التعليم العالي في فلسطين بين الواقع والطموح

سمية السوسي

عقدت في فندق الكومودور بغزة في 6-7/2/2002، ورشة عمل بعنوان "التعليم العالي في فلسطين بين الواقع والطموح" طرحت فيها على مدار يومين أوراق بحثية حول التعليم العالي في فلسطين، مؤسساته، تمويله، مشاكل الطلبة والعاملين فيه، كما نوقشت القضايا المطروحة من قبل الحضور. ويلاحظ بأن الأوراق المذكورة تتصدى بدرجة رئيسة للمشاكل الواردة في جامعات قطاع غزة. ولم يشارك في الندوة أي من أساتذة جامعات الضفة الغربية بسبب الحصار الإسرائيلي، الأمر الذي حال دون التعرف على آراء ممثلي تلك الجامعات.

بلغ عدد الجامعات في الأراضي الفلسطينية أحد عشرة جامعة هي:

جامعة بيرزيت، جامعة النجاح الوطنية، جامعة بيت لحم، جامعة الأزهر، الجامعة الاسلامية، جامعة الأقصى (كلية التربية سابقاً)، جامعة القدس المفتوحة، بولتيكنيك فلسطين (الخليل)، الجامعة الأمريكية بجنين، جامعة القدس، جامعة الخليل. تعتبر هذه الجامعات مؤسسات تعليمية عامة باستثناء جامعة القدس المفتوحة التي تعتبر جامعة حكومية، تستوعب أعلى نسبة تسجيل من الطلبة بلغت نحو 22.9% من مجموع الطلبة المسجلين في الجامعات الفلسطينية، علماً بأن جامعة الأقصى لم يتقرر وضعها حتى الآن وفيما إذا كانت جامعة عامة أو حكومية.

تستوعب هذه الجامعات نحو 80.000 طالباً وطالبة في كافة التخصصات، يقوم بتدريسهم نحو 2500 مدرساً بمختلف الدرجات العلمية. وتقدم الجامعات أغلب البرامج الدراسية عدا الطب الذي اقتصر على جامعة القدس، ثم فتحت لها فروع في جامعتي النجاح والأزهر. تمنح الكثير من الجامعات درجة الماجستير في تخصصات عديدة ودرجة الدكتوراه في بعض التخصصات، بالاضافة لمراكز خدمة المجتمع والتعليم المستمر، ولها نشاطات في بعض الأبحاث العلمية. تشرف وزارة التعليم العالي على جميع الجامعات الفلسطينية وتمنحها التراخيص اللازمة لافتتاح برامج وتخصصات جديدة.

تتركز غالبية الجامعات الفلسطينية في المدن الفلسطينية الرئيسة وهي غزة، نابلس، بيت لحم، الخليل، رام الله. ولا يراعي هذا التوزيع التوزيع السكاني، حيث توجد على سبيل المثال ثلاث جامعات (الأزهر-الاسلامية-الأقصى) في منطقة جغرافية واحدة هي مدينة غزة، بينما لا توجد أية جامعة في المنطقة الجنوبية من محافظات غزة على الرغم من كثافتها السكانية المرتفعة. خلال انتفاضة الأقصى ونظراً لظروف الاغلاقات والحواجز افتتحت فروع للعديد من الجامعات في أماكن متفرقة من قطاع غزة، مثل الجامعة الاسلامية وجامعة القدس المفتوحة التي أقامت فروع في المناطق الجنوبية لخدمة الطلبة غير القادرين على الوصول إلى مدينة غزة. بالاضافة لذلك تعذر التحاق أعداد كبيرة من محافظات غزة بالجامعات في الضفة الغربية بسبب منع التجوال والاغلاقات المستمرة من قبل قوات الاحتلال، وكان من الصعب على طلبة الضفة الغربية الالتحاق بجامعاتهم بشكل منتظم.

حول قانون التعليم العالي:

صدر قانون التعليم العالي في فلسطين في عام 1998 وفيه حددت أهداف التعليم العالي، وصلاحيات وزارة التعليم العالي والوزير وخصوصيات مؤسسات التعليم العالي وطبيعة ادارة هذه المؤسسات. اضافة لذلك، أفرد القانون فصلين أحدهما خاص بالشهادات والدرجات العلمية التي تمنحها مؤسسات التعليم العالي، والآخر حول تأسيس مجلس للبحث العلمي للمساعدة في تحقيق سياسات الوزارة. وفي تعليق على قانون التعليم العالي في فلسطين تعرض د. أيوب عثمان في ورقته لبعض النواقص التي يراها في هذا القانون منها:

1-    عدم تطرق القانون للكيفية التي يجب أن يتم من خلالها تشكيل مجلس أي جامعة مما يتيح لكل جامعة تشكيل مجلسها بالشكل الذي تريده دون الرجوع للقانون.

2-    عدم تحديد صلاحيات رئيس الجامعة خلال القانون.

3-    ترك القانون تشريع وصياغة نظام الهيئة التدريسية لكل جامعة بدون تنظيم أو تحديد القواعد والقوانين التي تنظم عمل عضو الهيئة التدريسية.

4-    عدم اشارة القانون إلى "مجلس التعليم العالي" الذي تم تأسيسه عام 1977 قبل اقرار القانون لكنه بقي مهمشاً إلى هذا الوقت ووصف بالمجلس الاستشاري. اضافة لذلك ذكر الباحث أن القانون لم يسهم في صون الحريات الفكرية والأكاديمية حيث لم تتدخل الوزارة في حالات انتهاك الحريات الأكاديمية وفي بعض حالات السرقة العلمية وتزوير الدرجات التي تم كشفها، ولم تتخذ الوزارة أي اجراءات عقابية لأن قانون التعليم العالي لم يتطرق لكيفية معالجة هذه الأمور.

مشكلات أعضاء الهيئة التدريسية:

تحدث د. شريف حماد من جامعة القدس المفتوحة عن أبرز المشكلات التي تواجه عضو هيئة التدريس في الجامعات الفلسطينية منها:

1-    اعتماد وضع عضو التدريس في الجامعة على طبيعة العلاقات الشخصية التي تربطه بادارة الجامعة لا على قدرته على التدريس بالشكل الجيد.

2-    اختلاف المعايير بين الجامعات في ترقية عضو هيئة التدريس وربط التقدير الأدبي للأستاذ الجامعي بانتمائه الحزبي.

3-    اغفال دور البحث العلمي كمعيار لترقية عضو هيئة التدريس.

4-    عدم وجود مراكز داخل الجامعة تعنى بتطوير كفاءة عضو الهيئة التدريسية.

كما اقترح د. عامر الخطيب نموذجاً لتحسين أداء المدرس الجامعي مستنداً إلى التركيز على البرامج الخاصة التي تعني بإعداد المدرس الجامعي وتقييم المدرس الجامعي من خلال تحصيل الطلبة والاطلاع على ما يستحدث في المجالات الأكاديمية.

العوامل المؤثرة في أداء الطلبة:

يذكر كل من د. محمد مقداد ود. سالم حلس في ورقتهما المشتركة بعنوان "العوامل المؤثرة في أداء الطلبة في الجامعات الفلسطينية" عدة عوامل ومؤثرات تؤثر على الطالب خلال العملية التعليمية في الجامعات من أهمها:

1-    زيادة أعداد الطلبة المستمرة في الجامعات والتي أدت إلى عدم قدرة الجامعات على توفير المتطلبات اللازمة لخدمتهم.

2-    يشكل ارتفاع الرسوم الدراسية عائقاً أمام العديد من الطلبة لاكمال دراستهم.

3-    لاحظ الباحثان عدة عوامل تؤثر على المعدل التراكمي للطلبة منها الحالة الاجتماعية والسكن والعمر. اضافة إلى الفروق بين الطلبة والطالبات في المعدلات، حيث تبلغ معدلات الطالبات نحو 77% والطلبة 74%. وفيما يتعلق بأثر مكان السكن على المعدلات (اختار الباحثان جامعات غزة كحالة دراسية) يلاحظ الباحثان أن معدلات الطلبة من سكان مدينة غزة تفوق معدلات الطلبة الذين يقيمون خارجها بنحو 2%، ويرجع الباحثان هذا الفرق إلى ضياع الجهد في المواصلات، اضافة إلى الوضع السياسي الراهن وصعوبة التنقل.

وفي نفس السياق، يرى د. فؤاد العاجز أن مشكلة زيادة اعداد الطلبة تؤثر على شعور الطالب بالانتماء للجامعة لأنه يجد نفسه ضائعاً وسط هذا العدد الكبير مما يفقده روح المبادرة. كما يضيف أن الطالب يتعرض لصدمة بالواقع بعد تخرجه من الجامعة لوجود فجوة بين حياة الجامعة والمجتمع.

وفيما يتعلق بموضع الاختلاط بين الجنسين، ذكر الباحثان أن اثر الاختلاط على العملية التعليمية يختلف بحسب الجامعة. ففي الجامعة الاسلامية يرى الطلبة أن للاختلاط آثاراً سلبية على الأداء، وفي جامعة القدس المفتوحة وجامعة الأزهر يذكر الطلبة أن للاختلاط آثاراً ايجابية. علماً بأن الاختلاط ممنوع تماماً على جميع الأصعدة في الجامعة الاسلامية بينما يختلف قليلاً في جامعة الأزهر، حيث الصفوف الدراسية منفصلة، بينما الدراسة مختلطة في جامعة القدس المفتوحة.

مشاكل التمويل

تبلغ ميزانيات الجامعات السنوية نحو 80 مليون دولار، تمثل الرسوم الدراسية المصدر الأساسي لتمويلها، اضافة لمساعدات مجلس التعليم العالي. ويؤدي تأخر صرف مخصصات الجامعات إلى نقص وعجز دائم في تغطية مصاريف الجامعات يقدر بنحو 25 مليون دولار. ويرجع د. عليان الحولى في ورقته "حول تمويل التعليم العالي الفلسطيني" أسباب الأزمة المالية في الجامعة لعدة أسباب منها:

1-    توقف الدعم المالي الخارجي (الأوروبي) في الفترة الأخيرة.

2-    عدم استلام الجامعات مخصصاتها من ميزانيات السلطة الوطنية.

3-    انخفاض سعر الساعة المعتمدة (عدم كفاية الأقساط الجامعية).

4-    تراكم عجز مالي لسنوات متتالية.

5-    كثرة الاعفاءات الطلابية من الرسوم الدراسية.

6-    عدم وجود استثمارات وعوائد ذاتية للجامعة.

ويقترح طرقاً بديلة لتمويل التعليم العالي منها استخدام مؤسسات التعليم العالي كمكاتب استشارية ومراكز انتاج. وتقديم قروض للطلبة. واعتماد ميزانية مخصصة للتعليم العالي من السلطة الوطنية. وزيادة دور القطاع الخاص والشعبي في دعم الجامعات ووضع تصور عادل للأقساط الجامعية.

البحث العلمي:

تناولت ورقة د. ماجد الفرا بعض معوقات البحث العلمي في الجامعات الفلسطينية تتركز في عدة أسباب هي:

أولاً: أسباب تتعلق بالمعلومات:

1-    عدم توفر الدوريات والمجلات المتخصصة.

2-    عدم وجود شبكة معلومات وتقنية حديثة لدى المكتبات.

3-    انعدام التنسيق بين المكتبات والجامعة لتوفير المصادر اللازمة للبحوث.

ثانياً: اسباب تتعلق بالممارسات الادارية للجامعات:

1-    عدم تخصيص موازنات للبحث العلمي.

2-    غياب الحوافز المادية والمعنوية التي تشجع البحث العلمي.

3-    عدم انفتاح الجامعات على المؤسسات المحلية والعالمية لدعم الأبحاث العلمية.

ثالثاً: أسباب تتعلق بالنشر:

1-    عدم تفعيل قانون حماية حقوق المؤلف في فلسطين.

2-    ضعف اجراءات متابعة التحكيم والنشر من قبل عمادات البحث العلمي في الجامعات.

 

رابعاً: أسباب تتعلق بعضو التدريس:

1-    نقص مهارة البحث العلمي.

2-    انشغال عضو هيئة التدريس بالأعباء التدريسية الملقاة على عاتقه.

3-    انعدام الدافعية عند عضو هيئة التدريس بسبب غياب النشر والتقدير الأدبي.

وخرجت الورشة بمجموعة من التوصيات من أبرزها:

1-    ضرورة استخدام الانترنت لتطوير أساليب التدريس والعملية التعليمية.

2-    العمل على جعل الجامعات الفلسطينية منتجة من خلال تطوير دور الجامعة، وانشاء مراكز استشارات فنية تابعة للجامعة والتنسيق مع الوزارات الأخرى والمؤسسات الأهلية لتفعيل دور الجامعة.

3-    الاهتمام بالتعليم التقني والمهني ومحاولة تغيير نظرة المجتمع له توجيه اعداد اكبر من الطلبة للالتحاق به.

4-    ضرورة إبعاد الجامعات عن البيروقراطية والعلاقات الشخصية.

5-    ضرورة الاهتمام بعضو التدريس بشكل أكبر وتوفير الأمن الوظيفي له وتقليل الأعباء الادارية الملقاة على عاتقه.

6-    العمل على تحديث المكتبات الجامعية بشراء أحدث الكتب وتخصيص الموازنات لذلك.

7-    الاهتمام بتطوير مهارات الطلبة من خلال التركيز على تعلم اللغات والحاسوب.

8-    ضرورة تأسيس مجلس أعلى للجامعات أو تفعيل دور مجلس التعليم العالي الموجود حالياً.

9-    الالتزام بمعدلات قبول محددة في الجامعات.

10-   تحديد الرسوم الدراسية وكيفية أدائها وشروط الاعفاء منها.

11-   التنسيق بين الجامعات وتطويرها وفق احتياجاتها لخلق تكامل بين الجامعات الفلسطينية.

أوراق العمل المقدمة:

                1.         العوامل المؤثرة في أداء الطلبة في الجامعات الفلسطينية د. محمد مقداد/ د. سالم حلس.

                2.         رؤية نحو تحديث التعليم العالي في فلسطين، ورقة عمل مقدمة من أ.د محمد عيد شبير رئيس الجامعة الاسلامية.

                3.         قراءة نقدية في قانون التعليم العالي في فلسطين، دراسة مقارنة، د. أيوب عثمان.

                4.         بعض مشكلات عضو هيئة التدريس في الجامعات الفلسطينية، د. شريف حماد، جامعة القدس المفتوحة.

                5.         نموذج لتحسين أداء المدرس الجامعي في الجامعات الفلسطينية أ.د. عامر الخطيب، أستاذ فلسفة التربية.

                6.         دور الجامعات الفلسطينية في تنمية المجتمع المحلي، د. فؤاد العاجز- الجامعة الاسلامية.

                7.         حول تمويل التعليم العالي الفلسطيني، د. عليان الحولي استاذ أصول التربية المشارك.

                8.         واقع البحث العلمي في جامعات غزة، كلية التجارة كحالة دراسية، د. ماجد الفرا.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م