أن بإمكان الصواريخ الفلسطينية أن تغير في الواقع شيئاً فخطة فك الارتباط عن قطاع غزة ساعدت إسرائيل أكثر من أي مشروع سياسي على الإطلاق في تاريخ إسرائيل، بدليل طرح أولمرت لمشروع الانطواء الذي يلقى تأييداً كبيراً في الشارع الإسرائيلي، ولو كان فك الارتباط فاشلاً لما حظيت خطة الانطواء بهذا الكم من التأييد.

د. خالد شعبان

عند الحديث عن تصويت عرب الداخل تبرز قضية تصويتهم للأحزاب اليهودية الصهيونية، وهنا نشير أننا أمام مجتمع فلسطيني عربي محتل منذ العام 1948 فيه توجهات سياسية متعددة قومية، وطنية وإسلامية بالإضافة لتوجهات ذات مصالح مع الأحزاب الصهيونية. الأمر الذي ينعكس على توجهات الناخب العربي في الانتخابات الإسرائيلية فنجد أن 72-73% من الناخبين العرب صوتوا للأحزاب العربية وهي نسبة مرتفعة جداً بالمقارنة مع الدورات الانتخابية الماضية و26% صوتوا للأحزاب اليهودية في غالبيتها ذهبت لحزب العمل الذي حصل على 12% من هذه الأصوات نتيجة لإدخاله ثلاثة نواب عرب للكنيست. ناديا الحلو وغالب مجادلة وشكيب سنان وهو درزي. ولا نغفل هنا ظاهرة (مقاولو الأصوات) فهذه الظاهرة موجودة في الوسط العربي منذ عهد بعيد حيث تذهب نسبة من الأصوات العربية باتجاه أحزاب صهيونية يهودية دون استثناء سواء من اليمين المتطرف حتى شاس التي تحصل على معظم أصواتها من الوسط الدرزي، فأصوات الدروز تذهب دائماً للأحزاب اليمينية القومية من أجل الحصول على منفعة وليس إيماناً بأيدولوجية هذه الأحزاب.

هناك اتجاه آخر في تفسير هذه الظاهرة يقوم على تساؤل هل التصويت للأحزاب الحاكمة أفضل؟ على اعتبار أن الحزب الحاكم هو الذي سيقوم بتوزيع الموارد بعد ذلك، أما التصويت للحزب العربي فإنه ذاهب لحزب دائم في مقاعد المعارضة وهذا في النهاية لن يؤدي إلى إحداث تأثير أو تغيير. لذلك نرى أن الأحزاب اليهودية دائمة الحصول على نسب من الأصوات العربية بداية من حزب العمل مروراً بالليكود وانتهاءاً بأشد الأحزاب يمينية وتطرف، يكفي أن نذكر أن حزب موليدت الذي كان يدعو إلى ترحيل العرب (الترانسفير) حصل على بعض الأصوات العربية في الانتخابات السابقة.


* باحث في الشؤون الإسرائيلية. 

* باحث وكاتب – وزارة الإعلام.

* وكالة وفا.

* هيئة الاستعلامات

* وزارة الإعلام.

* الهيئة العامة للاستعلامات.

* مركز التخطيط الفلسطيني.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
30/04/2006 02:08 م