التجارة الخارجية الفلسطينية-المصرية

واقعها وآفاقها المستقبلية.

 مراجعة أ.ن

اعداد:مسيف مسيف.

اشراف: د.محمود الجعفري.

اصدار: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس).

فلسطين، تموز 2000، 166 صفحة

تتناول هذه الدراسة واقع التجارة الخارجية الفلسطينية مع مصر خلال الفترة من عام 1995-1998، وهي تهدف إلى تحليل العلاقات التجارية الفلسطينية المصرية، وتطوير وتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية، حيث تصل من خلال نظرية القياس الاقتصادي إلى استشراف إمكانيات التبادل التجاري المصري-الفلسطيني في ظل الحرية التجارية. وتبرز أهمية  هذا الموضوع إلى سعي السلطة الوطنية الفلسطينية إلى إعادة  ترتيب وتنويع علاقاتها التجارية مع  الأسواق  المجاورة، وكسر احتكار إسرائيل للتجارة الخارجية الفلسطينية، هذا بالاضافة إلى الوصول إلى البدائل الممكنة، ووضع تصورات مستقبلية لخيارات السياسة الاقتصادية والتجارية بين مصر وفلسطين.

 

*الاسلوب المستخدم في الدراسة:

تم استخدام أسلوب التحليل الكمي من خلال مؤشرين، الأول هو مؤشر الترابط والتوافق في هياكل الصادرات والواردات في كلا البلدين على المستويين الجزئي والكلي، والثاني هو نموذج الجاذبية التجارية والذي يحدد العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية المؤثرة على التدفق السلعي بين البلدين. ولأن هذا النموذج يحتاج إلى فترة زمنية طويلة كوحدة للقياس، وبسبب عدم وجود علاقات تجارية بين مصر وفلسطين قبل عام 1994، فقد تم تطبيق هذا النموذج على العلاقات التجارية بين مصر والأردن بسبب تشابه الهيكل التجاري بين الأردن وفلسطين، وبعد ذلك تم استبدال المتغيرات الاقتصادية الأردنية بالمتغيرات الفلسطينية، ومن ثم أمكن التنبؤ بالعوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تؤثر على تدفق السلع بين فلسطين ومصر.

*طبيعة العلاقات التجارية الفلسطينية:

استعرضت الدراسة التوزيع الجغرافي للصادرات الفلسطينية، حيث تبين أن الصادرات الفلسطينية تعتمد على السوق الإسرائيلي بالدرجة الأولى، وازدادت نسبة الاعتماد خلال الفترة 1995-1998 إلى 95% في الضفة الغربية و 89% في قطاع غزة. كذلك تبين أن نسبة الصادرات إلى الناتج المحلي قد بلغت في عام 1992 نحو 9%، وارتفعت إلى 12% في عام 1997. اما الواردات فقد بلغت نسبتها إلى الناتج المحلي في عام 1994 نحو 37%، وارتفعت إلى 50% في عام 1997. ومن حيث التوزيع الجغرافي للواردات الفلسطينية يلاحظ اعتماد المناطق الفلسطينية على إسرائيل بنسبة 95% من واردات قطاع غزة، و85% من ورادات الضفة الغربية خلال الفترة 1995-1998.

وتبين الدراسة، أن متوسط صادرات للضفة الغربية قد ارتفع من 126.8 مليون دولار خلال الفترة 1968-1987 إلى 230 مليون دولار كمتوسط للفترة 1995-1998. وانخفض متوسط صادرات قطاع غزة من 104.4 مليون دولار إلى 94.5 مليون دولار خلال نفس الفترة. اما واردات الضفة الغربية، فقد ارتفعت من 288.9 مليون دولار كمتوسط للفترة 1968-1987 إلى 1646.8 مليون دولار كمتوسط للفترة 1995-1998، وارتفعت واردات قطاع غزة من 200.7 مليون دولار إلى 708.7 مليون دولار خلال نفس الفترة.

اما بالنسبة للميزان التجاري الفلسطيني، فقد أظهرت الدراسة أن هناك ارتفاعا ملحوظا في نسبة العجز في الميزان التجاري إلى الناتج المحلي لتصل إلى 56% في الضفة الغربية، و54% في قطاع غزة خلال الفترة 95-1998، وبلغ معدل النمو في العجز 3.5% لكل من الضفة والقطاع. ونتيجة لزيادة العجز في الميزان التجاري ازداد الاعتماد على إسرائيل، كذلك فإن العجز المستمر في الميزان التجاري كان وما زال يغطى من تحويلات العاملين في إسرائيل ومن المساعدات والتحويلات والمنح والقروض.

*التجارة الخارجية المصرية:

اظهرت الدراسة أن هناك زيادة ملحوظة في حجم الصادرات المصرية إلى الخارج من 2.3 مليار دولار عام 1988 إلى 5.1 مليار دولار عام 1997، الا أن نسبتها من الناتج المحلي لم يطرأ عليها تغيير كبير وتراوحت بين 9%- 12% خلال نفس الفترة. ومن حيث الواردات فقد ارتفعت من 9.5 مليار دولار في عام 1994 إلى 14 مليار دولار في عام 1998، وبلغت نسبة الواردات من الناتج المحلي 19% في عام 1998. ويعاني الميزان التجاري المصري من عجز مزمن وكبير بلغ في عام 1990 نحو 5.5 مليار دولار، وارتفع في عام 1997 إلى 8.9 مليار دولار.

تقييم امكانيات التبادل التجاري بين فلسطين ومصر

1-واقع التبادل التجاري الفلسطيني المصري:

يسير التبادل التجاري المصري-الفلسطيني في اتجاه واحد، حيث لم تتجاوز نسبة الصادرات الفلسطينية إلى مصر 0.1% من الصادرات الفلسطينية الكلية، وقد وصلت الصادرات الفلسطينية إلى اعلى مستوى لها في عام 1997حيث بلغت نحو 15 الف دولار. وفي المقابل، تراوحت قيمة الواردات الفلسطينية من مصر بين 10-30 مليون دولار خلال الفترة من 1995-1997، بمعنى أن التصدير من فلسطين إلى مصر هو شبه معدوم لاسباب عدة، منها القيود والعوائق غير الجمركية التي تفرضها إسرائيل، وضعف القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية.

2-مؤشر التوافق والترابط:

يقيس هذا المؤشر مدى تطابق صادرات الدولة (أ) مع واردات الدولة (ب) وعندما تتساوى قيمة الصادرات للدولة (أ) مع قيمة الواردات للدولة (ب) من سلعة معينة، فإن الفروقات المطلقة تكون معدومة (صفر)، وهذه هي الحالة المثلى، وإذا ازدادت الفروقات إلى واحد صحيح، ينعدم فيها تطابق أي جزء من الصادرات والواردات، وبالتالي يكون البلدان في هذه الحالة اما مصدرين فقط أو مستوردين فقط للسلعة وبالكمية نفسها. ويستخدم هذا القياس لاختبار مؤشر العلاقة التجارية بين صادرات البلد (أ) وواردات البلد (ب) خلال فترة زمنية واحدة أو اكثر، ويتراوح مؤشر التبادل والتوافق بين الصفر إلى واحد صحيح. فعندما تكون قيمته مساوية واحد صحيح تكون الصادرات الفلسطينية متوافقة ومتطابقة بالكامل مع الواردات المصرية، وهذا مؤشر على الحجم الامثل لامكانيات التبادل. وإذا كان المؤشر يساوي صفرا، انعدمت امكانية التبادل التجاري بين مصر وفلسطين.

*نتائج الدراسة:

اظهرت نتائج الدراسة أن مؤشر العلاقة التجارية بين الصادرات الفلسطينية والواردات المصرية، قد بلغ (27%) في عام1995، و(36%) في عام1996. ويعكس هذا المعدل محدودية التبادل التجاري بين فلسطين ومصر بسبب ضيق قاعدة الانتاج الفلسطيني القابل للتصدير إلى مصر، وعدم انسجام صادرات فلسطين مع واردات مصر نتيجة لاختلاف التركيبة المرتبطة بهيكل الاقتصادين. وعلى الرغم من تدني معدل التوافق، الا انه في ظل افتراض حرية التبادل التجاري بين البلدين فقد كان من المتوقع أن يصل الحد الادنى للصادرات الفلسطينية إلى مصر إلى نحو 67 مليون دولار، وإلى 106 مليون دولار خلال عامي 1995/1996. اما من حيث مؤشر الترابط والتوافق في الواردات الفلسطينية من مصر، فبلغ للعامين 1995/1996 نحو 32% و37% وهي نسبة منخفضة. وهذا يعكس ايضا عدم التوافق في الواردات الفلسطينية مع الصادرات المصرية. غير أنه في ظل حرية التبادل التجاري فكان من المتوقع أن تبلغ الواردات الفلسطينية من مصر ما نسبته 65% من اجمالي الواردات الفلسطينية السلعية الكلية في عام 1995.

وفيما يخص الامكانات الفعلية والمتوقعة لتدفق السلع بين مصر وفلسطين على المستوى الجزئي، تبين الدراسة تقديرات متوقعة لامكانيات التدفق السلعي كما يلي:

 1-الصناعات الغذائية:

يمكن استيراد جزء كبير من واردات فلسطين من المواد الغذائية غير المتوفرة في فلسطين من مصر، حيث ارتفعت درجة التوافق والترابط بين الواردات الفلسطينية والصادرات المصرية من المواد الغذائية من 39% في عام 1995 إلى 60% عام 1996. الا أن نسبة الواردات الفلسطينية من هذه الصناعة من مصر لم تتعد 2% من الواردات الكلية الفلسطينية من هذه السلعة في عام 1996. وفيما يتعلق بالصادرات الفلسطينية من هذه المجموعة إلى مصر، فقد كانت درجة التوافق تتراوح ما بين 31%-46%. مما يشير إلى امكانية التصدير إلى مصر بنسبة كبيرة في حالة حرية التبادل التجاري، مع أن الواقع يشير إلى انعدام التصدير الفلسطيني إلى مصر في مجال المواد الغذائية. كذلك يمكن لمصر أن تستوعب كحد ادنى ما بين 52% إلى 60% من قيمة المواد الغذائية الفلسطينية.

2-صناعة المشروبات والتبغ:

يتعذر استيراد مثل هذه السلعة من مصر بسبب انخفاض تصدير مصر لهذه السلعة. اما في جانب التصدير من فلسطين إلى مصر فإن معدل التوافق يتراوح ما بين 85%-88%، الامر الذي يعني امكانية التصدير إلى مصر، من هذه السلع.

3-مجال المواد الخام (الجلود الخام، الورق، العجائن، الفلين، الخشب):

 يمكن أن تستوعب فلسطين 28% من صادرات مصر من هذه السلعة. ويلاحظ أن واردات فلسطين الفعلية من مصر في هذا المجال لم تتجاوز 200 الف دولار، ويتوقع أن ترتفع هذه القيمة في حالة حرية التجارة إلى ما بين 17-68 مليون دولار. اما في جانب الصادرات فإن معدل التوافق يتراوح ما بين 28%-34%، أي ما يعادل 1-5 مليون دولار.

4-مجال الوقود والطاقة:

تمثل هذه المجموعة اكثر من 30% من صادرات مصر، في حين لا توجد واردات فلسطينية تذكر من مصر في هذا المجال. وتبين أن معدل التوافق للواردات الفلسطينية يتراوح ما بين 65% إلى 76%، ومن المتوقع أن تصل واردات فلسطين من مصر من هذه المجموعة إلى ما يقارب 60% إلى 90% من واردات فلسطين من هذه المجموعة. اما في مجال الصادرات فيلاحظ عدم وجود صادرات فلسطينية من هذه المجموعة.

5-مجال الزيوت والدهون الحيوانية والنباتية:

يشير مؤشر التوافق والترابط إلى أن الواردات الفلسطينية تتوافق بنسبة 50% مع الصادرات المصرية، على الرغم من عدم تسجيل واردات فعلية في هذا المجال.

6-مجال السلع المصنعة حسب المادة:

وتشمل هذه المجموعة كلاً من الاقمشة، الخيوط، المعادن، المطاط، الورق، المنسوجات، الحديد، الصلب، الفلين، الخشب، والكرتون. وهي صناعات كثيفة العمل. وقد تبين أن الواردات الفلسطينية من هذه المجموعة تمثل 25% من الواردات الفلسطينية الكلية، وفي نفس الوقت تمثل هذه المجموعة 25% من الصادرات الفلسطينية. ومن خلال مؤشر التوافق والترابط، يلاحظ أن هناك انخفاضا في مؤشر التوافق للواردات الفلسطينية مع الصادرات المصرية، حيث لم تزد هذه النسبة عن 40%.  كما يلاحظ أنه يمكن لفلسطين أن تستورد من مصر ما بين 50% إلى 80% من هذه المجموعة، وذلك بقيمة 160-395 مليون دولار، على الرغم من أن حجم الاستيراد الفعلي لم يتجاوز 1 مليون دولار. وفي  المقابل فإن مؤشر توافق الصادرات الفلسطينية مع الواردات المصرية كان منخفضا حيث لم يزد عن 20%.

7-مجال المواد الكيمائية والادوية:

تستورد فلسطين اكثر من 80% من المواد الكيمائية من إسرائيل (نحو 150 مليون دولار سنويا)، وتبين أن معدل توافق الواردات الفلسطينية مع الصادرات المصرية بلغ 60%، وبالتالي يمكن لفلسطين أن تستورد ما قيمته 183-207 مليون دولار كحد ادنى واعلى، على الرغم من أن الواردات الفعلية لم تتجاوز مليون دولار فقط. اما التصدير، فيشير معدل توافق الصادرات الفلسطينية مع الواردات المصرية في هذه المجموعة إلى الانخفاض، حيث لم يتجاوز المعدل 20%. وبالتالي يمكن لفلسطين أن تصدر ما قيمته 17-23 مليون دولار، على الرغم من أن الصادرات الفعلية من هذه المجموعة شبه معدومة.

8-مجال الآلات والأجهزة ومعدات النقل:

يلاحظ من خلال مؤشر التوافق والترابط بين الواردات الفلسطينية والصادرات المصرية انخفاض امكانات التبادل التجاري، حيث لم يتجاوز المعدل 42% بسبب الاختلاف بين الصادرات المصرية والواردات الفلسطينية من هذه المجموعة. ومن الممكن في ظل الحرية التجارية أن تستورد فلسطين ما يقارب 6-22 مليون دولار، كحد ادنى، وفي مجال التصدير يمكن لمصر أن تستورد ما يعادل 3 مليارات دولار حيث بلغ معدل التوافق والترابط 60%.

9-مجال المصنوعات المختلفة:

وتشمل هذه المجموعة كلا من الادوات الصحية، الاثاث، اجهزة التدفئة، الملابس، الاحذية، الادوات العلمية، والادوات الطبية. وتتوافق الواردات الفلسطينية مع الصادرات المصرية بنسبة 35%، أي ما يعادل 105 مليون دولار، على الرغم من أن الواردات الفعلية لم تتجاوز مليون دولار سنويا. اما بالنسبة لتوافق الصادرات الفلسطينية مع الواردات المصرية، فإن المؤشر يتجه نحو الانخفاض، حيث وصل إلى 30% في عام 1995 و20% في عام 1996، ويمكن أن تستورد مصر 16% من وارداتها من هذه المجموعة من فلسطين.

يجد الدارس لهذه الدراسة أهمية طرح موضوع القدرة التنافسية للاقتصاد الفلسطيني وتحديد رزنامة السلع المستوردة والمصدرة من وإلى فلسطين، وبالتالي تحديد الدول التي يمكن التعامل معها تجاريا من اجل تحقيق افضل فرص للتجارة الخارجية الفلسطينية. وهذا يقودنا إلى ضرورة اجراء دراسات مماثلة مع الدول الاخرى لتحديد المركز التنافسي لفلسطين، والجدوى الاقتصادية للدول التي بدأنا في التبادل التجاري معها حديثا، علما بأن الدكتور الجعفري قد أشرف على دراستين اخريين تناولتا التجارة الخارجية الفلسطينية مع كل من الأردن وإسرائيل.

 


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م