واقع القطاع الصحي في محافظات غزة

 

سمية السوسي

يعتبر القطاع الصحي والخدمات التي يقدمها من أهم القطاعات التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر، ولازال القطاع الصحي يعاني من مشكلات عدة لم تستطع الجهات المشرفة عليه برغم تعددها من تجاوزها، رغم الزيادة الملحوظة في عدد المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية وزيادة عدد الأسرة والأطباء. ويتوزع الإشراف على القطاع الصحي بين وزارة الصحة والخدمات الطبية العسكرية ووكالة الغوث والمؤسسات الأهلية المهتمة بالقطاع، حيث تحاول هذه الجهات جاهدة توفير الخدمات الصحية الأساسية للمواطن الفلسطيني، إلا أنه ونظراً للزيادة الكبيرة في عدد السكان في محافظات غزة، بالإضافة للعديد من المشكلات المرتبطة بالواقع الفلسطيني، فإن هذا القطاع مازال غير قادر على تلبية حاجات المواطن كما يجب.

في التقرير التالي نستعرض دور هذه المؤسسات الصحية والخدمات التي تقدمها بالإضافة إلى رأي المواطن في هذه المؤسسات، وذلك من خلال استبيان أعده مركز التخطيط الفلسطيني، وزع على عينة عشوائية من المواطنين في كافة محافظات قطاع غزة، في محاولة لتحديد ابرز المشكلات والمعوقات التي تواجه القطاع الصحي، للخروج بتوصيات من شأنها المساهمة بوضع حلول لتغيير هذا الوضع القائم، الذي جاء نتيجة سنوات من الاحتلال الإسرائيلي والإغلاقات، إضافة للواقع الاجتماعي والسياسي الصعب الذي يعيشه المواطن الفلسطيني.

تتولى أربع جهات الإشراف على القطاع الصحي في محافظات غزة وهي وزارة الصحة ووكالة الغوث والخدمات الطبية العسكرية والمؤسسات الأهلية العاملة في القطاع الصحي. إضافة إلى العديد من العيادات والمراكز الصحية الخاصة، تقدم هذه المؤسسات الحكومية خدماتها من خلال المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية والبعض منها يعتمد نظام التأمين الصحي والبعض الآخر كالمؤس الأهلية يقوم بالتنسيق مع وزارة الصحة لتقديم الخدمات، وفيما يلي نظرة على طبيعة الخدمات الصحية التي تقدمها كل جهة.

أولاً: المؤسسات الصحية في محافظات غزة

1- وزارة الصحة

قامت وزارة الصحة منذ تسلمها الاشراف على قطاع الخدمات الصحية عام 1994 بتطوير المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، حيث افتتحت المزيد منها وطورت ما كان موجوداً سابقاً.

أ- مراكز الرعاية الأولية:

هي مراكز تتوفر فيها مجموعة من الخدمات الصحية الأولية التي لا تتطلب مراجعة المستشفيات. وقد عملت وزارة الصحة على زيادة عدد هذه المراكز من 100 مركز في عام 2000 إلى 125 مركزاً في عام 2005. تقدم هذه المراكز خدماتها من  خلال العيادات العامة وعيادات الأمومة والطفولة وعيادات مساعدة الحمل والمختبرات وعيادات الأسنان.

 ب- الرعاية الثانوية (المستشفيات):

ازداد عدد المستشفيات الحكومية في قطاع غزة، من 6 مستشفيات في العام 1998 إلى 10 مستشفيات في عام 2005، هي (الشفاء، كمال عدوان، شهداء الأقصى، مستشفى ناصر، مستشفى أبو يوسف النجار، النصر للأطفال، محمد الدرة للأطفال، المستشفى الأوروبي، مستشفى الطب النفسي). بعضها كان عبارة عن مراكز للرعاية الأولية، تم تطويرها إلى مستشفيات، بحيث أصبح هناك مستشفى واحد على الأقل في كل محافظة من محافظات القطاع، وازداد عدد الأسرّة من 1064 سريراً عام 1999 ليصل إلى 2375 سريراً في عام 2005 بمعدل 13.26 سريراً لكل 10.00 نسمة.

ج- الكادر البشري:

بلغت نسبة الأطباء العاملين في القطاع الصحي في فلسطين 9.73 طبيباً لكل 10.000 نسمة، و1.43 صيدلي لكل 10.00 نسمة.

د- التأمين الصحي:

تعمل وزارة الصحة بنظام التأمين الصحي الإجباري الذي يشمل كافة الموظفين العاملين في الدوائر الحكومية، إضافة للتأمين الاختياري المتاح لكل أسرة لفترة محددة.

كذلك هناك تأمين وزارة الشؤون الاجتماعية الذي يخدم الأسر المحتاجة وتقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بتسديد مستحقاته لوزارة الصحة. ويوجد نوع آخر من التأمين للعاملين في إسرائيل وهو تأمين إجباري أيضاً ويتم توريده لوزارة المالية بنظام المقاصة، وقد بلغت نسبة المؤمنين صحياً لدى وزارة الصحة في عام 2004 نحو 51.8% من إجمالي السكان، هذا ويغطي التأمين الحكومي حوالي نصف السكان في الأراضي الفلسطينية.

هـ- العلاج في الخارج:

تقوم وزارة الصحة بتنفيذ برامج ومشاريع عديدة لتحسين كفاءة الجهاز الصحي في الأراضي الفلسطينية بهدف التقليل من إعداد المحولين للعلاج بالخارج لتخفيف تكلفة العلاج بالخارج، وتشمل هذه المشاريع إقامة مستشفيات متخصصة توفر العلاج محلياً للعديد من الأمراض التي تضطر وزارة الصحة إلى تحويل المصابين بها للعلاج في الخارج مثل أمراض السرطان والقلب. كما تعمل وزارة الصحة على توفير احتياجاتها من المختصين من خلال برامج تعاون مع العديد من الدول لإيفاد الأطباء للحصول على التخصصات المطلوبة في الخارج واستقبال مختصين في علاج بعض الأمراض التي لا يتوفر مختصون بها في الأراضي الفلسطينية.

2- وكافة الغوث وتشغيل اللاجئين:

تقدم وكالة الغوث خدمات الرعاية الصحية الأولية المجانية، من خلال مراكز الرعاية الأولية التابعة للوكالة في كافة محافظات قطاع غزة، والبالغ عددها 18 مركزاً وتشمل خدمات أمراض القلب والضغط والسكري، وعيادات خارجية وفحوصات مخبرية، وتنظيم الأسرة والصحية البيئية.

وفيما يتعلق بالرعاية الثانوية لا توجد مستشفيات تابعة لوكالة الغوث بالقطاع، وتقدم الخدمات من خلال تحويل المرضى من عيادات الوكالة إلى المستشفيات الحكومية والخاصة وفق اتفاقيات معينة بين الوكالة وهذه المستشفيات، تشمل قيام الوكالة بدفع تكلفة عدد معين من الأسرّة أو قيام المواطن بدفع جزء من تكلفة العلاج في هذه المستشفيات.

وقد بلغ عدد العيادات الصحية التابعة لوكالة الغوث في عام 1998 نحو 16 عيادة، ازدادت إلى 18 عيادة في العام 2004، وكانت نسبة هذه العيادات 1.9 لكل 100.000 نسمة.

عدد الأطباء أيضاً لم يزد إلا بمقدار ضئيل، حيث بلغ في عام 2004 نحو 90 طبيباً بعد أن كان 84 طبيباً في العام 1998، كما ازداد عدد الممرضين من 152 ممرضاً في العام 1998، إلى 255 ممرضاً في العام 2004.

هذا ومازالت وكالة الغوث تواجه مشاكل كبيرة بسبب تقلص الميزانية المخصصة لها من قبل الأمم المتحدة مما يهدد استمرارية الخدمات الصحية التي تقدمها، إضافة لعدم كفاية الخدمات المقدمة مقارنة بعدد السكان اللاجئين في القطاع، علما بأن عدد اللاجئين في محافظات غزة يزيد عن 600 ألف نسمة يشكلون 60% من سكان المحافظات، وهناك العديد منهم ممن يعتمدون فقط على الخدمات الصحية المقدمة من خلال عيادات وكالة الغوث.

الخدمات الطبية العسكرية:

تأسست الخدمات الطبية العسكرية في قطاع غزة بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، لتلبية متطلبات الخدمات الطبية لأفراد الشرطة وقوات الامن وعائلاتهم، وتشمل مجالات الرعاية الأولية والثانوية والتأمين الصحي والعلاج بالخارج.

أ- الرعاية الأولية:

تشرف الخدمات الطبية العسكرية على أربع سرايا للرعاة الأولية لم يزد عددها في الفترة من عام 1998 إلى عام 2004، وبقي عدد الوحدات التابعة لها 28 وحدة طبية، تم تطوير هذه الوحدات وتزويدها بأجهزة جديدة.

ب- الرعاية الثانوية:

تشرف الخدمات الطبية على مستشفيين في محافظات غزة وهما، مستشفى الكرامة في عبسان، ومستشفى بلسم في بيت لاهيا، يعمل في هذه المستشفيات 381 طبيباً و475 ممرضاً. تحتوي هذه المستشفيات على عيادات خارجية وجراحة ونساء وولادة. بلغ عدد الأسرة فيها 62 سريراً.

ج- التأمين الصحي:

تشرف الخدمات الطبية العسكرية على نظام للتأمين الصحي يشمل العاملين في الشرطة والأمن، ازداد عدد المستفيدين من هذه الخدمات من 32022 فرداً في العام 1998 ليصبح 243696 فرداً، (الرقم يشمل الضفة والقطاع).

د- العلاج بالخارج:

بلغ عدد الحالات المحولة للعلاج بالخارج 1690 حالة في العام 1998، ازداد هذا العدد ليصبح 3379 حالة خلال العام 2004، (الرقم يشمل الضفة والقطاع).

4- المؤسسات الأهلية في القطاع الصحي:

تقوم المؤسسات الأهلية العاملة في القطاع الصحي بتقديم خدمات الرعاية الأولية والثانوية للمواطنين مقابل مبالغ مالية رمزية، أو من خلال تحويل بعض المرضى من عيادات وكالة الغوث اليها، أو من خلال تعاقدات مع بعض النقابات كنقابة العمال وجمعية المحاسبين والمهندسين. وبلغ عدد المراكز التابعة لهذه المؤسسات في عام 2004 نحو 51  مركزاً، تحتوي على مختبرات وصيدليات وعيادات لصحة المرأة والطفل. تشرف هذه المؤسسات على 10 مستشفيات بسعة سريرية 459 سريراً 50.3% منها في مدينة غزة.

من أهم هذه المؤسسات: 

-      جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: التي تشرف على مستشفى القدس في مدينة غزة.

-      جمعية الخدمة العامة: التي تطورت من عيادتين في بعض أحياء مدينة غزة إلى ثلاثة عشر عيادة تخصصية، إضافة إلى مستشفى للجراحة وللنساء والولادة بسعة 25 سريراً.

-      مستشفى دار السلام في خانيونس: الذي تشرف عليه جمعية الوفاء الخيرية ويشمل قسم للطوارئ وفحوصات مخبرية وعيادات خارجية، وعيادة للنساء والولادة، ويقدم خدماته للمواطنين في منطقة خانيونس.

-      جمعية أصدقاء المريض الخيرية: التي تقدم خدمات للمواطنين في محافظة غزة من خلال عدة أقسام تتوزع بين الجراحة العامة والأطفال والباطنة والعيون والأعصاب والنساء والولادة والعظام والأسنان والمختبر.

-      جمعية ارض الإنسان: وتعتبر الجمعية الوحيدة المتخصصة في مجال التغذية والصحة المجتمعية، وتقدم خدماتها للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ومضاعفاتها. وللأطفال المصابين بأمراض الجهاز التنفسي ومعالجة الإسهال والجفاف، وتشجيع الرعاية الطبيعية وتستقبل الأطفال من كل أنحاء قطاع غزة.

-      مجلس كنائس الشرق الأوسط: الذي يقدم خدمات ويقوم بالمساهمة في الوضع الصحي في المناطق المزدحمة والفقيرة والمهمشة من خلال ثلاثة مراكز للرعاية في التفاح والشجاعية ورفح، تشمل الخدمات رعاية الحوامل وتنظيم الأسرة وعيادة للأسنان وعيادة عامة.

-      جمعية الهلال الأحمر لقطاع غزة: تقوم الجمعية بتقديم خدماتها من خلال ثلاثة مراكز في مدينة غزة ومخيم جباليا ومدينة عبسان، هذا ويوجد بالجمعية مركز تشخيصي للأشعة يقدم خدماته للمواطنين الذين ليس لديهم تأمين صحي أو الذين ليس لديهم قدرة مالية لدفع نفقات الأشعة في بعض المراكز الخاصة، حيث تقدم لهم الجمعية هذه الخدمة بأسعار رمزية، وخلال وقت قصير بدل الانتظار فترة زمنية طويلة، في مستشفيات وزارة الصحة للحصول على هذه الخدمة، بالإضافة لذلك تشرف الجمعية على عيادات لرعاية الحوامل والأمراض النسائية والإرشاد النفسي والأسنان.

-      جمعية الإغاثة الطبية: تقدم الإغاثة الطبية خدماتها بالتعاون مع وزارة الصحة ووكالة الغوث ومؤسسات أهلية صحية أخرى، وتشرف الإغاثة على أربعة مراكز للرعاية الصحية في الأماكن النائية في قطاع غزة، حيث تقدم الخدمات العلاجية الوقائية وعيادة لصحة المرأة والطفل وبرامج الكشف المبكر عن الأمراض والإعاقات، إضافة لبرامج التأهيل المبني على المجتمع المحلي ومركز للعلاج الطبيعي.

-      اتحاد لجان العمل الصحي: يقدم الاتحاد خدمات الرعاية الأولية من خلال عيادات في كافة أنحاء القطاع، كما يقدم خدمات الرعاية الثانوية من خلال مستشفى العودة في تل الزعتر الذي يوفر الخدمات للمواطنين في المنطقة الشمالية وتقوم المؤسسات الصحية مثل وزارة الصحة والخدمات العسكرية ونقابة عمال فلسطين وشركة الاتصالات بشراء خدمات من المستشفى في مختلف أقسامه.

-      جمعية دار الوفاء لرعاية المسنين: تشرف الجمعية على مستشفى الوفاء للتأهيل الطبي المتخصص برعاية وتأهيل المعاقين ومصابي انتفاضة الأقصى. ويقدم خدمات صحية لهم وإعادة تأهيل وتقديم بعض الأجهزة الطبية المساعدة للمصابين.

-      اتحاد لجان الرعاية الصحية: يشرف الاتحاد على عيادات للرعاية الأولية في محافظات قطاع غزة.

-      جمعية بنك الدم: تقوم الجمعية بتوفير وحدات الدم للمستشفيات الحكومية والمؤسسات الأهلية لمرضى الثلاسيميا، ولمصابي الإنتفاضة، وتعتمد الجمعية على توفير وحدات الدم من خلال المتبرعين في الجامعات والمراكز الشبابية.

-      المستشفى الأهلي العربي: الذي تشرف عليه المطرانية الإنجيلية المسيحية ويقدم خدمات جراحة عامة وعيادات باطنية ومسالك بولية ونساء وولادة، إلا أن المستشفى يعاني من صعوبات في توفير التمويل اللازم له مما يهدد بانقطاع خدماته.

5- الطب الخاص:

يوجد في محافظات غزة المئات من العيادات الصحية الخاصة، التي يشرف عليها أخصائيون وأطباء وتقدم خدمات فحوص الأشعة والمختبرات والصيدليات وعيادات الأسنان والعيادات العامة، ومازال هذا القطاع يعاني من تشويش وعدم وضوح ويوجد عدد كبير من هذه العيادات غير مسجل وليس لديه ترخيص من إدارة الطب الخاص بوزارة الصحة.

ثانياً: رؤية المواطن في محافظات غزة لواقع القطاع الصحي

في استبيان حول واقع القطاع الصحي في محافظات غزة، شمل عينة عشوائية من جميع أنحاء القطاع في كافة الفئات العمرية منهم 40% ذكور، 50% من الإناث، اظهر أن 37% من المواطنين يتلقون العلاج في المستشفيات والعيادات التابعة لوزارة الصحة، و30% في عيادات وكالة الغوث، و12% في المستشفيات والعيادات التابعة للخدمات الطبية العسكرية. 11% يتلقون العلاج في المؤسسات الأهلية التي تقدم خدمات صحية، 9.4% يتعالجون في العيادات الخاصة، 0.6% يتعالجون بالخارج.

وفي سؤال حول رضى المواطنين عن أداء الأطباء في المؤسسات الصحية التي يتعالجون فيها، ذكر 52% أنهم غير راضين عن أداء الأطباء، في حين عبر 31% عن رضاهم عنها، 16% راضين إلى حد ما. وحول أسباب عدم الرضى عن أداء الأطباء أفاد 40% أن السبب في ذلك هو انعدام التخصص، 30% يرون أن قلة الخبرة لدى الأطباء سبباً في عدم رضاهم عن أدائهم، فيما ذكر 30% أن قلة عدد الأطباء مقارنة بعدد المرضى تشكل سبباً هاماً في عدم شعور المواطن بالرضى عن أداء الأطباء.

وفيما يتعلق بأداء الممرضين، 34% من المواطنين راضين عنه، 33% غير راضين، 33% راضين إلى حد ما، كان الإهمال أهم الأسباب التي ذكرها 62% من المواطنين، في حين كان التسيب الإداري سبباً لدى 24%، فيما شكلت قلة أعداد الممرضين مشكلة لدى 14%.

يعتبر الازدحام من أهم المشكلات التي يواجهها 48% من المواطنين، أما 32% من المواطنين يرون عدم فهم الموظفين لطبيعة عملهم مشكلة هامة، وشكل الروتين مشكلة لدى 19% من المواطنين.

وفي سؤال حول التوزيع الجغرافي للعيادات والمستشفيات ومدى مناسبته لحجم السكان في محافظات غزة، ذكر 45% من المستطلعة آراءهم أن هذا التوزيع غير مناسب لحجم السكان ولا يكفي لسد احتياجات المواطن الصحية، في حين ذكر 30% أن التوزيع الجغرافي مناسب إلى حد ما، 24% يرونه مناسباً لحجم السكان.

وحول الحاجة لمستشفيات جديدة، أفاد 74% من عينة الاستطلاع أن القطاع بحاجة لمستشفيات جديدة تشمل كافة التخصصات والتجهيزات، منهم 61% يرون أن القطاع بحاجة إلى عيادات ومراكز رعاية أولية إضافة للمستشفيات. فيما يتعلق بعدد الأسرة الموجودة بالمستشفيات وكفايتها لأعداد المرضى ذكر 74% أنها غير كافية بينما يرى 8%  تكفي.

كان الدواء والحصول عليه من أهم المشكلات التي يعاني منها المواطن في محافظات غزة، حيث أفاد 89% من عينة الاستبيان أن الأدوية المتوفرة لا تكفي لسد حاجة المرضى من الدواء. منهم من أرجع السبب في ذلك إلى نفاذ الأدوية بشكل دائم 52%، 26% يرون أن سوء توزيع الأدوية على المراكز الصحية سبباً في عدم كفايتها، في حين يرى 22% أن قلة كمية الأدوية الموجودة بالمستشفيات والعيادات سبباً هاماً في عدم كفايتها. وحول رأي المواطنين في نوعية الأدوية المقدمة، أفاد 41% أنها جيدة، 47% يرونها متوسطة، 12% يرونها رديئة.

تعتمد وزارة الصحة بنسبة كبيرة على الأدوية المقدمة لها من خلال المنح الدولية لسد حاجة المواطنين للدواء، وعند سؤال المواطنين حول هذا الأمر ذكر 48% أنهم يعلمون بذلك، في حين ذكر 52% أنهم لا يعرفون مصدر الأدوية. في حين ذكر 71% من أفراد العينة أن لديهم تأمين صحي منهم 51% مؤمنين لدى وزارة الصحة، 23% تأمين نقابات عمال، 15% تأمين الخدمات الطبية، 11% لديهم تأمين خاص. وحول رضى المواطن عن الخدمات المقدمة من خلال التأمين ذكر 31% أنها غير كافية في حين ذكر 40% أنها كافية إلى حد ما، 27% يرونها كافية.

مما سبق يتضح أن القطاع الصحي في محافظات غزة مازال يعاني من التشويش والتضارب في آلية عمله، إضافة لذلك فإن هذا القطاع بحاجة لمزيد من الجهد والتخطيط الجيد لضمان حصول المواطنة على الرعاية اللازمة له.

يأتي دور وزارة الصحة كمؤسسة حكومية يقع على عاتقها الدور الأكبر في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، إلا أن الوزارة وبعد 12 عاماً على استلامها لمهامها مازالت غير قادرة على ذلك. ومن أهم الأسباب التي أدت لذلك، طبيعة توزيع المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية على محافظات القطاع، فحين تسلمت وزارة الصحة الإشراف على هذه المستشفيات والمراكز قامت بتطوير بعضها واعدت لإنشاء مستشفيات ومراكز جديدة لكنها لم تراع التوزيع الجغرافي للسكان في محافظات القطاع. حين نجد أن أغلب هذه المراكز والمستشفيات تتركز في المدن الرئيسية في القطاع، بينما في الأماكن النائية والمخيمات لا يوجد سوى عيادات ومراكز أولية. هذا الأمر يكلف المواطن الجهد والمال في سبيل الحصول على العلاج اللازم له ولأسرته. إضافة لذلك فإن العديد من هذه المراكز تفتقر إلى بعض الخدمات الصحية التي يحتاجها المواطن ولو وجدت فإن استفاد المواطن منها تأتي متأخرة بسبب الإزحام والروتين. مما يضطر المواطن إلى اللجوء على المؤسسات الأهلية أو العيادات الخاصة التي تكلفه الكثير من المال في ظل واقع اقتصادي سيء وزيادة نسبة الفقر في مجتمعنا الفلسطيني.

إضافة لما سبق فإن عدد الأطباء العاملين في كل من وزارة الصحة ووكالة الغوث، يعتبر قليلاً جداً مقارنة بأعداد المرضى، إضافة لذلك فقد يقوم اطباء بمعاينة مرضى في غير اختصاصهم الأمر الذي قد يؤدي إلى بعض الأخطاء الطبية. كذلك فإن قلة عدد الأطباء مقارنة بعدد المرضى كانت سبباً في إهمال بعض الأطباء وعدم قيامهم بعملهم بالشكل المطلوب، ويفتقر دورهم على وصف العلاج فقط، إضافة لذلك هناك ندرة في الأطباء المختصين في الأمراض الصعبة والجراحات الحرجة، مما يضطر المواطن للسفر إلى الخارج للعلاج.

هناك كم2 كبير من خريجي كليات الطب الذين لا تتوفر ميزانيات لتوظيفهم في القطاع الصحي مما يدفعهم إلى العمل في أعمال أخرى ويمنع المواطن من الاستفادة من خبراتهم في المجال الصحي.

تشكل قلة عدد الأسرة مشكلة كبيرة في جميع المستشفيات، وبخاصة في الأوضاع السياسية الحرجة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني، حيث تقوم المستشفيات بإخراج بعض المرضى الذين لم يستكملوا علاجهم لإستقبال آخرين جدد، الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفات صحية لدى المرضى. كما يتم تأجيل مواعيد العمليات للعديد من المرضى لحين توفر اسرّة شاغرة لاستقبالهم. إضافة لذلك يعاني المواطنين من الإهمال وعدم الاهتمام بنظافة وتعقيم الغرف والأسرة التي تستخدم في استقبال الحالات المضرضية.

هذا وقد شكلت قضية الحصول على الدواء الهاجس الأكبر لدى 82% من المواطنين، موضوع الاستبيان. حيث يعاني المواطنون من عدم توفر الدواء في مستشفات وزارة الحصة ووكالة الغوث، الأمر الذي يدفعهم إلى شراءه من الصيدليات بسعر مرتفع لا يقدر عليه المواطن العادي، ويتساءل المواطنون حول سبب اختفاء الأدوية برغم من وجود منح دائمة من الأدوية لوزارة الصحة من قبل المجتمع الدولي.

هناك من يتحدث عن سرقات للدواء وعن صرف الأدوية لغير مستحقيها ويطالبون بوضع رقابة على صيدليات وزارة الصحة لمتابعة هذا الموضوع وزيادة الميزانية المخصصة لشراء الدواء تحديداً أدوية الأمراض المزمنة (الضغط _ السكري).

يعتمد عدد كبير من المواطنين على التأمين الصحي والخدمات المقدمة من خلاله، وهناك عدد كبير من الموظفين الذي يقتطع منهم شهرياً مبالغ مالية قيمة التأمين الصحي، إلا أنهم يشتكون من أن هذه الخدمات المقدمة من خلال التأمين الصحي ليست كافية، وأنهم يدفعون المزيد من المال للحصول على العلاج اللازم لهم.

توصيات

1-  إنشاء المزيد من عيادات الرعاية الأولية والمستشفيات وفق التوزيع الجغرافي للسكان.

2- وضع رقابة على عملية صرف الدواء في العيادات والمستشفيات.

3-  زيادة عدد الأسرة في المستشفيات بما يتناسب مع حجم المرضى.

4- زيادة عدد الأطباء كل في تخصصه.

5- التنسيق من وزارة الصحة ووكالة الغوث والمؤسسات الأهلية بهدف تنفيذ الخدمات الصحية المقدمة من كل جهة واعتماد مبدأ التخصص، بحيث يتوفر للمواطن جميع الخدمات الصحية لكي لا يضطر إلى اللجوء إلى السفر للعلاج.

6- إرسال بعثات تدريبية من الأطباء للخارج لزيادة خبرتهم في التخصصات النادرة.

7- افتتاح أقسام أو مستشفيات مختصة بالأمراض الخطيرة كالسرطان وتوفير الأجهزة الطبية اللازمة فيها.

المصادر:

1- وزارة الصحة التقرير السنوي 2004- مركز المعلومات الصحية، أغسطس، 2005.

2- وكالة الغوث/ التقرير السنوي-2004.

3- المراقب الربعي الاجتماعي والاقتصادي- العدد 3-2005.

4- معلومات حول المؤسسات الأهلية الصحية تشمل التقارير السنوية وبعض إصدارات تلك المؤسسات.

5- تقرير حول أداء الخدمات الطبية العسكرية.

6- تطوير الخدمات الصحية في محافظات غزة (1994-1999)، ديسمبر 1999.

7- استبيان حول واقع القطاع الصحي في محافظات غزة.

 

 

 


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
26/02/2007 11:55 ص