سقوط حكومة نتنياهو

 

تأليف: د. محمود عباس (أبو مازن)

اصدار: المركز الفلسطيني للدراسات الاقليمية،

رام الله، 1999، 102 صفحة

مراجعة : نبيلة أبو سلطان

يعتبر الدكتور محمود عباس (أبو مازن)، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحد السياسيين القلائل جداً من الفلسطينيين والعرب الذين يسجلون خبراتهم السياسية اليومية إلى كتابات تخرج على شكل كتب أو مقالات سياسية، تلقي الضوء على فترات حساسة من عملهم السياسي. ويلقى الكتيب الأخير (سقوط حكومة نتنياهو) الذي صدر في عام 1999، الضوء على احدى المراحل الحساسة في مسيرة عملية التسوية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، هي فترة حكم نتنياهو (يونيو 1996 – يوليو 1999) التي تميزت بالجمود. يستعرض أبو مازن في كتابه هذا الأسباب الرئيسية التي أسهمت في سقوط حكومة نتنياهو، فيذكر مثل خلاف نتنياهو مع الادارة الأمريكية ومع الرئيس بيل كلينتون تحديداً بسبب رفض نتنياهو غير المعلن لتنفيذ اتفاق واي ريفر (23 أكتوبر 1998) الذي اعتبره الرئيس كلينتون اتفاقه الشخصي، ثم مواقف الجاليات اليهودية في أمركيا التي دعمت حملة باراك الانتخابية، الأمر الذي أثار كثيراً من الانتقادات داخل إسرائيل، حيث اعتبرها الليكود تدخلاً مباشراً من الجالية اليهودية الأمريكية في الانتخابات الاسرائيلية، كذلك الفتور في العلاقات الإسرائيلية – الأوروبية خلال حكم نتنياهو، إلى غير ذلك من الأسباب. ولعل أهم ما يتحدث عنه أبو مازن في كتابه هذا هو مسألة الاعلان عن الدولة الفلسطينية، فيذكر أنه بدا واضحاً للقيادة الفلسطينية بأن تحديد موعد الانتخابات الإسرائيلية في 17/5/1999 كان نوعاً من التواطؤ بين حكومة نتنياهو والمعارضة الممثلة في حزب العمل، وذلك بهدف تفويت موعد 4/5/1999 دون تمكين السلطة الفلسطينية من اعلان الدولة، وفقاً لما كان مقرراً منذ عدة أشهر. وكان لابد من التحرك فلسطينياً لاثارة موضوع اعلان الدولة على أوسع نطاق، وذلك بهدف سد الفراغ السياسي الحاصل نتيجة رفض نتنياهو تنفيذ الاتفاقات الموقعة وانشغاله بالحملة الانتخابية. وكان أهم حدث في هذا المجال هو الزيارات المكوكية التي قام بها الرئيس عرفات، لأكثر من ستين دولة في العالم، لدفع هذه الدول لتأييد الاعلان عن الدولة الفلسطينية ولكسب تأييدها في حال اضطرار السلطة الفلسطينية للإعلان عن الدولة بشكل أحادي. فكانت حصيلة هذه الجولات وثيقتان هامتان جداً هما: البيان الأوروبي الصادر في 26/3/1999، المعروف ببيان برلين الذي يؤيد موقف السلطة الفلسطينية في اعلان الدولة ولكنه يتمنى عليها الانتظار ريثما تنجلي الأمور على الساحة الإسرائيلية. ثم الرسالة التاريخية التي بعث بها الرئيس كلينتون للرئيس عرفات في 26/4/1999، التي عبر فيها عن موقف أمريكي متطور نحو الدولة الفلسطينية والعلاقات الفلسطينية – الأمريكية. ولعل الأهم من ذلك، وفقاً لأبو مازن، هو كون التحرك الدبلوماسي للرئيس عرفات كان في حقيقته حركة ذكية مارسها أبو عمار دون أن يفصح لأحد عن نواياه المتمثلة في عدم الاعلان عن الدولة في 4/5/1999، لأن مثل هذا الاعلان من شأنه أن يخدم نتنياهو في حملته الانتخابية ويؤدي إلى فوزه في الانتخابات. هكذا يقول أبو مازن "كان الرئيس عرفات يمسك بالمقود ويعرف متى يستخدم الكوابح ومتى يطلقها، حيث كان الجميع يظنون بأنه ماضٍ قدماً في اعلان الدولة في التاريخ المذكور. فكانت دعوة المجلس المركزي للاجتماع وصدور قرار المجلس المركزي في 27/4/1999 "الذي أخرج القيادة الفلسطينية من المأزق الذي ظن البعض أنها وقعت فيه"، حيث أجل قرار اعلان الدولة ولكنه في نفس الوقت علق القضية الى حين.

ويقول أبو مازن أن نتنياهو كان يترقب ماذا ستفعل السلطة الفلسطينية ازاء اعلان الدولة، وقد أعد لكل موقف تتخذه السلطة رداً سريعاً يجيره لصالح حملته الانتخابية يرفعه شعاراً يسيء فيه إليها. فاذا قام المجلس المركزي باعلان الدولة، سيقول بأن هؤلاء لا يستحقون التعامل معهم لأنهم يقومون بأعمال أحادية الجانب قبل التوصل إلى اتفاق، أما في حال تراجعت السلطة عن الاعلان عن الدولة، فسيقول بأن ذلك يعود إلى صلابة الموقف الإسرائيلي وحزمه تجاه الفلسطينيين الذين لا يفهمون الا لغة التشدد والقوة. لذلك عندما قررت السلطة الفلسطينية تأجيل الاعلان عن الدولة لم ينجح نتنياهو في استقطاب الرأي العام الإسرائيلي، الذي وجد في هذا التأجيل عقلانية واتزاناً، يضاف اليه ادراكه أن هذا القرار جاء لابعاد الشعارات عن ساحة الصراع على مقاعد الكنيست ورئاسة الحكومة. كما عبرت الادارة الأمريكية ودول أوروبية عن ارتياحها لهذا القرار الذي ارتأت فيه قراراً مسؤولاً.

وفي حديث عن الفوارق السياسية بين الحزبين الكبيرين يقول أبو مازن: "أن الليكود بالنسبة لنا أفضل من حزب العمل، لأن سياسة الليكود المتطرفة أدت إلى رفع سمعة السلطة الفلسطينية لدى كل الأوساط"، حيث قام الرئيس أبو عمار بزيارة واشنطن خمس مرات في الوقت الذي لم يتمكن نتنياهو من القيام بزيارة واحدة، الأمر الذي اضطره إلى زيارة موسكو. ويقول أبو مازن في هذه النقطة، بأن الذي حسن صورتنا على الساحة الدولية والعالمية، هو اداء السلطة الجيد وتمسكها بالشرعية الدولية والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، حيث لم تترك حجة لأحد عليها اطلاقاً، وبالتالي كان الرأي العام يجري مقارنة بين سياسة واداء السلطة وحكومة الليكود في إسرائيل والفرق الشاسع بين الطرفين، ويضطر إلى تأييد موقف السلطة ويقف ضد حكومة إسرائيل. يضيف أبو مازن، أنه سيتم الحكم على حكومة العمل من خلال تنفيذها لما تم الاتفاق عليه على الأرض وليس من خلال أسماء وزعماء. فاذا سار العمل على نهج الليكود فإنه لن يجد تجاوباً من الجانب الفلسطيني، وإذا اختلفت سياسته فإنه لن يكون عرضه للانتقاد ويسهل التعامل معه من منطلق الشرعية الدولية وتطبيق الاتفاق.

وفي حديثه عن دور العاهل المغربي الراحل (الملك الحسن) يقول أبو مازن: بأن الملك الحسن الثاني اتخذ موقفاً صارماً من حكومة نتنياهو بعدم اجراء الاتصالات معها أو تبادل الزيارات نتيجة لمواقفها من عملية السلام، حيث قام الملك الحسن الثاني بالتشاور مع رؤساء الجالية المغربية في إسرائيل ورؤساء الجاليات الشرقية وحثهم على الاختيار المناسب لدفع عملية السلام، الأمر الذي ساهم في انتقال أصوات كبيرة من اليمين لصالح إيهود باراك.

لقد ألقى هذا الكتيب أضواءً على مرحلة نتنياهو، وسوف ينتظر من أبو مازن إلقاء الضوء على فترة إيهود باراك وما حملته من عناصر تفجير.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م