تقرير لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق 30نيسان 2001

 

سليمان ديمريل

الرئيس التاسع للجمهورية التركية

توربيان ياغلاند

وزير خارجية النرويج

جورج ميتشل (رئيساً)

عضو سابق ورئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي

وارن رودمان

عضو سابق في مجلس الشيوخ الأمريكي

خافير سولانا

الممثل الأعلى لسياسة الأمن والتعاون في الاتحاد الأوروبي

 


 

المحتويات

·          مقدمة

·          نقاش

·          ما الذي حدث ؟

·          لماذا حدث ؟

·          إنهاء العنف.

·          إعادة بناء الثقة.

·          استئناف المفاوضات

·          التوصيات

·          ملاحق

مقدمة

في 7 تشرين الأول 2000، وفي اختتام أعمال مؤتمر الشرق الأوسط للسلام في شرم الشيخ، مصر، تحدث رئيس الولايات المتحدة نيابة عن المشاركين(حكومة إسرائيل، السلطة الفلسطينية، حكومة مصر، الأردن، الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي) ومن بين أشياء أخرى، قال الرئيس:

" إن الولايات المتحدة سوف تطوّر مع الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالتشاور مع أمين عام الأمم المتحدة، لجنة لتقصي الحقائق حول أحداث الأسابيع الماضية وكيفية منع تكرارها، إن تقرير اللجنة سيكون مُلكاً لرئيس الولايات المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة والفرقاء قبل نشره، وسيتم تقديم تقرير نهائي للنشر تحت رعاية رئيس الولايات المتحدة” (1).

وفي 7 تشرين الثاني 2000، وبعد التشاور مع باقي المشاركين، طلب منّا الرئيس أن نعمل فيما أصبح يعرف لاحقاً بلجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق، وفي رسالة موجهة لنا يوم السادس من ديسمبر 2000، قال الرئيس :

" إن هدف اللقاء والاتفاقية الناتجة عنه هو إنهاء العنف، ومنع تكراره، وإيجاد طريق العودة إلي مسيرة السلام. في إجراءاتها وطريقة عملها، على اللجنة أن تسترشد بهذه الأهداف الملزمة. على اللجنة(وأي عضو من أعضائها) محاولة قيادة الأمور بعيداً عن أي خطوة من شأنها تكثيف اللوم المشترك أو التأشير بإصبع الاتهام بين الفرقاء، وكما وضحت في رسالتي السابقة" لا ينبغي أن تصبح اللجنة مصدر خلاف أو نقطة تركيز للـلّوم أو الاتهام، بل عليها أن تستخدم ككابحة للعنف والمواجهة وتقديم العبر للمستقبل إنها لا يجوز أن تكون محكمة هدفها تحديد جُرم أو براءة أفراد أو فرقاء، عوضاً عن ذلك، عليها أن تكون لجنة تقصي حقائق هدفها تحديد ما حدث وكيفية منع تكراره في المستقبل” (2)

بعد اجتماعنا الأول، الذي عُقد قبل زيارتنا للمنطقة، طلبنا وقف كل أنواع العنف. أما اجتماعاتنا وملاحظاتنا أثناء الزيارات المتعاقبة للمنطقة فقد زادت من قناعاتنا بهذا الخصوص، وبغض النظر عن مصدره، فإن العنف لن يحل مشاكل المنطقة، إنه فقط سوف يزيدها سوءاً. إن الموت والدمار لن يأتي بالسلام، بل سيعمق الكراهية ويصلّب العزيمة لدى الجانبين. ثمّة طريق واحد للسلام، وللعدل والأمن في الشرق الأوسط، ألا وهو المفاوضات.

فبالرغم من التاريخ الطويل والجوار، يبدو أن بعض الإسرائيليين والفلسطينيين لا يتفهمون بشكل كامل مشاكل وهموم الطرف الآخر، يبدو واضحاً أن بعض الإسرائيليين لا يستوعبون الإذلال والإحباط الذي يتحمله الفلسطينيون بشكل يومي، نتيجة اضطرارهم للعيش مع نتائج الاحتلال المدعوم بتواجد قوات عسكرية إسرائيلية ومستوطنات مغروسة في وسطهم، ولا يفهمون إصرار الفلسطينيين على الحصول على الاستقلال وتقرير مصير حقيقي، كما يبدو واضحاً أن بعض الفلسطينيين لا يتفهمون مدى الخوف الذي يخلقه الإرهاب بين الشعب الإسرائيلي، مما يضعف إيمانهم بإمكانية التعايش، أو إصرار الحكومة الإسرائيلية على عمل كل ما هو ضروري لحماية شعبها.

إن الخوف، والكراهية، والغضب، والإحباط قد تصعّد لدى الطرفين. إن الخطر الأعظم هو على ثقافة السلام، التي تمت تغذيتها عبر العقد السابق، والتي تحطمت، وبدلاً منها هناك إحساس متعاظم من عدم الجدوى واليأس، ولجوء متزايد نحو العنف.

إن على القادة السياسيين في كلا الطرفين التصرف والكلام بحزم لكبح هذه التوجهات الخطرة، عليهم أن يعيدوا إحياء الرغبة والدافعية للسلام. إن ذلك سوف يكون صعباً، لكنه ممكن ويجب عمله، لأن البديل غير مقبول ولا يجوز أن يكون مجال تفكير.

إن شعبين يتسمان بالكبرياء يقتسمان الأرض والمصير، وقد أدت ادّعاءاتهما وخلافاتهما الدينية إلي صراع مستمر أضعف الروح المعنوية وضرب الفهم بقيمة الإنسان. بإمكانهما أن يستمرا في الصراع، أو أن يتفاوضا لإيجاد طريق للعيش جنباً إلي جنب بسلام.

ثمة سجل من الإنجازات، ففي عام 1991 عقد أول مؤتمر للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مدريد من أجل إنجاز سلام قائم على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي 242 و 338. وفي عام 1993 التقت م.ت. ف وإسرائيل في أوسلو في مفاوضات وجهاً لوجه ولأول مرّة، لقد أدى ذلك إلي اعتراف مشترك والى إعلان مبادئ (وقّعته الأطراف في واشنطن دي سي يوم 13 سبتمبر، 1993) وكان ذلك بمثابة خريطة طريق للوصول إلي نهاية المطاف المتفق عليه في مدريد. منذ ذلك الوقت، اتخذت خطوات ضرورية في القاهرة وواشنطن وأماكن أخرى، وفي السنة الماضية اقترب الفرقاء كثيراً من إنجاز حل نهائي. كل ذلك أُنجز، لكن الكثير في خطر. إذا نجح الفرقاء في إكمال الرحلة إلي هدفهم النهائي، فإن الالتزامات المتفق عليها يجب أن تُنفذ، وأن يتم احترام القانون الدولي، وحماية حقوق الإنسان. إننا نشجعهم على العودة إلي المفاوضات، مهما كانت الصعوبات، إنها الطريق الوحيد إلي السلام والعدالة والأمن.

 

النقاش

يتضح من أقوال المشاركين في لقاء أكتوبر الماضي الأمل والنية بأن انفجار العنف، الذي كان قد مضى عليه أقل من شهر، سينتهي سريعاً. إن رسائل رئيس الولايات المتحدة لنا، والتي تطلب منا وضع توصيات حول كيفية منع استئناف العنف، توضح تلك النية.

مع ذلك فإن العنف لم يتوقف، بل لقد ازدادت الأمور سوءاً، وعليه فإن الهمّ الأساسي بالنسبة لأولئك الذين تحدّثنا معهم في المنطقة هو إنهاء العنف، والعودة إلي عملية بناء السلام الدائم، هذا ما أُخبرنا به، وما طُلب منّا أن نعالجه من قبل كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. كانت تلك أيضاً الرسالة التي فهمناها من الرئيس المصري مبارك والملك عبد الله ملك الأردن، وأمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان.

إن همّهم هو همُّنا،وإذا أريد لتقريرنا أن يكون له أي تأثير، فإنه يجب أن يتعامل مع الوضع القائم، والذي يختلف عن الوضع الذي تصوره المشاركون في اللقاء. في هذا التقرير سنحاول الإجابة عن الأسئلة التي كلّفنا بها من قبل لقاء شرم الشيخ : ماذا حدث ؟ لماذا حدث ما حدث ؟ في ضوء الوضع الحالي، علينا أن نشرح الجزء الثالث من مهمتنا : كيف يمكن منع حدوث العنف ؟ إن أهمية وتأثير عملنا، في نهاية المطاف، سيقاس من خلال التوصيات التي نقدمها فيما يتعلق بالأمور التالية :

- إنهاء العنف

- إعادة بناء الثقة

- استئناف المفاوضات

ماذا حدث ؟

نحن لسنا محكمة. لقد التزمنا بما طلب منّا، أن لا نحدّد جرم أو براءة أفراد أو جهات.لم يكن لدينا سلطة إجبار أحد على الشهادة أو تزويدنا بالوثائق، معظم المعلومات التي تلقيناها جاءت من الفرقاء، ومفهوم إنها تميل إلي دعم وجهات نظرهم.

في هذا الجزء من تقريرنا، لا نحاول أن نضع الأحداث منذ أواخر سبتمبر 2000 وما تبعها بشكل متسلسل، عوضاً عن ذلك، فإننا نناقش تلك الأحداث التي تلقي الضوء على الأسباب المؤدية للعنف.

في أواخر أيلول 2000، تلقى الإسرائيليون والفلسطينيون، ومسؤولون آخرون تقارير مفادها أن عضو الكنيست (الذي يشغل الآن منصب رئيس الوزراء) أريئيل شارون يخطط لزيارة الحرم الشريف - جبل الهيكل في القدس- حثّ المسؤولون الفلسطينيون والأمريكيون رئيس الوزراء آنذاك -ايهود براك– على منع تلك الزيارة(3). السيد باراك أبلغنا أنه يعتقد أن القصد من الزيارة عمل سياسي داخلي موجه ضده من قبل معارض سياسي، وأنه قد رفض أن يمنعها.

قام السيد شارون بزيارته تلك يوم 28 أيلول، يرافقه ما يزيد على ألف من قوات الشرطة الإسرائيلية، ورغم أن الإسرائيليين نظروا للزيارة ضمن سياق السياسة الداخلية، فقد رآها الفلسطينيون استفزازية. في اليوم التالي، وفي المكان نفسه، حدثت مواجهة بين عدد كبير من الفلسطينيين المتظاهرين غير المسلحين وعدد كبير من قوات الشرطة الإسرائيلية،وبناء على تقرير من الخارجية الأمريكية” قام الفلسطينيون بمظاهرات ضخمة وقذفوا قوات الشرطة بالحجارة في منطقة الحائط الغربي، استخدم الجيش الرصاص المطاطي والذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين مما أدى إلي قتل أربعة أشخاص وإصابة حوالي مئتي شخص بجروح” (4) ووفقاً لمصادر الحكومة الإسرائيلية فقد تم جرح أربعة عشر شرطياً إسرائيليا (5).

وحدثت مظاهرات مماثلة خلال الأيام اللاحقة،" (6) هكذا بدأ ما عرف فيما بعد ”بانتفاضة الأقصى" (الأقصى هو مسجد في الحرم الشريف / جبل الهيكل).

الحكومة الإسرائيلية تؤكد أن المحفّز الفوري للعنف كان انهيار محادثات "كامب ديفيد" يوم 25 تموز 2000 و"التقدير المتزايد في المجتمع الدولي لمسؤولية الفلسطينيين عن الطريق المسدود"(7) وحسب وجهة النظر هذه، فإن العنف الفلسطيني كان مخططاً له من قبل قيادة السلطة الفلسطينية، وكان هدفه "استفزاز وإيقاع ضحايا فلسطينيين كطريقة لاستعادة المبادرة الديبلوماسية"(8).

لقد أنكرت م. ت. ف الاتهامات بأن الانتفاضة كان مخططاً لها، وهي تدعي، على كل حال، أن "كامب ديفيد" لا تمثل أكثر من محاولة من قبل إسرائيل لمدّ نفوذها الذي تمارسه على الأرض إلى المفاوضات(9) وأن "فشل القمة ومحاولات إلصاق اللوم بالجانب الفلسطيني أضاف إلي الاحتقان على الأرض" (10).

من خلال وجهة نظر م. ت. ف، استجابت إسرائيل لأحداث الشغب بعنف زائد واستخدام غير قانوني للأسلحة الفتاكة ضد المتظاهرين، وهو تصرّف، من وجهة نظر م.ت.ف، عكس احتقار إسرائيل لحياة وأمن الفلسطينيين. بالنسبة للفلسطينيين، فإن المشاهد التي نشرت بكثافة لمقتل ابن الثانية عشرة محمد الدرة في غزة يوم 30 أيلول، والذي قُتل وهو يحتمي بوالده، تعزز ذلك التصوّر.

ومن منظور الحكومة الإسرائيلية، فإن المظاهرات كانت تُنظم وتوجه من قبل القيادة الفلسطينية لخلق حالة من التعاطف الدولي مع قضيتهم من خلال استفزاز قوات الأمن الإسرائيلية لإطلاق النار على المتظاهرين، خاصة الصبية الصغار. بالنسبة للإسرائيليين، فإن تنفيذ حكم الموت بإسرائيليين من قوات الاحتياط هما ملازم أول فاديم نوفيتش وعريف أول يوسف أفراهايمي، في رام الله يوم 12تشرين الأول 2000، عكس كراهية متأصلة عميقة لإسرائيل واليهود.

إن ما بدأ كسلسلة من المواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية،والذي كانت نتيجته أن فرضت الحكومة الإسرائيلية قيوداً على حركة الناس، والبضاعة في الضفة الغربية وقطاع غزة (الإغلاقات) قد تطوّر منذ ذلك الحين إلي مجموعة من الأعمال العنفية وردود الفعل، كان هناك تبادل لإطلاق النار في مناطق مكتظة، وحالات قنص، و صدامات بين المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكانت هناك أيضاً حوادث إرهابية وردود فعل إسرائيلية (صنّفتها الحكومة الإسرائيلية على أنها كبح للإرهاب) بما في ذلك عمليات قتل وتدمير للأملاك وإجراءات اقتصادية.. ومؤخراً كان هناك هجمات بقذائف المورتر على مواقع إسرائيلية تلتها غارات لجيش الدفاع الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية.

من وجهة النظر الفلسطينية، فإن قرار إسرائيل توصيف الأزمة الراهنة على أنها "صراع مسلّح يقترب من الحرب”(11) يعتبر ببساطة وسيلة "لتبرير سياسة الاغتيال، وسياسة العقاب الجماعي، واستخدام الأسلحة الفتاكة” (12) ! ومن وجهة النظر الإسرائيلية فإن "القيادة الفلسطينية حرّضت ونظمت ووجهت العنف. لقد استخدمت، وتستمر في استخدام الإرهاب والاستنزاف كأدوات استراتيجية” (13).

وفي العروض والوثائق التي قدماها، تبادل كل من الفريقين الاتهامات حول الدافعية ودرجة الضبط التي يمارسها الطرف الآخر، على أية حال لم نزوّد بأدلة مقنعة بأن زيارة شارون كانت أكثر من عمل سياسي داخلي، كذلك لم نزوّد بأدلة مقنعة على أن السلطة الفلسطينية خططت للإنتفاضة.

بناء عليه، لا يوجد لدينا أساس للاستنتاج أنه كانت هناك خطة متعمدة من قبل السلطة الفلسطينية للبدء في حملة عنف واستغلال أول فرصة مواتيه لذلك، أو للإستنتاج بأنه كانت هناك خطة متعمدة للحكومة الإسرائيلية للرد بأسلحة فتاكة.

مع ذلك، لا يوجد أدلة للإستنتاج بأن السلطة الفلسطينية قامت بجهد متواصل للسيطرة على المظاهرات وعلى العنف لحظة حدوثه، أو أن الحكومة الإسرائيلية قامت بجهد متواصل لإستخدام وسائل غير فتّاكة للسيطرة على المظاهرات وعلى الفلسطينيين غير المسلحين. ووسط الغضب المتزايد، والخوف، وعدم الثقة، افترضت كل جهة ما هو أسوأ عن الأخرى وتصرفت بناء على ذلك.

إن زيارة شارون لم تكن سبب” انتفاضة الأقصى” لكن توقيتها لم يكن موفقاً وكان بالإمكان التنبؤ بما يمكن أن تسببه من استفزاز، وفي الحقيقة، لقد تنبأ بنتائجها أولئك الذين طلبوا منع الزيارة. الأمر الأكثر أهمية هو الأحداث التي تلت : قرار الشرطة الإسرائيلية يوم 29 سبتمبر باستخدام وسائل فتاكة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، وما ترتب على ذلك من فشل، كلا الطرفين في ممارسة الضبط، كما أشرنا سابقاً.

لماذا حدث ما حدث ؟

إن جذور العنف الحالي تمتد أكثر عمقاً من أي مؤتمر قمة لم تحل الأمور من جذورها، لقد عبر كل من الطرفين بوضوح عن الخيبة العميقة بسلوك الطرف الآخر التي فشلت في تحقيق التوقعات التي انبثقت عن مسيرة السلام التي انطلقت في مدريد سنة 1991 ثم في أوسلو سنة 1993. لقد اتهم كل طرف الآخر بانتهاك تعهدات محددة وبالنيل من روح التزامه بحل الخلافات السياسية بطرق سلمية.

توقعات متباينة

لقد صدمتنا التوقعات المتباينة التي عبّر عنها الفريقان فيما يتعلق بتطبيق مسيرة أوسلو. إن النتائج التي أنجزت من خلال تلك المسيرة لم يكن يتخيلها أحد قبل أقل من عشر سنوات. وخلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، كان الفريقان أكثر قربا من أي وقت مضى من حلٍ نهائي.

مع ذلك، فإن كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين أبلغونا أن الأساس الذي بنيت عليه مسيرة أوسلو - الوضع الصعب "للحل النهائي" يؤجل إلي نهاية المسيرة - قد وقع بالتدريج تحت ضغط خطير، إن مسيرة الخطوة - الخطوة التي تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف بنيت على الإفتراض بأن كل خطوة في مسيرة التفاوض سوف تؤدي إلي تعزيز الثقة، ومن أجل إنجاز ذلك كان على كل فريق أن يطبق الالتزامات المتفق عليها وعدم اتخاذ ما قد يراه الآخر محاولات إساءة للمسيرة من أجل التحديد المسبق لشكل الحل النهائي، وإذا لم تتم مراعاة هذا المتطلب، فإن خارطة طريق أوسلو لن تؤدي بنجاح إلي مآلها المتفق عليه. اليوم يلوم كل فريق الآخر لأنه يتجاهل هذه السمة الجوهرية، مما تسبب في أزمة في الثقة، وهذه المشكلة أصبحت أكثر إلحاحاً مع افتتاح محادثات الوضع النهائي.

لقد أعطت الحكومة الإسرائيلية أولوية للتحرك نحو اتفاقية للوضع النهائي ضمن مناخ من عدم العنف، يتمشى مع الالتزامات المدرجة في الاتفاقيات بين الفرقاء، "مع أن الأمور سارت أبطأ مما تم تصوره في البداية، فقد كان هناك منذ بداية مسيرة السلام في مدريد سنة 1991، تقدّم متواصل نحو اتفاقية الوضع النهائي دون اللجوء إلي العنف المتصاعد الذي وسم الأسابيع القليلة الماضية"(14) إن "الهدف" هو الاتفاق النهائي، الذي يجب أن يتم التفاوض على بنوده بين الطرفين.

ترى م. ت. ف أن إعاقة العملية نجم عن محاولات إسرائيل إطالة وتعزيز الاحتلال، لقد "اعتقد الفلسطينيون أن اتفاق أوسلو سيؤدي إلي نهاية الاحتلال الإسرائيلي في غضون خمس سنوات”(15) وهي المدة الزمنية التي حدّدت كمرحلة انتقالية في وثيقة إعلان المبادئ، وحسب وجهة النظر الفلسطينية، فبدلاً من ذلك فإن الإعاقات الإسرائيلية المتكررة وصلت ذروتها في قمة كامب ديفيد حيث "عرض الإسرائيليون ضم ما يقارب 11,2% من أراضي الضفة الغربية (باستثناء القدس)..." كما عرض الإسرائيليون عروضاً غير مقبولة بشأن القدس والأمن واللاجئين.” في المجمل فإن العروض الإسرائيلية في كامب ديفيد تضمنت بالإضافة إلي ضم أفضل المناطق الفلسطينية لإسرائيل، السيادة الدائمة لإسرائيل على القدس الشرقية واستمرارية التواجد العسكري الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية والسيطرة الإسرائيلية على المصادر الطبيعية الفلسطينية، والأجواء والحدود الفلسطينية وعودة أقل من 1% من اللاجئين إلي موطنهم”16".

يرى الطرفان أن عدم الالتزام بالإتفاقيات التي تم التوصل إليها منذ بدء العملية السلمية دليل على غياب النية الصادقة. لقد أدت هذه النتيجة إلي انعدام الثقة تماماً حتى قبل بدء المفاوضات النهائية.

منظورات متباينة :

لقد تحولت وجهات النظر هذه خلال السبعة اشهر الماضية إلي حقائق متباينة، حيث ينظر كل طرف إلي الآخر وكأنه تصرف بسوء نية، فتحول تفاؤل أوسلو إلي معاناة وأحزان للضحايا وللأعزاء عليهم، لقد جسد كل طرف سواء بالتصريحات أو الأفعال منظوراً عجز عن إدراك أية حقيقة في وجهة نظر الآخر.

المنظور الفلسطيني : فيما يتعلق بالفلسطينيين فقد بشّرت مدريد وأوسلو بإمكانية قيام الدولة، وضمنت نهاية الاحتلال وقرارات حول القضايا الهامة ضمن مدة زمنية محدّدة. الفلسطينيون غاضبون بصدق من النمو المستمر للمستوطنات. كذلك لدى الفلسطينيين مشاعر غاضبة تجاه تجاربهم اليومية المريرة والمذلة والناجمة عن استمرار الوجود الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية. يرى الفلسطينيون أن وجود المستوطنات والمستوطنين في مناطقهم لا يشكل فقط انتهاكاً لروح عملية أوسلو بل أيضاً تطبيقاً للقوة بشكل ينسجم مع عقلية الهيمنة الإسرائيلية العسكرية والتي تبقي على هذه المستوطنات وتحميها.

" تنص الإتفاقية على أنه " يرى الطرفان أن الضفة الغربية وغزة وحدة مناطقية واحدة، يتم الحفاظ على وضعيتها ووحدتها خلال الفترة الانتقالية”.يترافق مع ذلك، أن الحظر الذي (فرضته) الاتفاقية الانتقالية على اتخاذ أية خطوات قد تؤثر على مفاوضات الوضع النهائي يمنع إسرائيل من الحق في الاستمرار بالسياسة غير الشرعية في التوسع الاستيطاني. بالإضافة إلي الاتفاقية المرحلية فإن القانون الدولي المعروف، بما يتضمن اتفاقية جنيف الرابعة يمنع إسرائيل (كقوة محتلة) من إنشاء مستوطنات في أراضٍ محتلة، بانتظار إنهاء الصراع (17)”.

تزعم منظمة التحرير أن القادة السياسيين الإسرائيليين "لم يخفوا أن التفسير الإسرائيلي لأوسلو تمت صياغته بحيث يتم فصل الفلسطينيين في مناطق غير متواصلة محاطة بحدود يسيطر عليها الإسرائيليون، مع وجود مستوطنات وطرق خاصة بها، تنتهك وحدة المناطق الفلسطينية” (18). وحسب منظمة التحرير الفلسطينية فإنه في السنوات السبع الأخيرة ومنذ إعلان المبادئ تضاعف عدد المستوطنين الإسرائيليين إلي ما يقارب 000, 200 نسمة باستثناء القدس. أما فيما يخص القدس الشرقية فقد ارتفع عدد المستوطنين الى170000 مستوطن. وقد قامت إسرائيل بإنشاء 30 مستوطنة جديدة ووسعت عدداً كبيراً من المستوطنات القائمة لاستيعاب المستوطنين الجدد (19).

كما تدّعي منظمة التحرير إن حكومة إسرائيل فشلت في الإذعان لالتزامات أخرى مثل الانسحاب اللاحق من الضفة الغربية والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين. بالإضافة إلي ذلك عبّر الفلسطينيون عن غضبهم تجاه الطريق المسدود بخصوص مسألة اللاجئين وتدهور الظروف الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

المنظور الإسرائيلي : من وجهة النظر الإسرائيلية فان توسيع النشاط الاستيطاني واتخاذ إجراءات لتسهيل حياة المستوطنين وأمنهم لا يعتبر ماساً بمفاوضات الوضع النهائي.

" إسرائيل تتفهم معارضة الجانب الفلسطيني للمستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي تعترف بان المستوطنات قضية مهمة يجب أن يتم التوصل لاتفاق بشأنها كجزء من أي حل للوضع النهائي دون تحيّز للوضع الرسمي الراهن للمستوطنات. هذه المسألة تم الاعتراف بها والاتفاق عليها في إعلان المبادئ في 13 أيلول 1993 وأيضا في اتفاقيات أخرى بين الجانبين. في واقع الأمر، جرى الكثير من الحوار حول قضية المستوطنات بين الطرفين أثناء المفاوضات التي يمكن أن تؤدي إلي اتفاقية الوضع النهائي” (20).

في الحقيقة، تشير إسرائيل إلي انه خلال قمة كامب ديفيد وأثناء المحادثات اللاحقة لها عرضت حكومة إسرائيل تقديم تنازلات هامة فيما يختص بالمستوطنات في ظل اتفاقية شاملة.

إن الأمن هو الهم الأول لحكومة إسرائيل. تدعي الحكومة الإسرائيلية أن م. ت. ف قد أخلت بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها وذلك بالاستمرار في استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية.”إن الأمن كان وما يزال الهمّ الرئيسي في عملية السلام بالنسبة لإسرائيل... الأمن مسألة لن تساوم إسرائيل بشأنها أو تقدم تنازلات حولها. إن فشل الجانب الفلسطيني في الالتزام بنص وروح البنود المتعلقة بالأمن في العديد من الاتفاقيات كان ولأمد طويل مصدراً لعدم الاستقرار في إسرائيل (21).

وحسب ما ترتأيه الحكومة الإسرائيلية فان الفشل الفلسطيني يتمثل بعدة وجوه : تحريض مؤسساتي ضد إسرائيل واليهود، إطلاق سراح الإرهابيين من السجون، والفشل في السيطرة على الأسلحة غير المرخصة، والقيام بعمليات عنف تتراوح بين إدخال عناصر مسلحة في المظاهرات، بالإضافة إلي اعتداءات إرهابية على مدنيين إسرائيليين.

وتؤكد الحكومة الإسرائيلية أن م. ت.ف خرقت بوضوح إدانتها للإرهاب وأعمال العنف الأخرى (22) وبهذا زعزعت الثقة بشكل كبير بين الفريقين. الحكومة الإسرائيلية ترى أن هناك خيطاً ضمنياً لكنه واضح يدور في الطروحات الفلسطينية، مفاده أن العنف الفلسطيني ضد إسرائيل والإسرائيليين هو أمر شرعي ومبّرر ويمكن تفسيره” (23).

أوقفوا العنف

إن ما مرّ به الإسرائيليون والفلسطينيون سوّيا خلال الشهور الماضية كان إلي حد كبير تجربة شخصية لكل فرد. فمن خلال صلة القرابة والصداقة والدين والمجتمع والمهنة كان لكل شخص في كلا الجانبين صلة بشخص قتل أو أصيب إصابة خطيرة في أحداث العنف الأخيرة. إن رواياتهم مؤثرة جداً. في آخر زيارة لنا للمنطقة التقينا عائلات ضحايا فلسطينيين وإسرائيليين. كانت هذه الروايات الشخصية للأسى والحزن تفطر القلوب وتملأها بحزن لا يوصف. وقد استعملت العائلات الفلسطينية والإسرائيلية الكلمات نفسها للتعبير عن أحزانها، فعندما تتحدث أرملة طبيب إسرائيلي قتيل- وهو رجل سلام تضّمن عمله تقديم العلاج لمرضى فلسطينيين - وتقول : يبدو أن الفلسطينيين مهتمون بقتل اليهود من أجل قتل اليهود وحسب، فإن على الفلسطينيين أن يعيروا انتباها لذلك. وعندما ويستخلص أبوان فلسطينيان قُتل طفلهما وهو نائم في فراشه بطلقة من عيار 500النتيجة ذاتها حول عدم احترام الإسرائيليين لحياة الفلسطينيين بان الإسرائيليون لا يحترمون حياة الفلسطينيين، فإن على الإسرائيليين أن ينصتوا لذلك. وحين نرى أجساد الأطفال المتناثرة، ندرك أنه آن الوقت كي يوقف الكبار العنف.

وفي خضم انتشار العنف صوّر الطرفان بعضهما البعض بالعدائية بشكل تعميمي. لا يمكن كسر هذه الدائرة بسهولة. بدون تصميم جديّ واستعداد للمصالحة، سوف تكون إعادة الثقة أمراً مستحيلاً.

وقف العنف

منذ 1991 التزم الطرفان وبصورة مستمرة في جميع اتفاقياتهم بمنحهم اللاعنف. وقد قاموا بالشيء نفسه مؤخراً في قمتي شرم الشيخ، أيلول 1999 وتشرين أول 2000. ولوقف العنف الآن، فان على السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل عدم معاودة الكرّة ثانية، بل يجب اتخاذ خطوات فورية لإنهاء الصراع والتأكيد من جديد على الالتزامات المتبادلة والبدء في المفاوضات.

استئناف التعاون الأمني

قال لنا المسؤولون الامنيون الفلسطينيون إن هذا الأمر يتطلب بعض الوقت، ربما عدة أسابيع، كي تستعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها الكاملة على العناصر المسلحة التي تقع تحت إمرتها، وتمارس تأثيراً فعالا على العناصر المسلحة الأخرى العاملة في المناطق الفلسطينية. ولم ينازع المسؤولون الامنيون الإسرائيليون هذه التأكيدات.المهم أن تقوم السلطة الفلسطينية بكل ما تستطيع من جهد لتطبيق وقف شامل للعنف وان يكون هذا جلياً للحكومة الإسرائيلية. وبشكل مماثل، على الحكومة الإسرائيلية أن تقوم هي الأخرى ببذل جهد كامل (100% لضمان عدم جعل نقاط الاحتكاك المحتملة حيث يحتك الفلسطينيون بالمسلحين الإسرائيليين) مسرح لمواجهات جديدة.

أن انهيار التعاون الأمني في بداية أكتوبر قد عكس القناعة لدى كل طرف بأن الآخر قد الزم نفسه بطريق العنف اتجاه الآخر. ولو أن الفريقين يرغبان في الوصول إلي 100% من الجهود لمنع العنف، فان الاستئناف الفوري للتعاون الأمني يكون إلزامياً.

إننا نتفهم تردد السلطة الفلسطينية في أن تُرى وكأنها تسّهل عمل قوات الأمن الإسرائيلية في غياب سياق سياسي واضح (أي مفاوضات ذات مغزى) وتحت تهديد التوسع الاستيطاني الإسرائيلي. حقاً، إن التعاون الأمني لايمكن دعمه بدون مثل تلك المفاوضات، ومع استمرار إجراءات ترى على أنها تؤثر على نتيجة المفاوضات.مع ذلك، فإن احتمالات استمرار العنف تزداد في غياب التعاون الأمني.زد على ذلك، فانه وبدون تعاون أمني فعّال، فان الفريقين سيمضيان في اعتبار كل عمل من أعمال العنف (من الطرف الآخر) مُجازاً رسمّيا.

وحتى يتم التغلب على الطريق المسدود الراهن، على الجانبين التفكير بالطريقة الأمثل لاحياء التعاون الأمني. إننا نثمن الجهود الحالية في ذلك الشأن. التعاون الفعّال يعتمد على خلق ودعم مناخ من الثقة وعلاقات شخصية طيبة.

إن الأمر متروك للفرقاء أنفسهم ليتحملوا عبء التعاون اليومي، إلا انه عليهم أن يبقوا منفتحين لقبول مساعدة من آخرين لتسهيل عملهم. مثل تلك المساعدة الخارجية يجب أن تحظى بموافقة مشتركة، وان لا تهدد الترتيبات الثنائية الجيدة، وأن لا تكون بمثابة محكمة أو تدخلاً بين الطرفين. كان هناك تعاون أمني جيد حتى السنة الماضية استفاد من المساعي الحميدة للولايات المتحدة (واعترف الجانبان بأنها مثمرة)، وقد تم دعمها بشكل غير مباشر بمشاريع أمنية ومساعدة من الاتحاد الأوروبي. إن دور المساعدة الخارجية يجب أن يتمثل في خلق الإطار المناسب، ودعم النوايا الحسنة لدى الجانبين وإزالة الخلاف ما أمكن، إن هذا الإطار يجب أن يرى باعتباره يسهم في سلامة ورفاهية كلا الشعبين إذا أريد لهذه الجهود أن تحظى بقبول هذين الشعبين.

إعادة بناء الثقة

لقد عبرت المصافحة التاريخية بين الرئيس عرفات ورئيس الوزراء اسحق رابين التي تمت في البيت الأبيض في أيلول 1993، عن آمال الطرفين بأن الباب نحو حل سلمي للخلافات قد بات مفتوحاً. على الرغم من العنف الراهن وفقدان الثقة المتبادل، فقد عبر الجانبان مراراً عن رغبتهما في السلام. وقد تأكدت صعوبة تحويل هذه الرغبة إلي تقدم حقيقي. إن استعادة الثقة أمر ملح، ويتعين على الجانبين اتخاذ خطوات ثابتة لتحقيق هذا الغرض. وفي ضوء المستوى العالي من العداء وفقدان الثقة، فإن توقيت وتعاقب هذه الخطوات يتسم بالأهمية الواضحة، وهو ما يمكن إقراره من قبل الأطراف، ونحن ندعوهم للبدء في اتخاذ القرارات اللازمة فوراً.

الإرهاب : في مذكرة شرم الشيخ التي صدرت في أيلول 1999، تعهدت الأطراف بأن تبدأ العمل ضد "أي عمل إرهابي أو التهديد، أو العنف أو التحريض” ومع أن المستويات الثلاثة من العدوانية تستحق الشجب، فانه لم يكن من قبيل المصادفة أن الإرهاب قد تبوأ رأس القائمة. ويشمل الإرهاب القتل والجرح المتعمد لأشخاص غير محاربين يتم اختيارهم عشوائياً لأهداف سياسية. ويهدف إلي الوصول إلي نتائج سياسية من خلال بث الرعب وإشاعة الفوضى في أوساط الجمهور. انه لأمر غير أخلاقي وسوف يرتد في النهاية على أصحابه. إننا نشجبه وندعو الأطراف لتنسيق جهودها الأمنية للتغلب عليه.

في التقارير والمذكرات التي قدمتها، وجهت الحكومة الإسرائيلية اتهامها للسلطة الفلسطينية بدعم الإرهاب عبر إطلاق سراح إرهابيين كانوا قيد الاحتجاز، والسماح لأفراد من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بالتحريض، وفي بعض الحالات بالقيام بعمليات إرهابية، ووقف التعاون الأمني مع الحكومة الإسرائيلية. وقد نفت السلطة الفلسطينية بشدة هذه الاتهامات، ولكن الإسرائيليين يصرون على الاعتقاد بأن قيادة السلطة الفلسطينية لم تبذل أية جهود حقيقية على امتداد الشهور السبعة الماضية لمنع الإرهاب الموجه لإسرائيل. إن مثل هذا الاعتقاد بذاته يشكل عائقاً رئيسياً أمام إعادة بناء الثقة.

إننا نعتقد أن على السلطة الفلسطينية مسؤولية في المساعدة في إعادة بناء الثقة عبر الإيضاح لكلا الشعبين بأن الإرهاب مدان ومرفوض، وعبر اتخاذ كافة الإجراءات لمنع العمليات الإرهابية ومعاقبة مرتكبيها. ويجب أن يشمل هذا الجهد خطوات فورية بمنع الإرهابيين من العمل داخل المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية.

المستوطنات : كما أن على الحكومة الإسرائيلية مسؤولية في إعادة بناء الثقة. إذ سيكون من الصعب تكريس وقف العنف الفلسطيني - الإسرائيلي ما لم تجمد الحكومة الإسرائيلية كافة نشاطات البناء الاستيطاني. ويتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تفكر ملياً في ما إذا كانت المستوطنات. التي تشكل نقاط إثارة لخلافات جوهرية - موضوعاً لمقايضات ذات قيمة في المناقشات اللاحقة، أو لاستفزازات محتملة تحول دون الشروع في أية مفاوضات مثمرة.

هذا الموضوع مثير للخلاف طبعاً. فسوف ينظر كثير من الإسرائيليين إلي توصيتنا على أنها تعبير عن الواقع وسوف يدعمونها، وسوف يعارضها آخرون، ولكن لا يجب السماح للنشاطات الاستيطانية بان تحبط استعادة الهدوء والعودة إلي المفاوضات.

على امتداد نصف قرن من وجودها، تلقت إسرائيل دعماً قوياً في الولايات المتحدة. وفي المحافل الدولية، كانت الولايات المتحدة أحياناً الدولة الوحيدة التي تصوت إلي جانب إسرائيل. ومع ذلك، وحتى في إطار مثل هذه العلاقة القوية، فان هناك بعض الخلافات. وفي المقدمة من هذه الخلافات، تأتي المعارضة الدائمة من جانب حكومة الولايات المتحدة لسياسات وممارسات الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستيطان. وكما علق وزير الخارجية الأمريكية في حينه، جيمس بيكر في 22 أيار 1991.

في كل مرة من المرات الأربع التي ذهبت فيها إلي إسرائيل بشأن عملية السلام، ووجهت بالإعلان عن نشاط استيطاني جديد. أنه أمر يخالف سياسة الولايات المتحدة. انه الأمر الأول الذي يطرحه العرب... والحكومات العربية، الأمر الأول الذي يطرحه الفلسطينيون في المناطق، والذين يعيشون فعلاً أوضاعاً مزرية - الأمر الأول الذي يطرحونه عندما نتحدث إليهم. أنا لا أعتقد أن هناك عقبة في وجه السلام اكبر من النشاط الاستيطاني الذي يتواصل ليس فقط بكل قوة ولكن بسرعة. (24)

السياسة التي وصفت من قبل الوزير بيكر، بالنيابة عن إدارة الرئيس جورج بوش، مثلت في جوهرها سياسة كل الإدارات الأميركية على امتداد ربع القرن الماضي”(25).

وكانت معظم الدول الأخرى، بما في ذلك تركيا، النرويج، ودول الاتحاد الأوروبي، قد انتقدت النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، ووفقاً لآرائها فإن مثل هذه المستوطنات تعتبر غير شرعية في ظل القانون الدولي ولا تتفق والاتفاقيات السابقة.

وخلال كل من الزيارتين اللتين قمنا بها إلي المنطقة، كانت هناك تصريحات إسرائيلية توسيع المستوطنات، وكانت هذه القضية، بصورة شبه دائمة، القضية الأولى التي يثيرها الفلسطينيون الذين التقينا بهم، وخلال زيارتنا الأخيرة، لاحظنا آثار وجود 6400 مستوطن على 140 ألف فلسطيني في الخليل (26) وأكثر من 6500 مستوطن على 1,100,000 فلسطيني في قطاع غزة (27)، وتصور الحكومة الإسرائيلية سياستها بأنها تمنع إقامة مستوطنات جديدة، ولكنها تسمح بالتوسع في المستوطنات القائمة لاستيعاب "النحو الطبيعي” ويؤكد الفلسطينيون بأنه لا فرق بين المستوطنات "الجديدة" و"الموسعة"، وانه فيما عدا تجميد قصير في عهد رئيس الوزراء اسحق رابين، فقد بذلت إسرائيل جهوداً متواصلة وعدوانية لزيادة عدد وحجم المستوطنات.

وقد نوقش هذا الموضوع باستضافته داخل إسرائيل، ففي ملحق هآرتس باللغة الإنجليزية 10 أبريل 2001 ورد ما يلي :

إن الحكومة التي تحاجج بأن هدفها هو الوصول إلي حل للصراع مع الفلسطينيين عبر وسائل سلمية، وتحاول في هذه المرحلة إنهاء العنف والإرهاب، يجب أن تعلن عن إنهاء البناء في المستوطنات (28).

لقد تغيرت الظروف في المنطقة كثيراً عما كانت عليه قبل حوالي عشرين عاماً، ومع ذلك لا تزال كلمات الرئيس رونالد ريغين ملائمة "أن الالتزام الفوري من قبل إسرائيل بتجميد المستوطنات، وأكثر من أي عمل آخر، يمكن أن يخلق الثقة المطلوبة....”

وبالإضافة إلي المميزات الواضحة التي يتسم بها تجميد الاستيطان من أجل بناء الثقة، فإننا نشير هنا إلي أن الكثير من المواجهات خلال هذا الصراع، قد اندلعت في نقاط يلتقي فيها الفلسطينيون والمستوطنون، حيث تقوم قوات الأمن بحماية المستوطنين. إن الحفاظ على كل من السلام ونقاط الاحتكاك تلك سيكون أمراً صعباً.

خفض التوتر: لقد أبلغنا من قبل كل من الفلسطينيين والإسرائيليين بان الانفعالات التي نجمت نتيجة العدد الكبير من الوفيات والجنازات الأخيرة قد خلقت مواجهات جديدة، وأدت بالنتيجة إلي استمرار دائرة العنف. ليس بوسعنا أن نحث أياً من الطرفين على التوقف عن تنظيم المظاهرات، ولكن على الطرفين أن يوضحا انه لن يتم التساهل مع المظاهرات العنيفة. إن بوسعنا أن، وسنعمل على حث الأطراف على أن تبدي احتراماً اكبر لحياة الإنسان عندما يتصادم المتظاهرون مع قوات الأمن. وعلاوة على ذلك، فان تجديد الجهود لوقف العنف يمكن أن يمثل، ولوقت محدود، فترة "تهدئة" يمكن من خلالها عدم تشجيع المظاهرات الجماهيرية في أو بالقرب من نقاط الاحتكاك، من أجل كسر دائرة العنف. وفي حال استمرار المظاهرات، فإننا نحث على أن يحافظ كل من المتظاهرين ورجال الأمن على المسافة التي تفصل بينهما من أجل خفض احتمالات المواجهة المميتة.

الفعل ورد الفعل : لقد شاهد أعضاء من اللجنة واقعة شملت إلقاء الحجارة في رام الله، من مواقع الجانبين على الأرض، كان الأشخاص المتواجدون غالباً من الشباب، وقد كان غياب قيادة عالية المستوى في جانب جيش الدفاع الإسرائيلي أمراً مثيراً للاستغراب، تماماً كما كان واضحاً غياب مسؤولين أمنيين أو رسميين يمكن أن ينصحوا بالتعقل في الجانب الفلسطيني.

وبشأن مثل هذه المواجهات، تقول الحكومة الإسرائيلية أن "إسرائيل منخرطة في صراع مسلح يقترب من الحرب. انه ليس شغباً أو مظاهرات أو تمرداً مدنياً، بل تعبر عنه خمس عمليات إطلاق نار كبيرة الحجم، نفذت من قبل ميليشيا مسلحة ومنظمة جيداً..." (29) ومع أن جيش الدفاع الإسرائيلي يعترف بأن من بين 9000 "هجوم" قام به الفلسطينيون ضد إسرائيل فإن" ما يقرب من 2700” (حوالي 30%) شملت استخدام أسلحة أوتوماتيكية، بنادق، مسدسات، قنابل ومتفجرات من أنواع أخرى" (30).

وهكذا، وعلى مدى الشهور الثلاثة الأولى من الانتفاضة الحالية، فان معظم الحوادث لم تشمل استخدام الفلسطينيين للأسلحة النارية والمتفجرات. وقد أشارت منظمة بتسيلم إلي انه، "وفقاً لمصادر جيش الدفاع الإسرائيلي، فان 73% من الحوادث (من 29 أيلول وحتى 2 كانون الأول 2000) لم تتضمن استخدام الفلسطينيين للأسلحة النارية. وبرغم ذلك فإن معظم الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا سقطوافي هذه الأحداث..." (31) وعلى امتداد الشهور السبعة الماضية، فان حوالي 500 شخص قد قتلوا وما يزيد على 10 آلاف قد جرحوا، والغالبية الساحقة من الفئتين هم من الفلسطينيين. إن الكثير من عمليات القتل هذه كان يمكن تجنبها، وكذلك الأمر بشأن القتلى الإسرائيليين.

إن توصيف للصراع كما ورد آنفاً، هو عام أكثر مما ينبغي، لانه لا يصف على نحو كاف تنوع الأحداث منذ أواخر أيلول 2000. إضافة إلي ذلك، فانه عبر تعريف كهذا للصراع، قام جيش الدفاع الإسرائيلي بوقف العمل بسياسة إجراء التحقيق من قبل دائرة تحقيقات الشرطة العسكرية عندما يتعرض أحد الفلسطينيين للقتل على أيدي جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في حادث لا يتعلق بالإرهاب. ووفقاً للجانب الإسرائيلي فانه "حيث ترى إسرائيل أن هناك سبباً للتحقيق في حادثة معينة فإنها تفعل ذلك، مع أنها في ضوء ظروف الصراع المسلح لا تفعل ذلك بشكل روتيني" (32). إننا نعتقد انه بالتخلي عن هذا التوصيف الإجمالي صراع مسلح يقترب من الحرب"، وعبر العودة إلي التحقيق الإلزامي من جانب الشرطة العسكرية، فان الحكومة الإسرائيلية يمكن أن تساعد في تخفيض العنف القاتل وفي إعادة بناء الثقة المتبادلة. وعلى الرغم من الخطر الذي يمثله رماة الحجارة فإنه يجب بذل الجهود للتمييز بين الإرهاب والاحتجاجات.

لقد برز الخلاف بين الأطراف حول ما تسميه إسرائيل استهداف العدو الفرد المقاتل" (33)، وتصف منظمة التحرير هذه الأعمال بأنها "عمليات إعدام غير قانونية" (34) وتقول أن إسرائيل تمارس العمل ب "بسياسة الاغتيال، التي تخالف بوضوح المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة... (35) وتقول الحكومة الإسرائيلية أن أي عمل قامت به إسرائيل، فإنها قامت به تماماً في حدود المبادئ ذات الصلة بالأعمال أثناء القتال" (36).

فيما يتعلق بالمظاهرات، تقر الحكومة الإسرائيلية بأن حالات فردية من الردود المفرطة يمكن أن تكون قد حدثت، فبالنسبة لجندي أو وحدة عسكرية تحت هجوم فلسطيني، فان المعادلة ليست الجيش الإسرائيلي ضد عدد من المحتجين الفلسطينيين. أنها معادلة شخصية” (37).

إننا نتفهم هذا الأمر، خاصة وان الصخور يمكن أن تؤدي إلي الإعاقة أو حتى أن تقتل. انه ليس أمرا سهلاً بالنسبة لعدد من الجنود الشباب، تواجههم أعداد كبيرة من المتظاهرين المعادين، أن يتمكنوا من إجراء تمييز قانوني دقيق وفوري. ومع ذلك يتعين على هذه "المعادلة الشخصية" أن تتلاءم والأخلاقيات التنظيمية، وفي هذه الحالة القواعد الأخلاقية لجيش الدفاع الإسرائيلي، والتي تنص في جزء منها على :

إن قدسية الحياة الإنسانية في نظر العاملين في جيش الدفاع الإسرائيلي سوف تجد تجسيدها في كل الأفعال التي يقومون بها، في التخطيط المدروس وشديد الدقة، في التدريب الآمن والعقلاني وفي التنفيذ الملائم لمهامهم. ولدى تقييم الخطر المحدق بالذات والآخرين، فانهم يستخدمون المعايير الملائمة، وسوف يظهرون عناية دائمة لعدم إيقاع الأذى بالحياة إلا بالحد الذي يتطلبه إنجاز مهامهم” (38).

إن أولئك المدعوين لاحترام القواعد الأخلاقية لجيش الدفاع الإسرائيلي هم في معظمهم من المجندين، كون جيش الدفاع الإسرائيلي قوة من المجندين الإلزاميين. إن المجندين وضباط الصف وصغار الضباط - وهي الفئات التي تتواجد في الغالب على نقاط الاحتكاك - هم من الشباب، وكثيراً ما يكونوا من المراهقين.وما لم يتواجد أفراد محترفون أو من قوات الاحتياط على هذه النقاط، فان أياً من أفراد جيش الدفاع الإسرائيلي المتواجدين في هذه المناطق الحساسة لا يملك الخبرة للاستفادة من المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية السابقة. نحن نعتقد انه من الجوهري، وخاصة في سياق استعادة الثقة عبر تخفيض المواجهات المميتة إلي الحد الأدنى، أن يضع جيش الدفاع الإسرائيلي جنوداً قدماء واكثر خبرة على هذه النقاط الحساسة.

لقد كانت هناك حالات استخدم فيها جيش الدفاع الإسرائيلي القوة المميتة، بما في ذلك الذخيرة الحية والرصاص المطاطي ذي القلب المعدني المعدل ضد متظاهرين عزل يلقون بالحجارة (39). إن على جيش الدفاع الإسرائيلي تبني أنظمة السيطرة على الحشود التي تقلل والى الحد الأدنى، احتمالات الموت والإصابة، وسحب الرصاص المطاطي ذي القلب المعدني المعدل من الاستخدام العام وان نستخدم بدلاً منها الرصاص المطاطي بدون قلب معدني.

إننا نعبر عن قلقنا الشديد بشأن تعريض السلامة العامة للخطر بسبب تبادل إطلاق النيران بين المناطق المأهولة بالسكان، وخصوصاً بين المستوطنين الإسرائيليين والقرى الفلسطينية المجاورة. لقد وجه المسلحون الفلسطينيون نيران أسلحة خفيفة باتجاه مستوطنات إسرائيلية وعلى مواقع للجيش الإسرائيلي من داخل أو بالقرب من مساكن في المناطق الفلسطينية، وبهذا عرضوا مدنيين أبرياء إسرائيليين وفلسطينيين على حد سواء للخطر. وفي كثير من الأحيان يرد جيش الدفاع الإسرائيلي على مثل هذه النيران بأسلحة ثقيلة. نتج عنها أحياناً قتلى وجرحى من الفلسطينيين الأبرياء. لقد أخبرنا ضابط في الجيش الإسرائيلي في وزارة الدفاع يوم 23 آذار 2001 أنه "عندما تطلق النار من بناية فإننا نرد، وأحياناً يكون هناك أناس أبرياء داخل البناية" من الواضح أن أناساً أبرياء يصابون ويقتلون أثناء مثل هذا التبادل لإطلاق النيران. إننا نحث على توقف مثل هذه الاستفزازات وبأن يمارس جيش الدفاع الإسرائيلي أقصى درجات ضبط النفس في استجابته إذا حدثت. إن الاستخدامات المفرطة وغير المتناسبة للقوة كثيراً ما تقود إلى التصعيد.

إننا ندرك حساسية الجيش الإسرائيلي بشأن هذه المواضيع. لقد قيل لنا أكثر من مرة” وماذا بشأن القوانين الفلسطينية للقتال ؟ ماذا عن القانون الأخلاقي للفلسطينيين حول سلوك أفراد قواتهم ؟ وهذه أسئلة مشروعة.

في الجانب الفلسطيني هناك جوانب غامضة بشكل مقلق في الأسس الخاصة بالمسؤولية والمساءلة. إن انعدام السيطرة الذي تمارسه السلطة الفلسطينية على قوات الأمن التابعة لها والعناصر المسلحة المرتبطة بقيادة السلطة الفلسطينية أمر مثير للقلق. إننا نحث السلطة الفلسطينية على اتخاذ كافة الخطوات الضرورية لتأسيس نظام تسلسل ضبط واضح وصلب للقوات العاملة تحت سيطرتها. ونوصي بأن تنشئ السلطة الفلسطينية وتفرض معايير فعالة للسلوك والمساءلة، سواء ضمن قواتها الرسمية أو بين الشرطة والقيادة السياسية المدنية التي تعمل تحت إمرتها.

 

التحريض :

في التقارير والأوراق التي قدمت إلي اللجنة، عبر كل من الطرفين عن قلقه بشأن اللغة والتصورات الكريهة التي يبثها الطرف الآخر، مع تحديد العديد من الأمثلة على الخطاب الديني والعرقي المعادي في الإعلام الفلسطيني والإسرائيلي، في المناهج الدراسية وفي تصريحات القيادات الدينية والسياسيين وغيرهم.

إننا ندعو الطرفين إلى مراجعة التزاماتهم الرسمية برعاية التفاهم المتبادل والتسامح والابتعاد عن التحريض والدعاية المعادية. إننا نشجب لغة الكراهية والتحريض بكافة أشكاله، ونقترح على الطرفين أن يكونا حذرين بشكل خاص بشأن استخدام الكلمات بطريقة توحي بالمسؤولية الجماعية.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية للعنف:

لقد فرض المزيد من القيود من قبل إسرائيل على حركة الناس والبضائع في الضفة الغربية وقطاع غزة، هذه الإغلاقات تتخذ ثلاثة أشكال : تلك التي تقيد الحركة بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل، وتلك التي تقيد الحركة داخل المناطق الفلسطينية (بما في ذلك حظر التجول)، وتلك التي تقيد الحركة من المناطق الفلسطينية إلى البلدان الأخرى. لقد تسببت هذه الإجراءات في تمزيق وبث الفوضى في حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين، لقد رفعت معدّل البطالة بين الفلسطينيين إلي ما يقدر بـ 40%، وذلك من خلال منع حوالي 140.000 فلسطيني من العمل في إسرائيل، كما أطاحت بحوالي ثلث إجمالي الإنتاج الفلسطيني المحلي. وعلاوة على ذلك، فقد تم تعليق تحويل واردات الضرائب والجمارك التي تدين بها إسرائيل للسلطة الفلسطينية، مما أدى إلى أزمة مالية جدية لدى السلطة الفلسطينية.

كان من بين الهموم الرئيسية للسلطة الفلسطينية تدمير قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين لعشرات الآلاف من أشجار الزيتون وأشجار الفاكهة وغيرها من الممتلكات الزراعية. وقد كان للإغلاقات آثار ضارة أخرى، مثل منع المدنيين من الحصول على العناية الطبية الطارئة ومنع الطلبة من التوجه إلي مدارسهم.

تصر الحكومة الإسرائيلية على أن هذه الإجراءات قد اتخذت من أجل حماية المواطنين الإسرائيليين من الإرهاب. أما الفلسطينيون فيعتبرون هذه الاجراءات "عقوبات جماعية"، فيما تنفي الحكومة الإسرائيلية هذه الدعوة.

إن الحكومة الإسرائيلية لم تتخذ هذه الإجراءات التي كان لها آثار اقتصادية لمجرد اتخاذ هذه الإجراءات أو بهدف الإضرار بالاقتصاد الفلسطيني. هذه الإجراءات اتخذت لاسباب أمنية. وهكذا، فان إجراء إغلاق المناطق الفلسطينية، على سبيل المثال. قد اتخذ من أجل منع، أو على الأقل تقليص خطر الهجمات الإرهابية فالقيادة الفلسطينية لم تبذل أية محاولة للسيطرة على هذه الأعمال ووضع حد لها. (40).

بالإضافة إلي ذلك، توضح الحكومة الإسرائيلية أن العنف في الربع الأخير من العام 2000 كلف الاقتصاد الإسرائيلي
 2, 1 بليون دولار أمريكي، وأن الخسارة تتواصل بمعدل 150 مليون دولار تقريباً شهرياً (41).

إننا ندرك اهتمامات إسرائيل الأمنية. ولكننا نعتقد، مع ذلك، إن الحكومة الإسرائيلية يجب أن ترفع الطوق، وان تحول إلي السلطة الفلسطينية ما تدين لها به من العائدات، وان تسمح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون لديها بالعودة إلي عملهم. إن سياسات الإغلاق تخدم المتطرفين الذين يسعون إلي توسيع قاعدة نفوذهم، ومن ثم تسهم في التصعيد.

لقد كان الدعم الدولي للتنمية، منذ البدء، جزءاً لا يتجزأ من عملية السلام، بهدف تدعيم الأسس الاجتماعية – الاقتصادية للسلام. هذا الدعم يعتبر الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى.

إننا نحث المجتمع الدولي على دعم البرنامج التنموي في عملية السلام.

الأماكن المقدسة :

من المؤسف، بشكل خاص، أن الأماكن المقدسة مثل جبل الهيكل / الحرم الشريف في القدس، قبر يوسف في نابلس، وقبة راحيل في بيت لحم كانت مسرحاً للعنف والموت والإصابات. هذه أماكن للسلام، للصلاة، للتأمل، ويجب أن تكون متاحة لجميع المتدينين.

إن الأماكن التي تعتبر مقدسة من قبل المسلمين، واليهود والمسيحيين تستحق الاحترام والحماية والحفظ. والاتفاقيات التي سبق وان تم التوصل إليها بين الأطراف (المعنية) بشأن الأماكن المقدسة يجب أن يتم الالتزام بها. على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية صياغة مبادرة مشتركة لنزع السمة المذهبية عن خلافهما السياسي، وذلك عبر صيانة وحماية مثل هذه الأماكن. ويجب تشجيع الجهود الأمنية لتطوير الحوار بين الأديان.

القوة الدولية :

لقد كان أحد اكثر المواضيع التي أثيرت خلال عملنا إشكالية موضوع نشر قوة دولية في المناطق الفلسطينية. السلطة الفلسطينية كانت تقف بقوة مع قدوم مثل هذه القوة لحماية المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم من جيش الدفاع الإسرائيلي ومن المستوطنين. الحكومة الإسرائيلية، عارضت، وبالإصرار ذاته "قوة حماية دولية" معتقدة أنها لن تستجيب لهموم إسرائيل الأمنية، وستؤثر على المفاوضات الثنائية لحل الصراع.

إننا نرى أن مثل هذه القوة تحتاج، من أجل أن تكون فاعلة، إلى دعم الطرفين. ونشير إلى أن القوات الدولية المنتشرة في هذه المنطقة كانت، أو ما تزال، في وضع يمكنها من أن تحقق مهامها وتسهم إيجابياً، فقط لأنها نشرت بموافقة كل الأطراف المدنية.

أثناء زيارتنا لمدينة الخليل، تلقينا تقريراً من طاقم القوة الدولية المؤقتة في الخليل (TLPH)، وهي قوة وافق عليها الطرفان. مهمة هذه القوة هي مراقبة وضع متفجر وكتابة التقارير حول مشاهداتها. فإذا وافق الطرفان، كخطوة لبناء الثقة، على الاستفادة من تجربة قوة الخليل لمساعدتهم على السيطرة على نقاط الاحتكاك الأخرى، فإننا نأمل أن يلبي المساهمون في قوة الخليل هذا الطلب.

مبادرات التقارب بين الشعبين :

كثيرون وصفوا لنا الفقدان شبه التام للثقة. ولهذا فقد كان مؤثراً أن نجد مجموعات (مثل حلقة الآباء، ومؤسسة التعاون الاقتصادي) معنية بالتفاهم المتبادل بين المجتمعين على الرغم من كل ما جرى. لقد أثنينا على هذه المجموعات وثمنا عملها.

من المؤسف أن معظم هذا النوع من العمل قد توقف أثناء الصراع الجاري. من أجل المساعدة في إعادة بناء الثقة، على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن ترعيا وتدعما، بشكل مشترك، عمل المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية والفلسطينية NGOs، المنخرطة في عملية بناء الثقة من خلال مبادرات تربط الطرفين ومن المهم أن تدعم السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية المنظمات والمبادرات المشتركة، بما في ذلك توفير الدعم الإنساني للقرى الفلسطينية من قبل المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية. إن توفير تصاريح التنقل للمشاركين أمر أساسي. يجب تشجيع وتنظيم التعاون بين المنظمات الإنسانية والأجهزة العسكرية / الأمنية لدى الطرفين.

إن مثل هذه البرامج يمكن أن تساعد، ولو ببطء، في بناء قاعدة جماهيرية للسلام في صفوف الفلسطينيين والإسرائيليين، وتوفير شبكات أمان في أوقات الاضطرابات. إن للمنظمات المنخرطة في هذا العمل دوراً حيوياً في ترجمة النوايا الطيبة إلى أفعال.

استئناف المفاوضات :

لا يرغب القادة الإسرائيليون أن ينظر إليهم باعتبارهم” يكافئون العنف”، والقادة الفلسطينيون لا يرغبون في أن ينظر إليهم باعتبارهم” يكافئون الاحتلال”. إننا نعي القيود على القادة في كلا الطرفين. ولكن، إذا كان لدائرة العنف أن تكسر وللبحث عن السلام أن يستأنف، فإن هناك حاجة لعلاقة ثنائية جديدة تتضمن التعاون الأمني والمفاوضات على حد سواء.

نحن لا نستطيع أن نقدم للأطراف المعنية وصفة بالطريقة المثلى للسعي في سبيل أهدافها السياسية. مع ذلك، فإن علاقة ثنائية جديدة ترسخ اتفاقاً على وقف العنف تتطلب مخاطرة ذكية. ومن جانب آخر، فإن الشراكة تتطلب، في هذه المرحلة، شيئاً أكثر مما اتفق عليه في إعلان المبادئ والاتفاقات التي تلته. فبدلاً من الإعلان أن عملية السلام قد أصبحت "ميتة" على الطرفين أن يقررا كيف يختمان رحلتهما المشتركة على طول "خريطة الطريق" التي اتفق عليها، الرحلة التي بدأت في مدريد واستمرت - رغم المشكلات - حتى وقت قريب جداً. إن تحديد نقطة الانطلاق أمر يقرره الطرفان. لقد أعلن كلا الطرفين عن استمرارهما بالالتزام باتفاقاتهما وتعهداتهما.

وقد حان الوقت للبحث في المزيد من التطبيقات. على الطرفين الإعلان عن عزمهما على اللقاء على هذا الأساس، من أجل استئناف مفاوضات شاملة وذات معنى، وبروحية تعهداتهما في شرم الشيخ في عامي 1999 و 2000.

إن أياً من الطرفين لن يتمكن من تحقيق أهدافه الأساسية من طرف واحد أو بدون مخاطرة سياسية. إننا نعرف كم هو صعب على القادة أن يتصرفوا دون الحصول على شيء بالمقابل، خصوصاً إذا كانت الخطوات يمكن أن توصف من قبل المعارضين على أنها تنازلات. إن على السلطة الفلسطينية - كما فعلت في ظروف دقيقة سابقة - أن تتخذ خطوات تطمئن إسرائيل بشأن القضايا الأمنية. وعلى الحكومة الإسرائيلية، كما سبق وفعلت في السابق - أن تتخذ خطوات تطمئن السلطة الفلسطينية بشأن القضايا السياسية. وعلى الإسرائيليين والفلسطينيين أن يتجنبوا في أفعالهم ومواقفهم. إعطاء الكلمة النهائية في تحديد مستقبلهم المشترك للمتطرفين، والمجرمين العاديين، والباحثين عن الانتقام، وهذا لن يكون أمراً سهلاً عندما تقع حوادث قاتلة رغم التعاون الفعال. وبغض النظر عن الصعوبات المثبطة، فإن أساسات الثقة التي تتطلبها إعادة بناء شراكة فعالة، تقوم على قيام كل طرف بتقديم تطمينات استراتيجية للطرف الآخر.

التوصيات

على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية العمل بسرعة وحزم لوقف العنف. وبعدها يجب أن تكون أهدافهما المباشرة هي إعادة بناء الثقة واستئناف المفاوضات. إن ما نطلبه ليس سهلاً، فالفلسطينيون والإسرائيليون - ليس القيادتان فقط بل الشعبان أيضاً - فقد كل منهما الثقة بالآخر. إننا نطلب من القادة السياسيين، ومن أجل الشعبين، القيام بما هو صعب سياسياً : أن يقودوا دون أن يعرفوا كم من الناس سيتبعهم.

لقد كان هدفنا خلال مهمتنا هذه أن ننجز المهمة التي اتفق عليها في شرم الشيخ. إننا نثمن الدعم الذي تلقاه عملنا من المشاركين في القمة، ونثني على الطرفين لتعاونهما. إن توصيتنا الرئيسية هي أن يعاودوا الالتزام بروح شرم الشيخ، وأن يطبقوا القرارات التي اتخذت هناك عامي 1999 و 2000. إننا نؤمن بأن المشاركين في القمة سيدعمون العمل الجريء من قبل الطرفين لتحقيق هذه الأهداف.

وقف العنف :

على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية التأكيد مجدداً على التزامهما بالاتفاقيات والتعهدات القائمة والتطبيق الفوري لوقف العنف دون شروط.

إن آي جهد أقل من الجهد الكامل من الطرفين لوقف العنف سيجعل الجهد ذاته غير مجدٍ ومن المحتمل آن يفسر من الطرف الآخر على أنه دليل على نوايا عدائية.

على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تستأنفا التعاون الأمني فوراً.

إن التعاون الثنائي الهادف إلى منع العنف سيشجع استئناف المفاوضات. إننا قلقون بشكل خاص من آنه في غياب التنسيق الأمني الفاعل والشفاف سيستمر الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وستبدو هذه الأعمال وكأنها مُجازة سواء كانت كذلك أم لا، إن على الطرفين أن يبحثا في توسيع مدى التعاون الأمني ليعكس أولويات الشعبين، وفي السعي للحصول على قبول الشعبين لهذه الأولويات.

إننا نقر بموقف السلطة الفلسطينية القائل بأن التنسيق الأمني يمثل صعوبة سياسية في غياب سياق سياسي مناسب، أي تخفيف الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة بالترافق مع مفاوضات مستمرة ومثمرة. كما نقر بخشية السلطة الفلسطينية من أن الحكومة الإسرائيلية، بعد أن تضمن التنسيق الأمني، قد لا تكون مستعدة للتعامل مباشرة مع الاهتمامات السياسية الفلسطينية.إننا نؤمن بأن التعاون الأمني لا يمكن أن يستمر طويلاً إذا تم تأجيل المفاوضات الجدية بشكل غير منطقي أو معقول، وإذا اعتبرت الإجراءات الأمنية ”على الأرض” باعتبارها عدائية، أو إذا اتخذت خطوات يمكن أن تعتبر استفزازية أو يمكن أن تؤثر على نتائج المفاوضات.

إعادة بناء الثقة :

* على السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية أن تعملا معاً من أجل خلق” فترة تهدئة” وأن تطبقا إجراءات إضافية لبناء الثقة، سبق أن طرح بعضها في إعلان شرم الشيخ في تشرين الأول 2000، كما طرح بعضها الآخر من قبل الولايات المتحدة في 7 كانون الثاني 2001 في القاهرة.

* على السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية استئناف جهودهما لتحديد وإدانة ووقف التحريض بكافة أشكاله.

* على السلطة الفلسطينية أن توضح للفلسطينيين والإسرائيليين على السواء، وعبر الفعل الملموس، أنها تشجب الإرهاب وترفضه، وأنها ستبذل جهدها الكامل لمنع العمليات الإرهابية ومعاقبة منفذيها. هذا الجهد يجب أن يتضمن خطوات فورية لاعتقال وسجن الإرهابيين الذين يعملون داخل مناطق السلطة الفلسطينية.

- على الحكومة الإسرائيلية تجميد جميع النشاطات الاستيطانية، بما في ذلك "النمو الطبيعي" للمستوطنات القائمة.

إن شكل التعاون الأمني الذي ترغب فيه الحكومة الإسرائيلية لا يمكن أن يستمر طويلاً مع استمرار النشاط الاستيطاني، الذي وصف مؤخراً من قبل الاتحاد الأوروبي بأنه يسبب قلقاً شديداً، ومن قبل الولايات المتحدة بأنه "استفزازي".

* على الحكومة الإسرائيلية أن تبحث جيداً فيما إذا كانت المستوطنات- التي تمثل بؤراً لاحتكاكات كبرى - هي أوراق مساومة قيمة في المفاوضات المستقبلية، أم هي استفزاز من المحتمل أن يحول دون انطلاق محادثات مثمرة.

- قد ترغب الحكومة الإسرائيلية في أن توضح للسلطة الفلسطينية أن السلام في المستقبل لن يشكل تهديداً للتواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية التي ستنشأ في الضفة الغربية وقطاع غزة.

* على جيش الدفاع الإسرائيلي أن ينظر في الانسحاب إلى المواقع التي كان يتواجد فيها قبل 28 أيلول 2000، الأمر الذي سيقلص عدد نقاط الاحتكاك وإمكانيات المواجهات العنيفة.

* على الحكومة الإسرائيلية أن تضمن أن يتبنى جيش الدفاع الإسرائيلي وينفذ السياسات والإجراءات التي تشجع ردود الفعل غير القاتلة على التظاهرات السلمية، بهدف تقليص عدد الإصابات والصدامات بين الشعبين على الجيش الإسرائيلي أن :

- يعيد تشكيل مؤسسات التحقيق العسكري والأمني في حالات وفاة فلسطينيين نتيجة أفعال الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية في الحالات التي لا تتعلق بالإرهاب. إن على جيش الدفاع الإسرائيلي أن يتوقف عن التشخيص العام للانتفاضة الحالية على أنها "صراع مسلح يقرب من الحرب"، هذا التشخيص الذي يفشل في التمييز بين الإرهاب والاحتجاج.

- يتبنى أساليب سيطرة على الجماهير تقلص عدد القتلى والمصابين، بما في ذلك سحب الرصاص المعدني المغلف بالمطاط من الاستعمال.

- يتأكد من وجود طواقم خبيرة ومجربة تعمل في كل الأوقات في نقاط الاحتكاك المعروفة.

- يتأكد من أن القيم المنصوص عليها والإجراءات المتبّعة لدى جيش الدفاع الإسرائيلي تفرض واجب الحرص على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة مثل الإسرائيليين الذين يعيشون هناك، تماشياً مع النظام الأخلاقي لجيش الدفاع الإسرائيلي.

* على الحكومة الإسرائيلية أن ترفع الأطواق، وأن تحول إلى السلطة الفلسطينية كافة عائدات الضرائب التي تدين لها بها، وأن تسمح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل بالعودة إلي أعمالهم، وعليها أن تضمن أن تكف قوات الأمن والمستوطنين عن تدمير البيوت والطرق، وكذلك الأشجار وغيرها من الممتلكات الزراعية في المناطق الفلسطينية. إننا نقر بموقف الحكومة الإسرائيلية بأن هذا النوع من الأعمال قد تم لأسباب أمنية. مع ذلك، فإن آثارها ا   لاقتصادية ستستمر لسنوات.

* على السلطة الفلسطينية أن تجدد التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حتى تضمن - لأكبر مدى ممكن - أن الفلسطينيين العاملين داخل إسرائيل قد تم فحصهم والتأكد من أنهم ليس لديهم أية صلات. بمنظمات أو أفراد لهم علاقة بالإرهاب.

* على السلطة الفلسطينية أن تمنع المسلحين من استخدام المناطق الفلسطينية المأهولة لإطلاق النار على المناطق الإسرائيلية المأهولة ومواقع جيش الدفاع الإسرائيلي. إن هذا التكتيك يعرض المدنيين من الجانبين إلى مخاطر غير ضرورية.

* على الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي أن يتبنيا ويضعا موضع التنفيذ السياسات والإجراءات الهادفة إلى ضمان أن تحرص ردود الفعل على أي عملية إطلاق نار صادرة من المناطق الفلسطينية الآهلة بالسكان على تقليص الخطر على حياة وممتلكات المدنيين الفلسطينيين، آخذين بعين الاعتبار أنه ربما يكون هدف المسلحين هو استدراج رد فعل عنيف من الجيش الإسرائيلي.

* على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لمنع أعمال العنف من قبل المستوطنين.

* على الطرفين الالتزام ببنود اتفاقية واي ريفر التي تحرّم استخدام الأسلحة غير المشروعة.

* على السلطة الفلسطينية اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لبناء تسلسل واضح وصلب للضبط في صفوف العسكريين الذين يعملون تحت سلطتها.

* على السلطة الفلسطينية أن تؤسس وتفرض تنفيذ معايير للسلوك والمساءلة، سواء داخل القوات العسكرية، أو بين قوات الشرطة والقيادة السياسية التي تعمل تحت إمرتها.

* على السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية أن تبحثا في الالتزام بشكل مشترك بالمحافظة على الأماكن المقدسة عند المسلمين واليهود والمسيحيين وحمايتها. إن مبادرة من هذا النوع يمكن أن تساهم في تحويل التوجه القائم المقلق : الاستخدام المتزايد للمواضيع الدينية، لتشجيع وتبرير العنف.

- على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تقوما معاً برعاية ودعم عمل المنظمات غير الحكومية NGOs الفلسطينية والإسرائيلية، العاملة في المبادرات المشتركة التي تربط بين الشعبين. إن من المهم أن تتلقى هذه النشاطات - بما في ذلك الدعم الإنساني للقرى الفلسطينية من قبل المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية - الدعم الكامل من كلا الطرفين.

استئناف المفاوضات:

إننا نكرر اعتقادنا بأن الجهد الكامل(100%) من أجل وقف العنف، والعودة الفورية للتعاون الأمني، وتبادل إجراءات بناء الثقة هي أمور شديدة الأهمية من أجل استئناف المفاوضات، ولكن أيا من هذه الخطوات لن يتمكن من الصمود طويلاً دون العودة إلى مفاوضات جادة.

إننا لسنا مفوضين لإعطاء وصفات حول مسار أو أسس أو جدول المفاوضات. ولكن، ومن أجل توفير إطار سياسي فعال للتعاون العملي بين الطرفين، يجب ألا تؤجل المفاوضات أكثر مما يجب، كما يجب- من وجهة نظرنا - أن تعبر عن روح الحلول الوسط والمصالحة والشراكة، بغض النظر عن أحداث الشهور السبعة الماضية.

* انطلاقاً من روح اتفاقيات وتفاهمات شرم الشيخ لعامي 1999 و 2000، فإننا نوصي بأن يلتقي الطرفان ليعيدا تأكيد التزامهما بالاتفاقيات الموقعة والتفاهمات المتبادلة، وليتخذا الخطوات العملية الملائمة. ويجب أن يكون هذا هو الأساس لاستئناف مفاوضات شاملة وذات معنى.

إن الطرفين يقفان على مفترق طرق. إذا لم يعودا إلى طاولة المفاوضات، فسيواجهان احتمال أن يستمرا في القتال سنوات طويلة، بحيث يغادر الكثير من مواطنيهما إلى شواطئ بعيدة ليعيشوا حياتهم ويربوا أطفالهم. إننا نصلي من أجل أن يتخذوا الخيارات الصائبة، وهذا يعني وقف العنف الآن. إن على الفلسطينيين والإسرائيليين أن يعيشوا ويعملوا وتزدهر حياتهم معاً. لقد شاء التاريخ والجغرافيا لهم أن يكونوا جيراناً، وهذا لا يمكن تغييره. وفقط عندما يوجه هذا الإدراك أفعالهم سيكونون قادرين على تحقيق رؤيا وحقيقة للسلام والرفاه المشترك.


 

 

المصدر:

الموقع الرسمي للسلطة الوطنية الفلسطينية

فلسطين و الأمم المتحدة


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م