الرئيس الراحل ياسر عرفات

في آخر حديث صحفي له

أكد الرئيس الراحل أن إسرائيل لن تتفاوض لإقامة دولة فلسطينية مستقلة أبداً، وان تحقيق السلام مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي ارئيل شارون يكاد يكون مستحيلاً-وجاء ذلك في حوار مع وفد صحفي بريطاني.

وأعرب عرفات عن اسفه لضياع فرصة التوصل لإتفاق مع إسرائيل خلال مفاوضات كامب ديفيد الثانية، التي رعاها الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون بنفسه، مؤكدا على أن الذين يلقون باللائمة على الفلسطينيين في فشل المفاوضات يجافون الحقيقة لأن الجانب الإسرائيلي هو المسؤول عن إفشالها، وصب جام غضبه على رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود باراك، لمواقفه من السماح لشارون بزيارة المسجد الأقصى والتي أدت لإندلاع الإنتفاضة الثانية عام 2000.

وسئل الرئيس الراحل عرفات: كيف تنظر القيادة الفلسطينية ممثلة في الرئيس عرفات إلى خطة فك الإرتباط والإنسحاب الأحادي الجانب التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون، وهل ترون انه جاد بالفعل في المضي قدما لتنفيذ خطة خارطة الطريق؟

فأجاب: ما يحدث في غزة ستكون له تداعيات على عملية السلام برمتها، وهو إما سيترك اثاراً سلبية عليها أو يحمل ما هو ايجابي إزاءها، والدور المصري مهم للغاية في تحقيق الإنسحاب الإسرائيلي وهناك إعلان بزيارة مرتقبة لوزير الخارجية المصري، احمد أبو الغيط، ورئيس المخابرات اللواء عمر سليمان، لإسرائيل للتباحث حول هذا الموضوع.

لقد اتفقنا منذ البداية على أن يكون الإنسحاب الإسرائيلي حقيقياً وليس مجرد إعادة نشر للقوات، واقصد بإعادة الإنتشار هو أنهم عندما ينسحبون من معظم غزة، فإنهم يقومون بإغلاق قلقيلية في شمال الضفة وبيت لحم في الجنوب، بينما يتمسكون بالبقاء في ممر فيلاديلفيا على الحدود مع مصر في غزة.

مصر قبلت ضرورة أن يكون الإنسحاب جزءاً من خارطة الطريق، وهي مصممة على أن تكون خطة الإنسحاب الإسرائيلي الأحادي، في إطار خطة يتم التفاوض بشأنها بين الأطراف، هل تعلمون أن الإنسحاب من غزة تم طرحه بالفعل منذ فترة طويلة وبالتحديد خلال مباحثات كامب ديفيد الأولى بين السادات وبيغن، وقد ناقشنا هذا الإقتراح في حينه عام 1978، ولكننا قررنا وقتها أن غزة وحدها ليست مقبولة. حتى في مفاوضات اوسلو كان من المفترض أن تكون غزة أولا ولكنني صممت على أنني لن أوقع ما لم تكن غزة وأريحا معاً

وسئل الرئيس الراحل عرفات: الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، تؤكدان دائما على انه لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض معه بشأن عملية السلام. في رأيك من هو الشريك الحقيقي الذي يمكن أن تفاوضه أنت، فيما يتعلق بتنفيذ التعهدات والإلتزامات الخاصة بعملية السلام بينكم وبين إسرائيل؟.

فأجاب "شريكي هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحق رابين، كان يلتزم بتعهداته، وقد قامت العديد من دول العالم بإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل نتيجة لموقف رابين بالإلتزام بتعهداته. من الصعب للغاية تحقيق السلام مع شارون وربما يحدث ذلك مع نتنياهو، تذكروا أن نتنياهو هو الذي وافق مبدئياً على اتفاق وأي ريفر، بينما رفضه شارون. وقد ضغط عليه كلينتون لقبول الإتفاق ثم جاءت بعد ذلك كامب ديفيد ثم تقرير ميتشل.

بالنسبة لباراك فإنه هو الذي أعطى الموافقة لشارون للقيام بزيارة الحرم القدسي الشريف، وقد اتصلت بباراك وقتها وقلت له: إنني آت لزيارتك في منزلك، أنا ونبيل شعث وأبو مازن "محمود عباس" وابو علاء احمد قريع، وقلت له: أنت جنرال وشارون ايضاً جنرالً، كيف لا تحترمان الأمر الذي أصدره موشيه ديان في 11 حزيران 1967، عندما أمر بإنزال العلم الإسرائيلي الذي رف وقتها فوق الحرم الشريف؟، لقد حظر ديان على أي إسرائيلي زيارة الحرم الشريف في القدس. أنت لا تفهم ما يمكن أن يحدث، من فضلك لا تقدم على هذا الخطأ القاتل، ورغم ذلك فقد أقدم عليه. وقبله حذرنا نتنياهو عندما أقدم على حفر نفق اسفل الحرم الشريف، وبالأمس فقط فإن ما فعله المستوطنون في الحي الأرمني في القدس تسبب في حدوث مشاكل.

وسئل: هل تجد العيش في هذا السجن أمرا صعباً؟، فأجاب ليست هذه هي المرة الأولى التي ادخل فيها السجن. ففي الماضي عامي 1970 و1971، اضطررت للعيش لمدة عامين في الجبال بين الثلوج والجليد والقصف الإسرائيلي مستمر يومياً.

ورداً على سؤال: بالعودة إلى الوراء من خلال العقود التي أمضيتها في قيادة الشعب الفلسطيني، هل كان هناك أي شيء ترى الآن انه كان من الأفضل أن تقوم به بطريقة مختلفة؟

فأجاب: لقد اسفت لفقدان الفرصة في كامب ديفيد، عام 2000، هم يقولون أن الفلسطينيين هم الذي تسببوا في ضياع الفرصة، وعدم انتهازها في تلك المفاوضات التي رعاها الرئيس كلينتون بنفسه، وهم بذلك لا يقولون الحقيقة. يكفي أننا استكملنا مفاوضات كامب ديفيد في باريس وفي مكتب الرئيس شيراك، ثم في قمة شرم الشيخ، وبعد ذلك حصلنا على تقرير ميتشل. ولكن الإسرائيليين أرادوا الإحتفاظ بالسيطرة على الجو والبحر. وقد ارادوا أن تكون لديهم سيادة عمودية على الحرم الشريف، وان يخضع الحي المسيحي الأرمني في القدس للسيادة اليهودية. ذهبت إلى لجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي والمسيحيين واليهود، عندما كنا اطفالا صغاراً كنا نلعب سوياً معا، أنا واليهود في القدس. وبعد ذلك في شرم الشيخ، ذهبنا في الصباح للإجتماع مع الإسرائيليين لأن الرئيس مبارك طلب منا أن نحضر، غير أن باراك رفض الحضور للتوقيع.

 وردا على سؤال حول إمكانية التوصل لحل وسط بشأن حق العودة للاجئين الفلسطينيين؟

 قال الرئيس عرفات: نعم لقد توصلنا لإتفاق بشأنه مع باراك. أولا: أولئك الذين تم تشريدهم عام 1967 واصبحوا لاجئين فإن موضوعهم يمكن أن تتم تسويته ولا مشكلات في هذه النقطة. ثانياًَ: لاجئو 1948 وهؤلاء نجحنا في التوصل لإتفاق بشأنهم مع باراك بحضور الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون، البعض من هؤلاء اللاجئين يعيشون أوضاعا صعبة خصوصا في لبنان الذي يحظر عليهم العمل في 69 نوعاً مختلفاً من الوظائف. وقد سألني كلينتون عن عدد اللاجئين في لبنان فقلت له، إنني عندما كنت في لبنان كان عددهم يبلغ 480 الفاً، ولكن بعضهم هجروا إلى أوروبا وكندا واستراليا وبلدان امريكا اللاتينية، وعاد كلينتون ليسألني: كم عدد من تبقى منهم في لبنان حالياً، فقلت في حدود 320 الفا. بعد ذلك قال كلينتون إنه اتصل بالرئيس اللبناني سأله عن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فأجاب أن عددهم 190 ألف لاجئي هذا العدد هو ما يتعين أن يعود، إما إلى إسرائيل وإما إلى الضفة، وقبل باراك بذلك.

( الحياة الجديدة 11/12/2004 )


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م