استراتيجية وسياسات التصنيع الفلسطيني

المقومات والخيارات المتاحة

 تأليف: د.باسم مكحول

الناشر/معهد أبحاث السياسات الإقتصادية الفلسطيني (ماس)

رام الله2001، 50 صفحة

مراجعة: أسامة نوفل

تعتبر هذه الدراسة من سلسلة الدراسات المهمة التي نشرتها مؤسسة (ماس)، بحيث تهدف المؤسسة من خلال هذه الدراسات إلى جسر الهوة بين المعرفة وبين عملية صنع القرار عبر استخدام أبحاث السياسات، واعدت مؤسسة (ماس) أربعة دراسات حول سياسات واستراتيجيات كل من التصنيع، العمل، الموارد البشرية، والسياسات التجارية الفلسطينية.

وتهدف هذه الدراسة إلى وضع استراتيجية للتصنيع في فلسطين في المديين القصير والطويل، كما تسعى الدراسة إلى حسم الجدل الدائر حول القضايا الخلافية الرئيسية بشأن استراتيجية التصنيع الأكثر ملاءمة للحالة الفلسطينية، وحل التناقضات والتباينات الرسمية في هذا المجال.

قسم الباحث دراسته إلى سبعة أقسام، تناولت المقدمة اهتمام السلطة الفلسطينية بأهمية القطاع الصناعي ودوره المرتقب في أحداث تنمية اقتصادية مستدامة، بالإضافة إلى الإمكانيات المتاحة في هذا المجال وخاصة الأيدي العاملة الماهرة، ورؤوس الأموال المهاجرة، ووجود نخبة من الفلسطينيين حققت نجاحات اقتصادية بارزة محلياً ودولياً، إلا أن هذا القطاع يعاني من مشاكل في هيكليته حدّت من قدرته التنافسية، بالإضافة إلى الإختلالات الناجمة عن ممارسات الإحتلال الإسرائيلي.

كما يعاني هذا القطاع من غياب سياسة اقتصادية معتمدة وواضحة وفاعلة، وشيوع الملكية الفردية والعائلية. حيث تفاقمت أزمة الصناعة الفلسطينية في أعقاب سياسة الإنفتاح التجاري، مما خلق ضغوطاً تنافسية على العديد من الفروع الصناعية مثل صناعة الملابس. ورغم الجهود الحثيثة للسلطة الفلسطينية في هذا المجال والمتمثلة في تحسين البيئة الإستثمارية وتوقيع الإتفاقيات التجارية وإصدار مجموعة من القوانين الإقتصادية، فإنها لا تزال غير قادرة على تحفيز القطاع الخاص على خلق وتحسين الميزة التنافسية للقطاع الصناعي.

أما القسم الثاني من الكتاب فتناول واقع الصناعة الفلسطينية من حيث طبيعتها وهيكليتها، ونوه الباحث إلى أن الصناعة الفلسطينية لازالت بدائية على الرغم من أن الكثير من هذه الصناعة قد تأسست منذ فترة طويلة. كما أن معظم المشاريع الصناعية تتركز تسويقياً على مناطق جغرافية ضيقة، ولم تطور هذه المشاريع أسماءً تجارية معروفة، وتنتج سلعا غير مميزة في السوق وتتنافس على أساس الأسعار. وبيَن الباحث أن سياسة التعاقد بالباطن قد ساهمت في تراجع الصناعة الفلسطينية، بالإضافة إلى مجموعة من المشكلات أهمها غياب الترابط الأمامي والخلفي وافتقار الصناعة إلى التكنولوجيا الحديثة وضعف الدور الذي تقوم به المؤسسات المساندة بما فيها مؤسسات التمويل والإتحادات والنقابات، بالإضافة إلى غياب السياسة العامة المشجعة للصناعة، وضعف البيئة التشريعية والإستثمارية مما ترتب عليه زيادة المخاطر وانتشار روح التردد بين المستثمرين.

وتناول القسم الثالث من الدراسة استراتيجية التصنيع والسياسات الصناعية الفلسطينية، بحيث استعرض الباحث إنجازات السلطة الفلسطينية المتمثلة في إصدار العديد من القوانين الإقتصادية، والمباشرة في تحسين خدمات البنية التحتية، بما فيها المناطق الصناعية، وإعادة هيكلية الصناعة الفلسطينية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وكان أهم ما جاء في استراتيجية الصناعة الفلسطينية المعلنة، هو الموازنة بين خياري احلال الواردات، وتشجيع الصادرات، وذلك بهدف معالجة التشوهات التي يعاني منها الإقتصاد الفلسطيني، ومن حيث تقييم السياسات الصناعية والتي في مجملها تشكل الإستراتيجية، اعتبر الباحث أن هناك عشر سياسات اتبعتها السلطة الفلسطينية، في مجال الصناعة، وهي: إنشاء مؤسسة المواصفات والمقاييس للعمل على حماية الصناعة ورفع جودتها، وقد اعتمدت هذه المؤسسة أكثر من 622 مواصفة صناعية قبل الإنتفاضة و10 مواصفات خلال الإنتفاضة، هذا بالإضافة إلى 19 مختبراً. كما أصدرت نحو 120 شهادة جودة. والسياسة الثانية تتمثل في سياسات الترخيص الصناعي والهادفة إلى توجيه الإستثمارات نحو قطاعات معينة أو لحماية المستهلك، لكن دور هذه السياسة لازال محدوداً، حيث يترك للمستثمر اختيار المشروع دون توجيهه، وهذا يعود إلى عدة أسباب، منها ما يتعلق بالوضع القانوني السائد، وقلة المهارات المتوفرة للعاملين في دائرة الترخيص، والسياسة الثالثة تتمثل في سياسة التدريب الصناعية وهذه السياسة غير متوفرة بالشكل المطلوب.

أما السياسة الرابعة، فتتمثل في سياسة تشجيع الإستثمار بهدف تقليل عنصر المخاطرة الناجمة عن عدم الإستقرار السياسي من جهة، وجذب استثمارات أجنبية ومحلية من جهة أخرى. ورغم إصدار السلطة الفلسطينية لقانون تشجيع الإستثمار، إلا أن هناك مجموعة من العوائق التي تواجه هذا القانون، من ضمنها الوضع السياسي غير المستقر، وقصور البنية التحتية، وتواضع دور الجهاز المالي والمصرفي في عملية التمويل، وعدم اكتمال منظومة التشريعات الفلسطينية.

أما السياسة الخامسة، فتتمثل في سياسة الترويج، فعلى الرغم من مشاركة الكثير من الجهات في هذه السياسة إلا أنها تفتقر إلى الخطة الوطنية الواضحة، وتعدد الجهات والمؤسسات القائمة على هذه النشاطات وحدوث تداخل في الصلاحيات والمسؤوليات، وقلة التحضيرات اللازمة قبل المشاركة في المعارض التجارية، وخاصة فيما يتعلق بدراسة اسواق الدول المستهدفة لتحديد القدرة التنافسية، والسياسة السادسة، تكمن في سياسة تشكيل الإتحادات الصناعية، حيث تم تشكيل 21 اتحاداً تخصصياً، ولكن يؤخذ عليها افتقارها إلى الدور الحقيقي والمنشود في الدفاع عن حقوق المصانع.

أما السياسة السابعة، وتتمثل في سياسات التمويل، فبالرغم من تعدد مؤسسات التمويل والبنوك التجارية في فلسطين، إلا انه لا توجد سياسة تشجيعية خاصة بالصناعة في هذا المجال.

والسياسة الثامنة، تتعلق بتأهيل الصناعة ويقصد بها تطوير البيئة المحيطة بها، وتطوير عناصر المنافسة، وهذه السياسة ذات اهتمام كبير.

أما السياسة التاسعة، فتناولت السياسات التجارية، واعتبر الباحث أن هناك اجحافاً بحق الصناعة في مجال السياسة التجارية، حيث حدّت اتفاقية باريس الإقتصادية نمو وتطور الصناعة وخاصة في مجال المنافسة الإسرائيلية للمنتجات المحلية، هذا بالإضافة إلى تحكم إسرائيل في المعابر، وتحديدها للسلع الواجب استيرادها وأماكنها.

ورغم ذلك، فقد سعت السلطة الفلسطينية إلى عقد الإتفاقيات التجارية مع الخارج، لكن هذه الإتفاقيات بقيت غير فاعلة بسبب تحكم إسرائيل في المعابر ومحتويات هذه الإمكانيات.

والسياسة العاشرة، تمثلت في سياسات البنية التحتية المادية، واعتبر الباحث أن السلطة الفلسطينية أنفقت ما يقارب 900 مليون دولار، منذ عام 1994 وحتى نهاية 2000 بهدف تحسين خدمات البنية التحتية والمناطق الصناعية. وتعاني هذه السياسة من عدة مشاكل أهمها، ضعف البنية الإستثمارية في فلسطين، وعدم وجود اتفاقيات مع إسرائيل بشأن المناطق الصناعة الحدودية والتدمير المستمر للبنية التحتية من قبل إسرائيل.

أما القسم الرابع من الدراسة، فقد تناول الدروس والعبر المستفادة من تجارب الدول المجاورة في مجال التصنيع، وركز الباحث على أهمية دور الدولة في تحديد استراتيجية الصناعة وادواتها سواء من خلال الدور التأشيري (وضع سياسات اقتصادية كلية)، والإعتماد على آلية الأسواق في تنفيذ هذه السياسات، أو الدور المساند، بحيث تحدد الحكومة التوجهات العامة لكنها تحدد أيضا بعض السياسات الدقيقة لدفع النشاط الإقتصادي باتجاه معين، أو الدور الفعال للحكومة، بحيث تتدخل بشكل مباشر وفعال في بعض القطاعات لمساعدتها على التكيف، والخيار الأخير هو الدور المركزي.

أما تجارب الدول المختلفة في مجال التصنيع فلخصها الباحث في اعتماد هذه الدول استراتيجية تشجيع الصادرات، بالإضافة إلى إتباع آلية السوق، بمعنى عدم مزاحمة الدول للقطاع الخاص في نشاطات الصناعة، كما أن متطلبات اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية، التي إنبثقت عنها تشترط على الدول إلغاء جميع القيود على تدفق السلع المستوردة، مما يقلل من إمكانية حماية الصناعة الوطنية. كذلك تبين أن الدول الناجحة في مجال الصناعة استطاعت الوصول إلى المستوى المطلوب والتنمية من خلال توفر أجهزة حكومية متخصصة ومؤهلة ولديها الخبرات الكافية لتقييم البدائل ومراقبة التنفيذ، وتعديل السياسات الصناعية حسب التطورات الإقتصادية المحلية والدولية بالإضافة إلى التركيز على السياسات الصناعية حسب التطورات الإقتصادية المحلية والدولية مع التركيز على السياسات الهادفة إلى تقليل تكلفة الإنتاج بدلا من السياسات الهادفة إلى زيادة الإيرادات. كما ركزت هذه الدول على دعم وتطوير القطاعات الإستراتيجية ذات التقنية العالية بدلا من حماية الصناعات الوليدة. أما القسم الخامس من الدراسة، فركز على معوقات التصنيع في المناطق الفلسطينية، واعتبر الباحث أن المناطق الفلسطينية تفتقر بشكل عام إلى الخامات المعدنية، باستثناء تلك الخاصة بأملاح البحر الميت. وتعتبر الحجارة والرخام من أهم الموارد المتوفرة، وهناك مجموعة من المقومات أهمها المقومات السياحية وخاصة الدينية، إلا أن هناك محدودية في السيطرة على المناطق الجغرافية. وفي مجال رأس المال وهو احد المقومات الأساسية للصناعة، نجد أن هناك ضعفاً في قاعدة الموارد الرأسمالية التامة للإستثمار بسبب ارتفاع عنصر المخاطرة، أما المعوقات البشرية فهي تتوفر في المناطق الفلسطينية بشكل كبير، وتتصف بالمهارة.

واخيراً، حجم السوق المحلية وهو احد المعوقات الأساسية ولكنه يتصف بصغر حجمه، مما يؤثر سلباً على امتداد الصناعة الفلسطينية. وفي مجال استراتيجية التصنيع والسياسات المقترحة في المدى القصير، وهو القسم السادس من الدراسة، فقد اعتبر الباحث أن هذه الإستراتيجية (الإحلال محل الورادات)، تخدم سيناريو بقاء الواقع السياسي الحالي والمتمثل في استمرار الإحتلال الإسرائيلي للقسم الأكبر من الأراضي الفلسطينية، وسيطرته على الحدود والمعابر، هذا يتطلب التركيز على التصنيع الموجه نحو السوق المحلي بالدرجة الأولى، وذلك بسبب ضعف القدرات التصديرية، إلا أن ذلك لا يعني اهمال بعض الصناعات التصديرية ذات المزايا النسبية والمطلقة مثل الصناعات الإستراتيجية (الحجر والرخام). ووضع الباحث مجموعة من السياسات التي تخدم هذه الإستراتيجية وهي، سياسة التمويل حيث يقترح العمل على تنفيذ القوانين والإجراءات المتعلقة بالعمل المصرفي وتطوير سلطة النقد بهدف مراقبة عمل المصارف وتطويرها، كما يقترح أيضا إنشاء بنك اقراض صناعي متخصص يكون هدفه تنمية القطاع الصناعي، بالإضافة إلى إقامة برنامج إقراض متخصص للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والسياسة الثانية ترتكز على السياسة المالية ويقترح تخفيض ضريبة القيمة المضافة على المنتجات المحلية بهدف تشجيع الطلب عليها مما يعزز قدرتها التنافسية، وهذا يتطلب الإنتهاء من إعداد قانون ضريبة الدخل وإقراره والإسراع في مأسسة هيئة تشجيع الإستثمار، بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية على بعض السلع المستوردة، بهدف توفير حماية فعلية مؤقتة لبعض الصناعات الفلسطينية. كما تتطلب السياسة المالية المنشودة تنفيذ سياسات الأفضلية للمنتجات الفلسطينية فميا يتعلق بعطاءات مؤسسات السلطة الفلسطينية، وذلك من منطلق مساندة الصناعات المحلية. وفي مجال السياسة التجارية يقترح الباحث التركيز على سياسة الحماية بمسمياتها المختلفة، بحيث لا تسبب خرقاً للإتفاقيات التجارية الدولية، وهذا يتطلب وضع خطة وطنية للتسويق تشمل تحديد الصلاحيات والمسؤوليات لكل من القطاع الخاص والقطاع الحكومي، هذا بالإضافة إلى دراسة الأسواق الخارجية ومعرفة المركز التنافسي للصناعة الفلسطينية.

وفي مجال سياسة البحث والتطوير، يقترح الباحث إنشاء مراكز للبحث والتطوير ووضع القوانين التي تشجع عملها، مثل قانون الملكية الفكرية وبراءات الإختراع وغيرها، والمساهمة في تنظيم التعليم العالي والإكاديمي والتقني، بما يخدم الإقتصاد الفلسطيني، وحث المنشآت الكبيرة على إنشاء دوائر البحث والتطوير، وهذا يتطلب ضبط ومراقبة المواصفات من قبل السلطة الفلسطينية، وذلك من خلال دعم وتشجيع الصناعيين للوفاء بمتطلبات السوق العالمية من حيث المقاييس والمواصفات، وتوسيع الإعتراف المتبادل مع معاهد المواصفات الدولية.

وتحتاج السياسات السابقة إلى متطلبات للنجاح، أهمها وضوح الرؤية الإقتصادية لدى السلطة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالسياسة الإقتصادية المعتمدة، ومراجعة للإتفاقيات الإقتصادية والتجارية الموقعة مع الدول، واستكمال بناء المؤسسات والهيئات اللازمة لتفعيل القطاعات الإقتصادية مثل المجلس الإقتصادي الأعلى، وإعادة هيكلة مؤسسات السلطة الفلسطينية، واعداد خطة جيدة لتقييم وتنفيذ وإدارة المشاريع الإستثمارية في البنية التحتية، واخيراً إنشاء مجلس تنسيقي للمؤسسات المساندة للقطاع الخاص.

أما القسم السابع من الدراسة، فتناول استراتيجية وسياسات التصنيع في المدى الطويل، ويفترض الباحث توفر حد معين من الأستقلالية للقرار السياسي وسيطرة معينة على الموارد الإقتصادية والمعابر، والقدرة على رسم وتنفيذ السياسة الإقتصادية بحيث تكون استراتيجية التصنيع في الأجل القصير قد حققت أهدافها. ويقترح الباحث، إتباع استراتيجية التصنيع من اجل التصدير والإعتماد على القدرة التنافسية، وتهدف هذه الإستراتيجية إلى زيادة انتاجية عناصر الإنتاج، بما يضمن تحقيق كفاءة انتاجية وتحسين نوعية السلع والخدمات المنتجة. ومن اجل ذلك يقترح الباحث مجموع من القطاعات الرائدة في فلسطين والتي تقوم على أساس مجموعة من المقومات أهمها، المقومات القائمة على الموارد الطبيعية، مثل الصناعات الإستراتيجية، الصناعات السياحية، كما أن هناك قطاعات رائدة تقوم على أساس الأيدي العاملة الماهرة ذات الإنتاجية العالية، مثل الصناعات التجميعية (الملابس و الأحذية)، والقطاعات الرائدة الأخرى المتمثلة في الصناعات القائمة على المعلومات، حيث يميز هذه الصناعات ضخامة الطلب العالمي عليها، وعدم حاجتها إلى استثمارات مالية ضخمة، وهي لا تحتاج إلى معدات وآلات ثقيلة بحيث تقتصر الآلات المطلوبة على بعض أجهزة الكمبيوتر الحديثة، واهم عناصر نجاح هذه الصناعة وجود أيدي عاملة مدربة وشبكة اتصالات متطورة.

وفي مجال السياسات المقدمة لخدمة هذا السيناريو، فيقترح الباحث مجموعة من السياسات الصناعية تتمحور، في دور حكومي اعتيادي يهدف إلى تحقيق استقرار في الإقتصاد وخلق بيئة استثمارية، والتركيز على سياسة التعليم والتدريب بهدف خلق مهارات متخصصة، وسياسات تحديث الميزة التنافسية من خلال رفع نوعية السلع والخدمات الإنتاجية، وسياسة دعم البنية التحتية، وسياسة رفع مستوى المواصفات والمقاييس، والإهتمام بالإتفاقيات التجارية، والإنفتاح على الخارج.

تقييم الدراسة:

تعتبر الدراسة من الدراسات المهمة والهادفة إلى توجيه صانع القرار إلى السياسات الواجب اتباعها في تنمية القطاع الصناعي، واهم ما يميز هذه الدراسة، أنها وضعت سيناريوهين، أولهما بقاء الوضع الراهن، والثاني الحصول على نوع معين من السيطرة الإقتصادية. أما الإنتقادات الموجهة للدراسة، فتتمثل فيما يلي:

1- اعتبرت الدراسة أنه رغم النجاحات التي حققتها بعض أفرع الصناعة في المناطق الفلسطينية، فإن الأداء الكلي للقطاع الصناعي ودوره في الإقتصاد الفلسطيني، مازال متواضعاً. واعتقد أن المتتبع لتطور القطاع الصناعي الفلسطيني يجد أن هناك اهتماماً ملحوظاً بالقطاع الصناعي، وذلك من خلال إصدار قانون تشجيع الإستثمارات، وقانون المناطق الصناعية، وقد انعكس ذلك على مستوى تطور الصناعة، حيث ارتفعت نسبة مساهمتها في الناتج المحلي من 11% إلى 18% خلال الفترة 1994-2000، كما لوحظ توجه ملحوظ من قبل المستثمرين الأجانب نحو القطاع الصناعي خلال نفس الفترة مقارنة بالقطاعات الأخرى. وهذا يتناقض مع ما جاء في الدراسة.

2- استعرضت الدراسة تجارب الدول، فيما يتعلق بالقطاع الصناعي، ولكن هذه التجارب تعكس استراتيجيات وسياسات لدول مستقلة منذ فترة طويلة، وهذا لا ينطبق على الحالة الفلسطينية. كما أن لكل دولة مستقلة استراتيجية تختلف عن الدول الأخرى بناءاً على خصوصيات الدول والمقومات المتوفرة لديها.

3- استعرض الباحث مجموعة من المشاكل التي يعاني منها القطاع الصناعي، وأرجع معظمها إلى سياسات الإحتلال، وخاصة في مجال التعاقد من الباطن وغير ذلك. مع أن كثير من الفروع الصناعية قد ازدهرت بفعل التعاقد بالباطن، والإمتيازات التي تحصل عليها الشركات الإسرائيلية من الخارج، واهم هذه الفروع هو الملابس. كما أن صغر حجم المؤسسات الصناعية (كما استعرضتها الدراسة على أنها مشكلة)، لا يعكس تخلف وتراجع القطاع الصناعي، حيث أن الكثير من الصناعات من دول العالم، اعتمدت على المشاريع الصغيرة في تنمية قطاعها الصناعي.

أيضا اعتبر الباحث أن هناك غياباً للسياسة العامة المشجعة للصناعة، وهذا ما يتناقض مع ما جاء في الدراسة في القسم الثالث، حيث اعتبر الباحث أن السلطة الفلسطينية، قد بذلت جهداً كبيراً منذ تأسيسها لتحسين البنية الإستثمارية، وإنها أصدرت العديد من القوانين الإقتصادية المهمة، ووقعت اتفاقيات تجارية مع الخارج.

4- استعرض الباحث نوعين من الإستراتيجيات الأولى في المدى القصير، والثاني في المدى الطويل، والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هو معيار تحديد المدة الزمنية للمدى القصير والمدى الطويل وخصائص كل مرحلة على حدة.

كما أن استراتيجية المدى القصير والتي تتركز على الإنتاج من اجل الإحلال محل الواردات لها مخاطر كبيرة حيث أن هذه الإستراتيجية تحتاج إلى استيراد المزيد من الآلات والمعدات مما يفاقم العجز في الميزان التجاري، كما أن المناطق الفلسطينية تعتمد على استيراد العديد من السلع الصناعية، وبالتالي فإن إتباع هذه الإستراتيجية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المحلية غير التنافسية، بسبب الإعتماد عليها في الإستهلاك. كما أن إتباع هذه الإستراتيجية يؤدي في بعض الأحيان إلى تباطؤ حجم المبادلات مع الخارج وهذا يتناقض مع استرتيجية السوق التي تقوم على أساس الإنفتاح الإقتصادي مع الخارج وتوسيع الأسواق.

6- دافع الباحث في مجال السياسات الصناعية عن سياسة الحماية، بأشكالها المختلفة، وهذا يتناقض مع اتفاقية الجات ومنظمة التجارة الدولية، كما أن الحماية قد تؤثر سلباً على القطاع الصناعي بسبب تفرد الصناعات المحلية بالسوق المحلي، ومن ثم تراجع القدرة التنافسية لهذه الصناعات مع الخارج.

7- طرح الباحث مجموعة من القطاعات الصناعية، اعتبرها قطاعات رائدة. فما هو معيار تحديد هذه القطاعات، خاصة انه لم تجر دراسات كافية لتحديد المركز التنافسي للصناعات الفلسطينية، كما أن اغلب القطاعات الرائدة المطروحة في الدراسة تواجه منافسة شديدة.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م