جدل في أروقة المجلس التشريعي

 

نهى قاسم

استطاعت حركة المقاومة الإسلامية حماس عبر الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006، تحقيق فوز ساحق للحركة، إذ وصلت لسدة السلطة عبر الأغلبية البرلمانية، وتراجعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إلى مقاعد المعارضة.

ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن فوز حماس في الانتخابات، بدأت الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية والعربية على الحركة بضرورة اعترافها بإسرائيل ووقف المقاومة للاحتلال والإقرار بمبدأ التفاوض.

ورغم حصول حماس على (56%) من مقاعد المجلس التشريعي المنتخب وتمكنها من تشكيل حكومة حمساوية بثقة مطلقة من المجلس التشريعي وبدون مشاركة أحد، إلا أنها صرحت برغبتها بمشاركة فتح والفصائل الأخرى في الحكومة، وذلك للمصلحة الوطنية العليا.

جاءت مقترحات حماس بعد إطلاق حركة فتح تصريحاتها الأولية بعدم رغبتها بالمشاركة في الحكومة الجديدة وتأكيدها الإنتقال إلى مقاعد المعارضة وإفساح المجال لحماس لاستلام السلطة وتنفيذ برنامجها السياسي الذي انتخبت على أساسه.

ونظرا لأهمية المصلحة الوطنية العليا درست حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح المقترح المقدم من حركة حماس لمشاركتها الحكومة الجديدة. وبعد المشاورات العميقة داخل الحركة توصلوا إلى عدم الممانعة بمشاركة حماس الحكومة ولكن ضمن شروط، أهمها: عدم الهيمنة من حماس والتوصل إلى برنامج مشترك مع حركة حماس يحقق الحد الأدنى من برنامج حركة فتح.

الجلسة الوداعية (الأخيرة) للمجلس السابق

عقد المجلس التشريعي السابق المنتهية صلاحيته جلسته الأخيرة الوداعية  في 12/2/2006، والتي أسفرت عن سلسلة من القرارات والتعيينات الجديدة عززت من سلطات الرئيس محمود عباس في خطوة وصفها مسئولو حماس بأنها غير شرعية، ويبدو أنها ستكون أولى قضايا الخلاف بين نواب المجلس التشريعي المقبل.

إذ أعلنت حركة حماس رفضها لكل ما صدر عن المجلس في هذه الجلسة، حيث أكد النائب سعيد صيام من حركة حماس قبل موعد الجلسة أن الحركة أجرت اتصالات هاتفية مع الرئيس عباس تلقت فيها تأكيدات بأنه ليس وارداً طرح مشاريع قوانين معينة، فيما يتعلق بمنح الرئيس صلاحية حل المجلس والدعوة إلى انتخابات جديدة في الجلسة الوداعية.

وأعلنت الدائرة الإعلامية للمجلس أن جدول أعمال الجلسة الوداعية يتضمن بحث مشاريع قوانين (المحكمة الدستورية، حرمة العلم، ومشروع قانون الشركات) إلا أن النائب حسن خريشة أشار إلى أنه يمكن أن يبادر النواب إلى طرح قضايا لم ينته المجلس منها قبل الانتخابات بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة.

عُقدت الجلسة وحاول رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح ونواب آخرون تبديد الأقاويل عن نية المجلس إجراء تعديلات جوهرية على القانون الأساسي إلا أن هذه المحاولات ذهبت سدى بمصادقة المجلس على التقرير الذي قدمته لجنة برلمانية خاصة كلفت بإصلاح النظام الإداري في المجلس وقضي التقرير بإستحداث منصب أمين عام للمجلس التشريعي وإلغاء منصب أمين سر المجلس وأوكل المنصب لإبراهيم خريشة.

ولم يضع المجلس للنائب عبد الكريم أبو صلاح الذي أشار إلى ضرورة أن يتم التصويت على تغيير النظام الداخلي للمجلس.

وصادق المجلس على تعيين جهاد حمدان رئيساً لديوان الموظفين، وتعيين فاروق الإفرنجي رئيساً لهيئة التأمين والمعاشات في السلطة ومحمود فريد أبو الرب مديراً لهيئة الرقابة المالية والإدارية. كما صادق المجلس على مرسوم صدر عن الرئيس عباس باعتبار النواب الجدد الذين فازوا في الانتخابات التشريعية الأخيرة نواباً في المجلس الوطني الفلسطيني بعدما اسقط هذا البند من القانون الأساسي الفلسطيني "سهواً" بحسب تعبير رئيس المجلس روحي فتوح.

وقبل إفساح الطريق أمام برلمان جديد تقوده حماس بداية من يوم السبت 18/2/2006، صادق المجلس التشريعي على مرسوم صدر عن عباس يعطيه الحق بتعيين رئيس المحكمة الدستورية وقضاتها بالتشاور مع مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل.

حيث قال عبد العزيز الدويك عضو حماس الذي انتخب عن مدينة الخليل "أن هذا القانون يعني منح سلطات مطلقة للرئيس عباس لحل البرلمان وقتما شاء"، وعبر فرحات اسعد المتحدث الإعلامي باسم حماس في الضفة الغربية عن ذلك لا يمكن القبول بأن يكون رئيس السلطة هو المرجعية الدستورية في البلاد، وأن يقوم بتعيين رئيس المحكمة والقضاة في هذه المحكمة.

في حين قال حسن خريشة النائب في المجلس التشريعي المنتهية صلاحيته والنائب الجديد في المجلس، الذي فاز بدعم من حماس "أن تشكيل المحاكم العليا أصلا من اختصاص الرئيس ولا يوجد مشكلة في هذا الجانب".

وأعلن فتوح أمام النواب القدامى والجدد الذين حضروا الجلسة أن المجلس التشريعي سيكون جندياً يعمل لمساعدة ومساندة المجلس المقبل.

وتأتي جلسة التشريعي هذه قبل أيام قليلة من موعد جلسة التنصيب، ولهذا فقد حرص عدد من نواب حماس على متابعة أعمال الجلسة[1].

جلسة التنصيب للمجلس التشريعي الثاني

في يوم 18/2/2006، عقد المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني أولى جلساته (جلسة التنصيب) بمشاركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الحكومة السابق احمد قريع والأعضاء السابقين والجدد للمجلس.

وبدأ المجلس التشريعي الفلسطيني الذي تهيمن عليه حركة المقاومة الإسلامية حماس، الإجتماع بقراءة القرآن الكريم لتفتتح الدورة التشريعية الثانية.

وكان الرئيس محمود عباس قد ألقى خطاباً سياسياً، حيث وجه كلمته للشعب الفلسطيني والعالم في جلسة تنصيب المجلس التشريعي الجديد، حدد فيها معالم الطريق للمرحلة القادمة التي ستشهد بدء عمل مجلس جديد والتي تقوم على أساس البرنامج الذي انتخبه الشعب الفلسطيني بموجبه رئيساً للسلطة الفلسطينية وهي:

1- احترام الالتزامات الموقعة ومواصلة الالتزام رئاسة وحكومة بالنهج التفاوضي كخيار استراتيجي سياسية واقعي.

2- رفض الحلول الأحادية من قبل إسرائيل ورفض خيار الدولة المؤقتة.

3- إن التغيير الداخلي الذي حدث جراء الانتخابات التشريعية، والذي أدى إلى حصول حركة حماس على أغلبية أعضاء المجلس التشريعي ينبغي أن لا يكون مبرراً لمزيد من العدوان ضد شعبنا.

4- إن عملية إصلاح السلطة الوطنية يجب أن لا تتوقف.

5- عدم الإنجرار في مواقفنا وسياساتنا.

6- بناء الدولة والمجتمع جديرين بصفة الحداثة والتقدم يتطلب منا جميعاً الحفاظ على المكتسبات التي حققتها المرأة في المجتمع الفلسطيني.

وبعد الخطاب قام أعضاء المجلس التشريعي بتوزيع المناصب الرئيسية لهيئة المكتب للمجلس التشريعي، فكانت بداية المعارضة من قبل كتلة فتح البرلمانية أنه لم يترشح أي من النواب لمنصب رئيس المجلس التشريعي سوى مرشح حركة حماس عزيز الدويك. وفي الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر الإعلان عن فوزه بالتزكية وقف النائب عزام الأحمد رئيس كتلة حركة فتح البرلمانية ولوح بنسخة من النظام الداخلي للمجلس مشيراً إلى أنه لا يوجد في النظام اعتماد فوز رئيس المجلس بالتزكية، ويناء على اعتراض الأحمد أدلى جميع النواب بأصواتهم وصوت 70 منهم لصالح دويك فيما قدم 45 ورقة بيضاء[2].

وبعد الانتهاء من عملية التنصيب وانتخاب د.عزيز الدويك رئيساً للمجلس التشريعي، ود.احمد بحر وحسن خريشة نائباً أول وثاني لرئيس المجلس ومحمود الرمحي أمينا لسر المجلس، واكتمال هيئة رئاسة المجلس، أصبحت حماس فعلياً الشريك الأكبر في المجلس التشريعي. وكانت عملية الاستلام والتسليم في هذه المناصب بين فتح وحماس سلسة ووفق القانون والنظام الداخلي للمجلس التشريعي.

وبتوزيع المناصب وخصها حركة حماس كانت أولى علامات القلق بين الطرفين، حيث كان متوقعاً أن تبادر حركة حماس لإثبات رغبتها الحقيقية بالمشاركة السياسية معها والتنازل عن أحد المناصب.

لكن الذي لم يكن بنفس المستوى من السلاسة والنظام في توزيع مناصب المجلس هو مستوى قبول حركة حماس لما جاء في خطاب السيد الرئيس أبو مازن الذي افتتح به الدورة الأولى للمجلس التشريعي الجديد، حيث علق القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية على الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمود عباس بالقول أن هناك "تبايناً في المواقف"، ستتم معالجته من خلال الحوار والتفاهم والتنسيق. وقال أن الخطاب متضمن نقاطاً ومحاور إيجابية مشيراً إلى أن المحور السياسي هو محور الاختلاف[3].

فيما أكد النائب مشير المصري عضو المجلس التشريعي أن حماس تعتقد أن للرئيس عباس برنامجه السياسي ولحركة حماس برنامجها أيضاً الذي انتخبت على أساسه[4].

 وحين سئل عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عن خطاب أبو مازن، قال شاهد الجميع كيف ألقى الرئيس أبو مازن كلمة بيّن من خلالها الوجهة السياسية المستقبلية لمؤسسة الرئاسة ومن جانبنا ألقينا كلمة بينّا فيها وجهتنا السياسية أيضاً والبعض قد يرى تناقضا في ذلك، لكن الواقع عند الإحتلال الإسرائيلي الظالم يحتم علينا أن نكون متوحدين فيما بيننا أمام هذا العدو الذي يهددنا[5].

أما القيادي في حركة حماس محمود الزهار فقد قال أن الموقف الذي عبر عنه عباس لا يمكن وضعه موضع التنفيذ باعتبار أن إسرائيل تقول أن لا شركاء لديها من الجانب الفلسطيني. لكنه أضاف أن حماس ستطبق برنامجها بالإتفاق مع أبو مازن، واعتبر أن لا مجال لتطبيق الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل لأن الدولة العبرية لا تحترمها[6].

جاء بعد ذلك قيام رئيس المجلس التشريعي بفصل مدير عام المجلس التشريعي من عمله ومعه بعض العاملين الآخرين كونهم جميعاً من حركة فتح[7].

 وبعد تنصيب المجلس التشريعي الجديد تقدم الرئيس محمود عباس، بتكليف الشخص الذي رشحته حماس، الكتلة الأكبر في البرلمان، إسماعيل هنية لتولي منصب رئيس الوزراء للحكومة الفلسطينية بتشكيل الحكومة الفلسطينية بما ينسجم ويتواءم مع برنامج السلطة الفلسطينية بما فيها بالطبع الاتفاقات والمعاهدات المبرمة مع الإسرائيليين.

وفي رده على خطاب التكليف قدم رئيس الوزراء المكلف إسماعيل هنية برنامج الحكومة القادمة للرئيس عباس في 10/3/2006 الذي طلب منه بعض الإيضاحات حول البرنامج السياسي للحكومة، وقامت حماس بتعديل برنامجها وقدمته في 13/3/2006 للقوى والكتل البرلمانية للإطلاع عليه بهدف الموافقة منهم الدخول في الحكومة القادمة. وتجاوز كل الخلافات للوصول إلى حكومة فلسطينية.

الجلسة الأولى للمجلس التشريعي

الجلسة الأولى للمجلس التشريعي الفلسطيني الجديد بعد جلسة التنصيب وأداء القسم جاءت لتعبر عن قسمات وضع يتجه نحو تجربة برلمانية صعبة وغنية وربما تتميز بكثرة الأزمات الدستورية والقانونية، ففي 6/3/2006، افتتح د.عزيز الدويك باكورة جلسات الدورة البرلمانية الأولى لـ"التشريعي"، الجديد بحضور 112 نائباً تواجدوا في المقرين المؤقتين عند التحقق من النصاب فيما تغيب 5 نواب بعذر و15 آخرون هم قيد الأسر أو مطاردون لسلطات الإحتلال.

وأكد د.الدويك في كلمة افتتاحية حرص المجلس على مصالح وحقوق شعبنا، وقال أن المجلس في عمله يتعلم من شعبنا ويقتفي أثره على درب العزة والكرامة، وأعلن أن المجلس منحاز إلى مبادئ الحق والعدل والاحتكام إلى سيادة القانون وسلطة القضاء.

وقال أن المجلس مُصِر على العمل وإعلاء شأن الحريات العامة في مجالات التعبير والتعددية السياسية وتداول السلطة دون إفراط أو تفريط داعياً النواب إلى الوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء وقراءة الفاتحة.

وقبل المضي في الجلسة، دعا رئيس المجلس نواباً لم يستكملوا إجراءات القسم لتأديته قبل بدء الجلسة حسب النظام الداخلي.

وطرح رئيس المجلس بعد ذلك البند الخاص بجدول الأعمال المقترح للجلسة لإقراره تمهيداًَ للبدء بالمناقشة. ما أثار جدلاً بين نواب فتح ونواب حماس في ظل موقف حماس الرافض للإقرار بما تمخض عن تلك الجلسة من قرارات، ومن أهمها التعيينات وهيكلة العمل الإداري في المجلس التشريعي.

وقد شكك نواب فتح في القرار الذي اتخذه رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك بتجميد ما صدر عن المجلس السابق من قرارات مستندين بذلك إلى أنه لا يحق لرئيس المجلس أن يأخذ قراراًَ في قضية تم إقرارها من قبل المجس التشريعي ككل ومن خلال التصويت.

ويستند نواب حماس في تأييدهم لقرار رئيس المجلس كونه رئيساً للمجلس ومن حقه اتخاذ قرارات من هذا القبيل على اعتبار أن هذا القرار إجرائي من حق جهة عليا في المجلس[8].

رفض رئيس المجلس التشريعي اقتراح إحالة الأمر إلى لجنة قانونية بأغلبية 54 صوتاً مقابل 9 وامتناع 6 عن التصويت وعليه عرضت قرارات ومحضر الجلسة السابقة للتصويت لإقرارها لكن 64 نائباً عارضوا ذلك "وهو ما يعني الإلغاء، مقابل امتناع 7 نواب عن التصويت.

جلسة المجلس التشريعي بما تضمنته من مجادلات حادة ومواقف ساخنة أفضت إلى انسحاب أعضاء حركة فتح من الجلسة واللجوء إلى القضاء لفض إشكالية شرعية قرارات المجلس السابق إبان جلسته الأخيرة. وبعد انسحاب فتح تم التصويت على البند وبموجبه ألغى المجلس التشريعي الجديد القرارات الأخيرة في جلسة المجلس التشريعي السابق.

قانونية جلسة 13/2/2006

يرى مراقبون، أن الأحداث التي شهدتها الجلسة الأولى للمجلس التشريعي كانت مؤسفة ولم تكن بمستوى توقعات الجمهور الأمر الذي يستدعي من قبل الكتلتين الكبيرتين في المجلس للاحتكام للمنطق والعقل واحترام إرادة الجمهور الذي انتخبهم في الانتخابات الأخيرة:

فقد ألغى المجلس التشريعي بغياب نواب كتلة فتح قرارات اتخذها البرلمان المنصرف في 13 شباط 2006 بعد أن شكك في قانونية وشرعية الجلسة التي صدرت عنها تلك القرارات، وأيد الإلغاء 64 نائباً من بين 112 حضروا الجلسة وامتنع 7 نواب عن التصويت العلني، وتغيب عنه نواب كتلة فتح الذين انسحبوا من الجلسة. وجاء القرار محصلة لرفض نواب كتلة التغيير والإصلاح المصادقة على محضر وقرارات آخر جلسات المجلس السابق بعد أن نجحوا في فرض البند على جدول الأعمال للمناقشة واتخاذ قرار بشأنه.

وسعت كتلة فتح إلى إحباط إدراج الجدول لكن محاولاتها فشلت ما دفعها إلى الانسحاب وسط تلويح رئيسها النائب عزام الأحمد باللجوء إلى محكمة العدل العليا لإحباط القرار.

في المقابل احتج غالبية نواب الكتل اليسارية والمستقلة على طرح قانونية الجلسة الآنفة الذكر للتصويت. وعلى ما وصف بالتصويت بالجملة على القرارات الصادرة عنها وعبروا عن الموقف بالامتناع عن التصويت[9].

وبخصوص الأسباب التي دفعت المجلس التشريعي لاعتبار الجلسة الأخيرة للمجلس التشريعي السابق غير قانونية قال النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي د.احمد بحر أهم الأسباب عدم وجود نصاب قانوني لها وتغيير مسارها من جلسة وداعية إلى جلسة اتخاذ قرارات هامة وثمة أسباب أخرى يلخصها لنا في تصويت بعض الموجودين في الجلسة الوداعية من غير أعضاء المجلس التشريعي والذين ليس لديهم حق التصويت، مستدلاً بأن صوراً صحفية وثقت هذه المشاركة وتم نشرها في صحف محلية، حيث تم احتساب أصواتهم[10].

تقدمت كتلة حركة فتح البرلمانية بطعن إلى محكمة العدل العليا بشأن قرار المجلس التشريعي الذي صدر بتصويت أغلبية حماس والقاضي بإلغاء القرارات التي صدرت عن المجلس التشريعي السابق في جلسته الأخيرة[11].

وبناء عليه أكد د.احمد بحر النائب الأول لرئيس المجس التشريعي أنه لا يجوز لأي كتلة برلمانية رفع دعوى قضائية ضد المجلس التشريعي أو الطعن في قراراته التي يتم أخذها وفق الأصول الديمقراطية والقانونية. وأضاف بأن المجلس التشريعي لم يتخذ قراراته بعدم قانونية جلسة المجلس التشريعي السابق الأخير إلا بعد مداولات ومناقشات ومداخلات تبعها تصويت أفضى إلى قرار نهائي، أي لم يكن القرار اعتباطاً. وأشار أن القضية المطروحة لم تعد خلافية طالما أنه تم حلها وحسمها بالتصويت[12].

وردا عليه قال رئيس كتلة حركة فتح في المجلس التشريعي عزام الأحمد، أن قرارات الدويك غير شرعية وغير قانونية. وأضاف أن قرارات رئيس المجلس التشريعي د.عزيز الدويك تشكل "بداية لمخالفة القوانين التي يبدو أن رئيس المجلس لم يراجعها جيداً وخصوصا المادة 12 التي استند إليها"، موضحاً أنه لا يحق لرئيس المجلس أن يتخذ قرارات تجميد أو إلغاء قوانين[13].

وتأكيداً على ما ورد عن الأحمد شدد المستشار القانوني لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، د.عدنان عمر على أن جلسة المجلس التشريعي هي جلسة قانونية بحكم المادة 47 مكرر من القانون الأساسي المعدل بتاريخ 13/8/2005، والتي تنص على "تنتهي ولاية المجلس القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية". واضاف أنه بذلك يحق للمجلس أن يباشر جميع اختصاصاته المنصوص عليها بالقانون الأساسي والنظام الداخلي بما فيها سن القوانين والمصادقة على القرارات المتعلقة بتعين الأشخاص في المناصب العليا، موضحاً أنه بالرغم من الانتقاد المتعلق بعقد هذه الجلسة بعد انتخاب أعضاء المجلس التشريعي الجديد إلا أن ما قام به المجلس في جلسته الإستثنائية هو أمر يفرضه عليه القانون، حيث أن القانون يجيز لرئيس السلطة الوطنية في حال عدم انعقاد المجلس، إصدار قرارات بقوة القانون تعرض على المجلس التشريعي في أول جلسة لإقرارها[14].

في حين بدأ الإدعاء العام التحقيق في الطعن الذي رفعه نواب من حركة فتح في المجلس التشريعي على خلفية تبني المجلس قرار ألغى فيه قرارات المجلس السابق الذي كانت تهيمن عليه فتح[15]، أكد عدد من نواب كتلة فتح البرلمانية اتخاذ الكتلة قراراً حازماً يقضي بعدم المشاركة في جلسات المجلس التشريعي المقبلة ومقاطعتها لحين بت المحكمة العليا في القضية التي رفعتها الكتلة أمامها حول قانونية ما جرى التصويت عليه من إلغاء قرارات سابقة اتخذها المجلس التشريعي السابق[16].

وقد اتهمت رئاسة المجس التشريعي الفلسطيني موظفين في المجلس بتزوير وثائق رسمية تتعلق بإحدى جلسات المجلس السابق، كما طلبت رئاسة المجلس الذي يضم غالبية من حركة المقاومة الإسلامية حماس من النائب العام الفلسطيني "اتخاذ الإجراءات اللازمة للبدء بإجراءات التحقيق في جريمة التزوير في أوراق رسمية خاصة بالمجلس وفق بيان صدر عن رئاسة المجلس".

وقالت الرئاسة في بيانها "بعد الإطلاع على المحضر الحرفي والمحضر المختصر الخاص بالجلسة التي عقدها المجلس السابق في 13/2/2006 ثبت لهيئة الرئاسة أن نسخة المحضر الحرفي التي وزعت على أعضاء المجلس في جلسته المنعقدة في 6/3/2006 تؤكد أنه لم يتم أخذ النصاب القانوني لجلسة 13/2/2006 بينما تؤكد نسخة المحضر المختصر أنه تم اخذ النصاب القانوني في الجلسة المذكورة[17].

وبدأت النيابة العامة تحقيقاً في مقر المجس التشريعي برام الله حول ما تقدمت به رئاسة المجلس بشكوى تزوير وثائق رسمية من قبل عدد من الموظفين[18].

وأوضح المستشار أبو شرار أن المحكمة منفصلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية وهي مختصة في البت في القضايا الخلافية الخاصة بالقوانين منوهاً إلى أنها صاحبة اختصاص للنظر في الإشكال والخلاف الذي وقع في المجلس التشريعي وألغى على أثره المجلس الجديد قرارات اتخذها سلفه في جلسته المنعقدة في 13 شباط الماضي. وأضاف أبو شرار أن المحكمة مكونة من 22 عضواً من الضفة والقطاع، وان سبعة أعضاء منهم بإمكانهم النظر في أية قضية قانونية تطرح عليهم[19].

فاقتصار النقاشات الصاخبة التي رافقها تعنت، وانسحاب واستنكار وقرارات متناقضة، وربما نصوص متناقضة تتعلق بالنظام الداخلي على قانونية الجلسة الأخيرة للمجلس التشريعي السابق ومدى قانونية القرارات التي اتخذها ذاك المجلس في تلك الجلسة ومدى قانونية قرارات المجلس الجديدة المعاكسة، يعكس حالة من المناكفة السياسية البعيدة كل البعد عن المفهوم الحقيقي للمواطن الفلسطينية.

على أية حال، فالأمر متروك للقضاء في هذه القضية وعساه أن يقول كلمته القانونية فيمن هو مصيب في رأيه حتى لا تكون مثار خلاف دائم بين مجلسين تشريعيين. مجلس سابق انتهت صلاحيته ومجلس جديد يتحمل مسؤولياته القادمة التي يجب أن ينظر اليها بصورة أكثر عملية.

 

الهوامش


[1] الأيام، 4/1/2006      

[2] الأيام، 19/2/2006

[3] الحياة الجديدة، 19/2/2006

[4] الأيام، 19/2/2006

[5] الحياة الجديدة، 25/2/2006

[6] الحياة الجديدة، 19/2/2006

[7] القدس 9/3/2006، مقال بدايات مقلقة، حاتم أبو شعبان.

[8] الحياة الجديدة، 7/3/2006

[9] الحياة الجديدة، 7/3/2006

[10] القدس، 9/3/2006

[11] الأيام، 8/3/2006

[12] القدس، 9/3/2006

[13] الأيام، 22/2/2006

[14] الأيام، 14/2/2006

[15] القدس، 10/3/2006

[16] الأيام، 8/3/2006

[17] القدس، 12/3/2006

[18] الأيام، 11/3/2006

[19] الأيام، 8/3/2006


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
26/02/2007 11:57 ص