القدس في السياسات الأمريكية

 

سلافة حجاوي

 

في خطابه امام لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب بتاريخ 8/3/2001، رد وزير الخارجية الأميركية الجديد، كولن باول، على سؤال أحد الأعضاء فيما اذا كانت الإدارة الجديدة ستفي بتعهد بوش الابن خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأميركية الى القدس، بقوله": إن الالتزام " بنقل السفارة الى عاصمة إسرائيل، التي هي القدس، ما زال قائماً "[i]. واستطرد قائلاً بأن الإدارة لم تبدأ بعد بعملية نقل السفارة "على النحو الذي تعهد به بوش خلال الحملة الانتخابية بأن ينقل السفارة فور تسلمه الحكم"  واضاف بأن الوضع المتأزم الراهن قد يؤجل ذلك، "فنحن لم نتخذ أية خطوات حتى الآن، وذلك في ضوء الوضع الصعب القائم حالياً، وسنواصل البحث عن الطريقة التي سنقوم بنقل السفارة بها[ii].

وعلى الفور، سادت في وزارة الخارجية حالة من الارتباك الكبير، وبدأ التساؤل فيما اذا كان باول ينوي تغيير السياسة الأميركية المعتمدة إزاء القدس أم أن ما حدث لم يكن غير زلة لسان. وقد استقر الرأي كما يبدو على الاحتمال الثاني، وخرج الناطق باسم الخارجية الأميركية، ريتشارد باوتشر، ليقول أمام الصحفيين بأنه لم يحدث أي تغيير في السياسة الأميركية المعتمدة إزاء القدس، وبأن واشنطن  مازالت تعتقد بأن وضع القدس هو موضوع تعهد الطرفان بالتفاوض عليه "، وحاول تبرير ما بدر من وزير الخارجية في الكونغرس بأنه "قول غير مقصود"، وبأنه جاء نتيجة ضغط الكونغرس عليه، وبأن ذلك لم يكن غير وصف للوضع الفعلي القائم حالياً [iii].

وتواصلت التبريرات الأميركية، حيث عقدت عدة مؤتمرات صحفية منذ ذلك الحين، وتحدث باول في مناسبات عديدة أخرى إما معتذراً أو ممتنعاً عن الإشارة الى موضوع القدس. ففي لقائه مع العرب الأمريكيين في 13/3/2001، قال باول بأنه أساء الحديث أمام الكونغرس، وبأن السياسة الأميركية لم تتغير بشأن القدس[iv]. وفي لقاء آخر له في الكونغرس في 14/3/2001، تحدث باول عن الموقف الأميركي التقليدي المتمثل في أن وضع القدس " يجب أن يتقرر في المفاوضات"، وأضاف: "حتى لو كان هذا الجانب أو الآخر يدعي شيئاً آخر". أما في شأن نقل السفارة، فقال بأن الإدارة تدرس الوضع، ولكنها لم تحدد أي تاريخ لذلك بسبب حالة عدم الاستقرار"، وعلينا التحرك بحذر"[v]. ولم يشر في خطابه أمام مؤتمر الأيباك في 19/3/2001 الى القدس ،وانما أكد على أنه "يجب تجنب الأحداث الأحادية الجانب التي من المؤكد أنها ستستفز الجانب الأخر"[vi].

وكان ريتشارد باوتشر قد عزا في مؤتمر صحفي آخر عقد في 12/3/2001 ما قاله باول في الكونغرس في 8/3/2001 الى "الارتباك والخروج عن نص خطابه المكتوب"، واستطرد قائلاً :"اذا كنا نريد من الوزير التحدث بوضوح للجميع دون أن يتبع نصاً معداً سلفاً، فعلينا أن نقبل بأن تكون لغته الدبلوماسية أقل تماسكاً في بعض الأحيان"[vii]. وقال آخرون ممن حضروا جلسة الكونغرس المذكورة، بأنه لدى الحديث عن القدس، كان باول مرتبكاً جداً حيث تحدث عن نقل "العاصمة" بدلاً من نقل "السفارة"، ثم بادر على الفور الى تصحيح كلامه والقول بأنه كان يعني نقل السفارة[viii]. 

وفي ضوء أن هذا التصريح هو أول  تصريح يصدر عن شخصية رسمية أميركية في هذا الشأن، وبعد كل هذه الزوبعة الدبلوماسية، فإن السؤال ما زال قائماً ما اذا كان تصريح باول آنف الذكر مجرد زلة لسان، بكل ما يمكن أن تلقيه مثل تلك الزلة من تساؤلات حول شخصية وزير الخارجية الجديد وقدراته الدبلوماسية، أم أن التصريح المذكور، وعلى الرغم من النفي والتراجع الذي أعقبه، كان مقصوداً، وبخاصة انه جاء بعد جولة باول في المنطقة العربية في أواخر فبراير، التي حاول فيها الربط بين المسألتين الفلسطينية والعراقية وإحياء التحالف العربي ضد العراق ضمن ما سمي بسياسة جديدة للإدارة الأمريكية الجديدة.

تبدو أهمية هذا التصريح المتراجع عنه، في ضوء أن الإدارة الأمريكية الجديدة، انما ترث إرثاً كبيراً من المواقف الأمريكية الرسمية وغير الرسمية ازاء القدس وسوف يتحتم عليها اتخاذ موقف ما، وذلك في سياق سياسة "جديدة" تدعي بأنها ستعتمدها أم خارج إطار مثل تلك السياسة.

أول مكونات هذا الإرث هو الخطاب الذي ألقاه ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في 14/7/1967 والذي قال فيه بأن الولايات المتحدة "ترى أن القدس الشرقية التي اُحتلتها إسرائيل مؤخراً، هي منطقة محتلة تخضع لقانون الاحتلال الحربي، ولا يجوز لإسرائيل أن تدخل فيها أية تغييرات، وكذلك فإن التغييرات التي أدخلتها إسرائيل على المدينة، باطلة ولا تمثل حكماً مسبقاً على الوضع النهائي والدائم للمدينة. أما السيادة على المدينة وتقرير مستقبلها النهائي، فهو أمر لا يمكن البت فيه الا على ضوء الحل الذي سيتقرر لمشكلة الشرق الأوسط[ix].

غير أن الموقف الأميركي ما لبث أن شهد انحرافاً عن هذا الموقف العلني والواضح. فعلى الرغم من استمرار تمسك جميع  الإدارات الأميركية رسمياً بأن مستقبل المدينة يجب أن يتقرر ضمن الحل الذي سيتقرر للشرق الأوسط، أو في المفاوضات الثنائية بين إسرائيل والعرب، أو بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن الحديث عن القدس العربية كمنطقة محتلة، ما لبث أن أخذ بالتراجع، كما برزت توجهات جديدة.

كان أول هذه التوجهات هو القول بضرورة بقاء القدس موحدة وأن لا تقسمّ ثانية، وهي مقولة دشنتها مبادرة روجرز في عام 1969 في عهد إدارة الرئيس نيكسون، وذلك في الوقت الذي كانت فيه القدس ما زالت قابلة للتقسيم الجغرافي على النحو الذي كانت عليه منذ عام 1948  والى ما قبل احتلال عام 1967. ولم يكن القول بضرورة بقاء القدس موحدة منطلقاً من الالتزام الأميركي بفكرة تدويل القدس الواحدة الواردة في قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1947. فمنذ عام 1949، اقترحت الولايات المتحدة تشكيل مجلس إسرائيلي – أردني مشترك لإدارة المدينة المقسمة حرباً، وتلى ذلك تصويتها في 9/12/1949 ضد قرار الجمعية العامة المرقم 303، الذي أكد على ضرورة تدويل القدس الموحدة[x]، الأمر الذي أكد على تخليها عن فكرة التدويل منذ ذلك الحين. ومع مرور الأيام تحول القول بضرورة بقاء القدس موحدة الى احد المبادئ السياسة الأمريكية (إن كان هناك مبادئ في السياسة)، على الرغم من تناقض هذا المبدأ مع القرار 242، حيث ورد في جميع الأفكار والمبادرات والمشاريع الأميركية بشأن التسوية، بما في ذلك رسائل كارتر خلال مباحثات كامب ديفيد في عام 1979، ونقاط ريغان الأربعة عشر في عام 1982 والرسالة الأميركية الموجهة للجانب الفلسطيني خلال التحضير لمؤتمر مدريد في عام 1991[xi].

غير أنه اذا كان مبدأ بقاء القدس موحدة بقي غائماً وغير صريح في أهدافه، فقد كان توقيع رونالد ريغان في آخر يوم من أيام ولايته، الموافق 18/1/1989 على عقد شراء – استئجار لمدة 99 عاماً – قطعة أرض تقع في المنطقة التي كانت منطقة حرام بين القدس الغربية والقدس الشرقية قبل عام 1967، لاجل بناء سفارة أمريكية عليها، أول وأجرأ قرار يتخذه رئيس إدارة أميركية في تاريخ مسألة القدس، معززاً بذلك المحاولات الحثيثة الجارية في أروقة الكونغرس الأمريكية منذ عدة سنوات للدفع باتجاه نقل السفارة الأميركية الى القدس، والاعتراف الأميركي الواقعي Defacto  - بالقدس الموحدة إسرائيلياً عاصمة لإسرائيل.

فعلي الرغم من الادعاء الإسرائيلي والأميركي بان قطعة الأرض تقع في القدس الغربية، فإن مجرد نقل السفارة الأميركية الى القدس الغربية أو الى المنطقة الحرام، من شأنه أن يوفر مثل هذا الاعتراف الذي لم تقدم عليه أية دولة في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، منذ عام 1948. وكانت عملية التوقيع على عقد الشراء المذكور، بمثابة رافعة لمحاولات الكونغرس الدفع بهذا الاتجاه، حيث ما لبث الكونغرس بمجلسيه أن أقر في عام 1995 لائحة تنفيذية مختلفة عن كل ما سبق من توصيات في هذا الشأن أصبحت تعرف لاحقاً بقانون القدس، نصت على إلزام الإدارة بالمباشرة في بناء السفارة في موعد لا يتجاوز 31/12/1996، ونقل السفارة الى المبنى في القدس في موعد لا يتجاوز 13/9/1999، وهو التاريخ المقرر في اتفاق أوسلو لإنجاز المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية النهائية[xii].

أما المكون الرابع لهذا الإرث، فهو القول بأن القدس الموحدة عاصمة إسرائيل. الذي دشنه بيل كلينتون ونائبة آل غور أثناء حملته الانتخابية للوصول الى الرئاسة في عام 1992[xiii]. وهو مكوّن غير رسمي نظراً لامتناع كلينتون بعد فوزه في الانتخابات وتسلمه الرئاسة، إلى تكرار هذه القول، وتمسكه خلال فترتي رئاسته بالموقف الأميركي الرسمي القائل بأن وضع القدس يجب أن يتقرر في المفاوضات النهائية الفلسطينية – الإسرائيلية. وقد عمد  كلينتون في عام 1995 الى مقاومة مشروع قانون القدس الذي تبناه الكونغرس، وهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضده، ما لم يتم تعديله. ففي 20/6/1995 بعث وزير خارجيته، وارن كريستوفر، برسالة الى الكونغرس قال فيها:" إن معارضتي لهذا المشروع متجذرة في المبادئ الدستورية"، واستطرد قائلاً :"لقد أصدر مكتب الاستشارة القانونية في وزارة العدل رأيا أرسله الى محامي البيت الأبيض يقول فيه بأن هذا التشريع يمثل اعتداء غير دستوري على سلطات الرئيس الحصرية في مجال الشؤون الخارجية، ويتعارض مع مبدأ فصل السلطات من خلال محاولة اجبار الرئيس على بناء وفتح سفارة في مكان معين لأسباب تتعلق بالسياسة الخارجية .. ما لم تتم معالجة المسائل الدستورية، فسوف اقترح عل الرئيس استخدام الفيتو ضد المشروع المذكور اذا عرض عليه للموافقة"[xiv].

وقد انصاع الكونغرس لتهديد البيت الابيض وأدخل تعديلاً على القانون ينص على منح الرئيس حق تأجيل تنفيذ القانون كل ستة أشهر، اذا ما رأى أن التنفيذ يشكل تهديداً للمصلحة القومية الأميركية. ومنذ ذلك الحين واظب الرئيس على إصدار أمر بتأجيل العمل بالقانون كل ستة اشهر، وصدر آخر أمر في هذا الشأن في 19/12/2000، وجاء على شكل رسالة موجهة الى وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت، وتنص على ما يلي  :

"… بموجب الصلاحية التي يخولني إياها الدستور وقوانين الولايات المتحدة بصفتي رئيساً، بما في ذلك القسم رقم 7 (أ) من قانون القدس لعام 1995، فإنني أقرر هنا أن من الضروري حماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة بتعليق القيود المنصوص عليها في القسمين 3(ب) و7(ب) من القانون ولذلك فإنك مخولة ومصرح لك بنقل هذا القرار الى الكونغرس، وعليه يجب أن يدخل هذا التعليق حيز التنفيذ بعد نقل القرار والتقرير الى الكونغرس . وليم جيفرسون كلينتون"[xv].

ويلاحظ في رسالة كريستوفر السابقة، وفي رسالة الرئيس اللاحقة، أن الرئيس ووزير خارجيته قد اعترضا على ما جاء في القانون من الزام للرئيس واعتداء على سلطاته في مجال السياسة الخارجية، وليس على القانون نفسه. فالقانون لا يتناقض فقط مع السياسة الأميركية الرسمية القائلة بأن وضع القدس انما يتقرر في المفاوضات بين الطرفين المعنيين، ولا يشكل فقط تدخلاً مسبقاً في نتائج هذه المفاوضات لصالح إسرائيل، وانما، وكما يقول الخبير القانوني، فرانسيس بويل، "يمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي، وبخاصة اتفاقية لاهاي المتعلقة بالقانون الحربي التي تشكل الولايات المتحدة أحد أطرافها"، وبأن هذا القانون واتفاقية الاستئجار "يخرقان الدستور الأميركي نفسه وفقاً للمادة الخاصة بأولوية القوانين الواردة في الدستور، والتي تكرس أولوية الاتفاقات والقوانين الدولية على القوانين المحلية"[xvi].

بالإضافة الى ما سبق، سوف يجد الرئيس بوش الابن في إرث أبيه (1989 –1992) مادة مثيرة للاهتمام، في مقدمتها تصريحه الذي أدلى به في 3/3/1990، الذي اعتبر القدس الشرقية "أرضا محتلة"[xvii]. وتكمن أهمية ذلك التصريح في أنه أعاد التذكير ببيان غولدبيرغ الصادر في عام 1967. هذا الى جانب محاولته الربط في عام 1992 بين ضمانات القروض لإسرائيل وعمليات الاستيطان في الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية[xviii]. وكان بوش الأب قد تعرض لضغوط صهيونية هائلة اضطرته في عام 1991 الى استبعاد القدس الشرقية في تشكيلة الوفد الفلسطيني لمؤتمر مدريد، والى القول بضرورة بقاء القدس موحدة[xix].

كما لا يمكن في هذا المجال إغفال الإرث المتمثل في تصويت الولايات المتحدة في مجلس الامن الى جانب مشاريع القرارات المنددة بالانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي أو الامتناع عن التصويت أو استخدام الفيتو في بعض الأحيان لإسقاط بعض المشاريع. فبين عامي 1968 و1971، اصدر مجلس الأمن ستة قرارات هامة خاصة بالقدس، صوتت الولايات المتحدة الى جانب ثلاثة منها وامتنعت عن التصويت على ثلاثة أخرى. ومنذ عام 1971 تراجعت إمكانية إقرار أية مشاريع قرارات حول القضية الفلسطينية بشكل عام وحول القدس بشكل خاص في مجلس الأمن، وذلك بفعل السياسة الأميركية التي اخذت تميل الى تقليص دور الأمم المتحدة في مجال النزاع العربي – الإسرائيلي. وفي نهاية عهد كارتر، صوتت الولايات المتحدة مع القرار 465 الذي دعا إسرائيل الى تفكيك المستوطنات، بما في ذلك المستوطنات في القدس الشرقية. غير أن إدارة كارتر ما لبثت أن أعلنت بأن التصويت الى جانب المشروع كان "غلطة" نجمت عن خطأ في الاتصالات[xx].

على الرغم من ذلك، شهدت المراحل الأولى من عهد إدارة رونالد ريغان امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرارين هامين ينتقدان التشريع الإسرائيلي بضم القدس العربية، الامر الذي أتاح للمشروعين أن يتحولا الى قرارين، وهما القرار 476 الصادر في 30/6/1980 والقرار 478 الصادر في 20/8/1990. غير أن ادارة بوش عمدت في أيار / مايو 1990 الى استخدام الفيتو لإسقاط مشروع قرار يعتبر المستوطنات في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس غير شرعية ويستذكر في متنه القرار 465 الذي صوتت إدارة كارتر الى جانبه ثم اعتذرت عنه. وقد تراجع دور مجلس الأمن ثانية بالنسبة للقدس منذ التوقيع على اتفاق أوسلو في عام 1993. غير أن إدارة كلينتون امتنعت عن التصويت على القرار 1073 المتعلق بأحداث هبة الأقصى وأحداث النفق، الصادر في 30/9/1996، كما امتنعت عن التصويت على القرار 1322 المتعلق باندلاع الانتفاضة الحالية في المسجد الأقصى الصادر في 1/10/2000 [xxi]. ويعكس الامتناع عن التصويت موقفاً ايجابياً نسبياً، إذ أنه يتيح صدور القرارات.

الى جانب كل ذلك، سوف يجد الرئيس الأميركي الجديد إرثاً هاماً تركه له الرئيس السابق بيل كلينتون، وهو ما أصبح يعرف بأفكار كلينتون التي قدمها الى الوفدين المفاوضين الفلسطيني والإسرائيلي في واشنطن في 23/12/2001. فعلي الرغم من الغموض الذي يلف تلك الأفكار بفعل أنها لم تقدم مكتوبة، واتسمت بالعمومية التي أثارت العديد من الأسئلة، فإن ما تضمنته من خطوط عريضة تشكل ارثاً مختلفاً عما سبق، حيث أنها تقف وسطاً بين بيان غولدبيرغ ومقولة القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.

لقد دشنت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة بوش الابن، ولايتها بتصريح كولن باول في 8/2/2001، تم أتبعته في 27/1/2001 باستخدام الفيتو ضد مشروع قرار توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وهما أمران لا يدعوان الى التفاؤل، ويتطلبان جهوداً فلسطينية وعربية فائقة للتأثير في مواقف هذه الإدارة التي ترث أرثاً مضطرباً ومتناقضاً الى حد كبير. وفي ضوء ما سبق فأن تحدياً قريباً هاماً ينتظر الرئيس بوش الابن هو الموعد الذي يتحتم عليه فيه اتخاذ قرار بشأن قانون القدس الذي أقره الكونغرس في عام 1995. وفي ضوء أن أهم مكون من مكونات إرث القدس على الصعيد الأميركي، هو الامتناع حتى الوقت الراهن عن الاعتراف رسمياً  بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو الاعتراف واقعياً بها كعاصمة لإسرائيل من خلال نقل السفارة الأميركية اليها، فهل سيصدر بوش الابن في 19/6/2001 أمراً جديداً بتأجيل العمل بقانون القدس لستة أشهر اخرى، أم سينفذ القانون، أم سيرفض القانون جملة وتفصيلاً على أساس أنه غير قانوني ومخالف للدستور الأميركي؟ فالإرث الذي أمام الرئيس الأميركي، على الرغم من كل ما يحتويه من اضطراب وتناقضات، هو  إرث واسع الى حد يتيح للرئيس اتخاذ قرارات عادلة أو ظالمة وفقا لما يحيط به من ظروف داخلية وإقليمية عربية ودولية، وما يتعرض له من مؤثرات ذات مساس بالمصلحة القومية الأميركية.

 

 

المراجع


[i] الجيروسالم بوست 9/3/2001 .

[ii]  الحياة اللندنية 9/3/2001 .

[iii] الجيروساليم بوست 9/3/2001.

[iv]  الحياة اللندنية 13/3/2001 .

[v]  نشرة وكالة الأنباء الأميركية، القدس 16/3/2001.

[vi] نفس المصدر 19/3/2001 .

[vii] القدس، 17/3/2001 .

[viii] الحياة 19/3/2001 .

[ix] أنظر : وثائق جامعة الدول العربية الخاصة بفلسطين .

[x] تقرير صادر عن مركز أبحاث الكونغرس ،23/6/1992.

[xi] من وثائق مركز التخطيط الفلسطيني .

[xii] مذكرة خاصة مقدمة الى لي .هاملتون، رئيس اللجنة الفرعية لأوروبا والشرق الأوسط في الكونغرس في 3/10/1989.

[xiii] الهيرالدتربيون  4/11/1992.

[xiv] وثائق دولية، مجلة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 25/1996، ص 243.

[xv] نشرة وكالة الانباء الأميركية، القدس 19/12/2001 .

[xvi] فرانسيس بويل، مذكرة قانونية موجهة الى الكونغرس، 1995.

[xvii] الجيروسالم بوست، 6/3/1990.

[xviii]    ,,      ,,    ، 13/3/1992.

[xix]  من وثائق مركز التخطيط الفلسطيني

[xx]  النيويورك  تايمز 5/3/1980.

[xxi]  حول قرارات مجلس الأمن والمزيد من التفاصيل حول المواقف الأميركية ازاء القدس انظر :

1- الولايات المتحدة والقدس، دراسة صادرة عن مركز التخطيط الفلسطيني، العدد 4،1995.

2- الملف الأميركي، دراسة صادرة عن مركز التخطيط الفلسطيني،العدد 44، 1997.

 


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م