حل إنساني على المستوى الإقليمي للصراع

 الإسرائيلي-الفلسطيني- موجز

ترجمة: زهير عكاشة

أ- تقييم:

1- لا شك أن النموذج العقلاني التقليدي لحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني فشل فشلاً ذريعاً حيث لم يجلب سوى الأسى والبؤس على الطرفين، ولا سيما على الفلسطينيين كأفراد.

2- هذا النموذج التقليدي يسعى إلى حل الصراع حلاً سياسياً يتضمن إنشاء كيان فلسطيني يتمتع بالحكم الذاتي على أراضي يهودا والسامرة وغزة، التي خضعت للاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، أي الحل الذي يقوم على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام".

3- إن أي تقييم مادي لتاريخ الصراع وتطوراته الراهنة سيدل دلالة واضحة على أن مساعي تحقيق حل سياسي على أساس نموذج تقليدي هي مساعي عقيمة في مجملها وضارة إلى أبعد الحدود. وبناء عليه ينبغي إتباع أنماط بديلة للحل.

ب- تحليل:

من خلال تحليل أفعال وتصريحات الفلسطينيين على مدى الأعوام، يصعب تفادي الاستنتاج القائل بأن الفلسطينيين غير راغبين وعاجزين عن تحقيق حلم الدولة.

أ- عدم الرغبة الفلسطينية:

وهذا ينعكس من خلال الرفض الفلسطيني لأي اقتراح حقيقي يمنحهم دولة بدءاً بخطة التقسيم عام 1947 وانتهاءاً باقتراحات براك عام 2000.

ب- العجز الفلسطيني:

ما من شك أن الحركة الوطنية الفلسطينية مرت بظروف جيدة لم تمر بها أي حركة استقلال أخرى في العالم منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. فقد حظيت هذه الحركة باعتراف دولي واسع النطاق ودعم أحد القويتين العظميين في العالم خلال سنوات الحرب الباردة، فضلاً عن تعاطف إعلامي واسع النطاق من قبل كبرى المؤسسات الإعلامية في العالم. وقد توج ذلك باعتراف إسرائيل بالتطلعات الفلسطينية الوطنية على ما يربو على عقد من الزمن.

ورغم ذلك فإن إنجازات هذه الحركة سيئة بل أسوأ ما حققته أي حركة استقلال وطني في العالم، لأنها لم تجلب لشعبها سوى الحرمان والفقر المدقع.

2- من هنا يسهل جداً استيعاب طبيعة التصرفات الفلسطينية فيما لو افترض المرء أن هذه التصرفات وجهها رفض الوجود الإسرائيلي القوي أكثر مما وجهها إصرار هذه الحركة على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كما وجهها أيضاً الإصرار على تدمير دولة إسرائيل أكثر مما وجهها الإصرار على إنشاء دولة فلسطينية.

3- وضوح هذا التفسير للتصرفات الفلسطينية أي رفض حق تقرير المصير للشعب اليهودي والإصرار على تدمير دولة إسرائيل، يعكس إيجندا لا تحظى بأي قبول وفق المعايير الدولية ولهذا لابد أن تصنف في قائمة فاقد الشرعية.

4- وبناء عليه إذا لم تنسجم الرواية الفلسطينية (الرغبة في حق تقرير المصير وتطلعات الدولة الفلسطينية) مع تاريخ التصرفات الفلسطينية، فلابد أيضاً من تصنيف هذه الرواية ضمن قائمة فاقد الشرعية.

5- قضية شرعية الرواية هي قضية حاسمة. والواقع هو أن أساس النسق السياسي بما في ذلك إنشاء دولة فلسطينية يكمن في شيئين: إما القدرة على فهم وإما عدم القدرة على فهم الرواية الفلسطينية على أنها غير شرعية.

 

ج- الخاتمة:

1- إنشاء دولة فلسطينية بند لابد من إزالته من الإيجندا الدولية.

2- ومع ذلك فإن شطب قضية الدولة الفلسطينية من الإيجندا الدولية لن يلغي الحالة الإنسانية للفلسطينيين المقيمين في مناطق تديرها إسرائيل.

3- هذه قضية لابد من معالجتها وحلها وذلك لن يتم ضمن أطر سياسية بل ضمن أطر إنسانية.

4- من أجل حل القضية الفلسطينية حلاً ناجعاً لابد من استبدال النسق السياسي بنسق إنساني، وهذا لا يتم إلا بإخراج الرواية الفلسطينية الراهنة التي تشكل أساس النسق السياسي عن القانون.

5- إذن تجريد الرواية الفلسطينية من الشرعية يعتبر شرطاً اساسياً لأي حل شامل للقضية الفلسطينية.

د- اقتراح:

1- حل القضية الفلسطينية حلاً إنسانياً شاملاً يتضمن ثلاثة عناصر هامة وهي:

أ- حل وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) وهذا سينهي المعاملة التمييزية للفلسطينيين فيما يخص وضعهم كلاجئين.

ب- القضاء على التمييز العرقي ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في العالم العربي، وهذا سينهي المعاملة التمييزية ضد الفلسطينيين فيما يخص وضعهم كمواطنين.

ج- تخصيص منح سخية لإعادة توطين الفلسطينيين المقيمين في أراضي تديرها إسرائيل على أسس فردية وليس عبر أي وكالة فلسطينية رسمية.

2- وكالة إغاثة وتشكيل اللاجئين الفلسطينيين عملت إطالة أمد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وهي وكالة شاذة خلقت فقط من أجل قضية اللاجئين الفلسطينيين وحدهم، مع أن اللاجئين الآخرين على وجه هذه المعمورة يخضعون لمعاملة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

3- هذه الوكالات لا تعامل اللاجئين تحت إشرافها بشكل موحد بل أن لكل منها تعريفها الخاص لتصنيف الفرد "كلاجئ".

4- لهذا التباين في التعريفات تداعيات متشعبة، فبينما أدى تعريف وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين للاجئ إلى زيادة عدد اللاجئين على مر الزمن، نجد أن تعريف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قلص عدد اللاجئين في العالم.

5- والواقع، لو أن تعريف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين طبق على الحالة الفلسطينية فلهبط عندئذ عددهم من 4 أو5 ملايين إلى 200 أو 300 ألف لاجئ أي بنسبة 90%.

6- لهذا يبدو أن وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا تعمل على تطويل أمد المشكلة التي خلقت أصلاً من أجل حلها.

7- وبناء على هذا الأساس يعتبر حل الأونروا وإنهاء عملها شرطاً أساسياً وضرورة يتطلبه حل القضية الفلسطينية حلاً شاملاً وعادلاً.

8- حل الأونروا يضع العدد المتبقي من اللاجئين الفلسطينيين والذي سيقلص إلى أبعد الحدود تحت إشراف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وفق معاملة مقبولة كالتي تطبق على سائر اللاجئين الآخرين على وجه هذه البسيطة.

9- بعدها لا يصنف هؤلاء الفلسطينيين كلاجئين بموجب هذه الترتيبات ويجب أن يمنحوا كل تلك الامتيازات الممنوحة لشعوب الدول العربية التي يقطن فيها هؤلاء اللاجئون بما في ذلك منحهم حق المواطنة.

10- ولإنجاز هذا الهدف لابد من تدشين حملة إعلامية ودبلوماسية مكثفة لإغراء الحكومات العربية على إنهاء هذا التمييز القاسي بحق ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون فيها، واستيعابهم في مجتمعاتها كمواطنين يتمتعون بكافة الحقوق. بعد ذلك يستطيع الفلسطينيون أن يؤكدون "أنهم جزء من الأمة العربية" وهي الفقرة التي وردت في ميثاقهم.

11- أما بالنسبة للفلسطينيين الذين يقيمون على أراضي تديرها إسرائيل فهناك بديل وحيد معقول وذو جدوى وهو سيعمل على:

أ- تخليصهم من المحنة الإنسانية التي يعيشونها.

ب- تحريرهم من جلافة وسوء سيطرة أجيال من قادتهم.

ج- ضمان بقاء إسرائيل دولة قومية لليهود.

لاشك أن هذا يعتبر رزمة سخية لإعادة توطينهم واسكانهم الأمر الذي سيتيح لهم بدء حياة جديدة لهم ولأسرهم في دول تشاركهم نفس الظروف الثقافية والاجتماعية والدينية.

12- ومن أجل تقليص قدرة أي جماعات فلسطينية منظمة لها مصلحة في عرقلة نجاح هذه الجهود، ينبغي عرض إغراء مالي سخي لتشجيع الهجرة من قبل أرباب الأسر الفلسطينية حسب معايير فردية وليس جماعية.

13- استطلاع للآراء أجري في نوفمبر 2004 أشار إلى أن 15% فقط من السكان الفلسطينيين المقيمين على أراضي تديرها إسرائيل يرفضون العرض فوراً بينما يقبل به نحو 70% كشكل من أشكال التعويض المادي كإغراء على الهجرة بشكل دائم من المناطق التي تديرها إسرائيل حالياً.

14- التكلفة الاقتصادية لتطبيق هذه السياسة المالية السخية للإسكان والتوطين أمر مقدور عليه، خصوصاً إذا ما قورنت باقتراحات توطين أخرى مطروحة على الطاولة. هذه التكلفة تصل إلى نحو 50% من مجمل نفقات الحرب الأمريكية على العراق.

15- إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل حالياً، تستطيع إسرائيل أن تسدد حصتها على مدار عشرة أو خمسة عشرة عاماً قادمة. يجب التنويه في هذا السياق إلى أن هذه المدة هي تقريباً نفس المدة التي انقضت منذ توقيع اتفاقيات أوسلو التي لم تجلب سوى الفشل والمآسي والتي أنفقت فيها مليارات الدولارات وزهقت فيها آلاف الأرواح.

16- إذا ساهمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول متطورة أخرى في هذه الجهود فقد تنفذ خلال فترة زمنية أقل من ذلك بكثير ولن يتحمل الاقتصاد العالمي عبئاً ثقيلاً.

17- العكس بالضبط هو الذي سيحصل، فالفلسطينيون الذين يصلون إلى بلدانهم الجديدة للإقامة فيها لن يكونوا بعد اليوم لاجئين محرومين بل اغنياء لأن الأموال التي سيحملونها معهم ستساهم في تعزيز اقتصاد البلدان التي يعيشوا فيها علماً بأن أغلبها دول نامية في أمس الحاجة لمثل هذا التدفق الوافر للأموال.

هـ- موجز:

المبادرة المقترحة هي مبادرة ناجحة مائة في المائة وهي:

- ستخفف بل ستقضي على المحنة الإنسانية بشكل فردي للفلسطينيين.

- ضمان أمن وبقاء إسرائيل دولة يهودية القومية.

 - تعزيز اقتصاديات الدول النامية في العالم.

- تحويل اللاجئين من لاجئين فقراء إلى لاجئين أغنياء.

 

المصدر: Jerusalemsummit.org


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
27/02/2007 01:42 م