الإصلاحات الإقتصادية والمالية في السلطة الفلسطينية

وائل قديح

تبلور الحديث عن الإصلاح المالي، لأول مرة في المرسوم الرئاسي الصادر في 15/1/2000، وكذلك القضايا التي كان من المفترض أن يعالجها المجلس الأعلى للتنمية، وتتمثل في توحيد كل موارد الموازنة في حساب مركزي، والعمل على تعزيز الشفافية في نظام المالية العامة، مما سيساعد على تطبيق الموازنة بشكل منظم. ومن شأن ذلك أن يجنب وزارة المالية مشاكل النقص في السيولة التي تواجهها من آنٍ لآخر، وسيعمل على وضع حد للتمويل عن طريق تراكم المتأخرات. ونقطة أخرى تم الحديث عنها في ذلك الوقت، وهي نقل دائرة الرواتب إلى وزارة المالية، ومن شأن ذلك أن يضبط تعيينات العاملين في القطاع العام. ويعتبر نقل دائرة الرواتب أحد المقومات الأساسية للقانون الأول للموازنة في فلسطين، وهي الموازنة التي أقرها المجلس التشريعي في سنة 1997، فالإجراء الأكثر فعالية هو لجم التعيينات في القطاع العام كإجراء يستهدف ضمان الإستقرار في الوضع المالي للسلطة الفلسطينية على المدى القريب والمتوسط.

النواقص التي كانت موجودة في الإطار المالي

1- إنخراط السلطة الفلسطينية في نشاطات تجارية تفتقر كثيراً للشفافية.

2- العجز في السيولة لدى وزارة المالية والصعوبات العملية الناجمة عن ذلك.

3- حصول زيادة سريعة في حجم الإنفاق الجاري، خاصة على الرواتب والأجور، والناجم عن التوسع الكبير جداً في التعيينات الحكومية.

4- جميع موجودات السلطة ونشاطاتها التجارية، كانت تدار بطريقة غير علنية.

كل ما سبق ذكره من أفكار كانت نظرية وشكلية، إلى أن تم تعيين الدكتور سلام فياض وزيراً للمالية في التعديل الوزاري، برئاسة السيد الرئيس ياسر عرفات، بتاريخ 9/6/2002(1)، وبدأت أولى خطوات الإصلاح المالي، تحت إشراف وزير المالية، وتتمثل في العناوين المختلفة التالية:

صندوق الاستثمار الفلسطيني

يعتبر الافصاح عن الاستثمارات والأعمال التجارية للسلطة الفلسطينية من قبل صندوق الاستثمار الفلسطيني، خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تنفيذ أحد أهم بنود الشق المالي من خطة الاصلاح للحكومة الفلسطينية، والمعروفة بخطة المائة يوم. ويقدر حجم الاستثمارات بما يزيد على 600 دولار مقسمة على 79 استثماراً تجارياً، وحساباتها البنكية المقدرة بما يقارب 73 مليون دولار. مما سيؤدي إلى تحديد سياسات واستراتيجيات التعامل مع هذه الاستثمارات والأموال، سواء كانت في الداخل أو الخارج، وربما يتم خصخصة بعضها، إضافة إلى أن أرباح هذه الاستثمارات ستوجه إلى حساب الخزينة الموحد للسلطة الفلسطينية.

وقد صدرت خطة الإصلاح المالي للمائة يوم عن مجلس وزراء السلطة الفلسطينية المشكل بتاريخ 5/6/2002، وكانت أبرز الخطوط العريضة لخطة الإصلاح المالي تتبلور في:

1- مبدأ وحدة الخزينة في إدارة المال العام، والإنفاق من هذه الخزينة بموجب الموازنة العامة، وذلك من خلال:

أ- المنع منعاً باتاً الانفاق من حسابات الإيرادات.

ب- توريد كافة الإيرادات إلى حساب خزينة موحد، تصب فيه شتى الموارد المتاحة، لتمويل الخزينة من ضرائب ورسوم وأرباح السلطة من نشاطاتها التجارية والاستثمارية والمساعدات الخارجية من منح وقروض. ويعتبر توريد كل إيرادات السلطة إلى حساب الخزينة الموحد، بما في ذلك إيرادات مشاريع السلطة الفلسطينية الخارجية، إنجازاً للسلطة الفلسطينية في مجال إدارة المال العام.

2- خضوع الانفاق إلى التدقيق الداخلي والخارجي، وذلك بوجود مراقبين ماليين من وزارة المالية في الوزارات المختلفة، لتدقيق المعاملات قبل أن يتم الصرف للتحقق من قانونيتها.

3- توفير استقلالية وسلطة كاملة للرقابة الخارجية الفاعلة، ممثلة بالهيئة العامة للرقابة(2).

أما فيما يتعلق بالنظام الأساسي لصندوق الاستثمار الفلسطيني، فقد أقره الرئيس ياسر عرفات بتاريخ 14/8/2002. ويعتبر هذا الإجراء أحد أهم بنود الشق المالي من خطة الحكومة الفلسطينية للمائة يوم، والمتعلق بتجميع كافة النشاطات التجارية والاستثمارية التي تمارسها السلطة الوطنية الفلسطينية في صندوق الاستثمار الفلسطيني، وقد قامت شركة "ووتر برايس" بإعداد النظام الأساسي لصندوق الاستثمار الفلسطيني وفق أفضل المنهجيات المعتمدة دولياً، وبخاصة من حيث معايير الافصاح والتدقيق، بما ينسجم مع تحقيق أكبر قدر ممكن من الشفافية والمساءلة في إدارة المال العام، ويصب هذا الإجراء في اتجاه تعزيز الثقة بالإدارة المالية وكذلك ثقة المستثمرين(3).

يتشكل مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني من سبعة أعضاء منهم أربعة ممثلين عن القطاع الخاص، وثلاثة من القطاع العام، وهم كالتالي:

- د. سلام فياض رئيس مجلس الإدارة (وزير المالية).

- صبيح المصري نائب رئيس مجلس الإدارة.

- ماهر المصري وزير الاقتصاد الوطني.

- محمد رشيد مدير عام الصندوق والمستشار الاقتصادي للرئيس ياسر عرفات.

- طلال ناصر الدين ممثل عن القطاع الخاص.

- عزام الشوا: كان ممثلاً للقطاع الخاص، وحالياً وزير الطاقة والموارد الطبيعية في حكومة أبو مازن.

- سامر سعيد خوري: ممثلاً عن القطاع الخاص(4).

وهو ما يعتبر خطوة قد تكون غير مسبوقة في المنطقة، تسمح بموجبها الحكومة لممثلي القطاع الخاص بالإشراف على الأعمال الإستثمارية والتجارية الخاصة بها. ومن المفترض أن يتولى هذا الصندوق إدارة جميع النشاطات التجارية والاستثمارية المملوكة بالكامل أو جزئياً للسلطة الفلسطينية، بمنتهى الشفافية من حيث العمليات والأرباح، ويعتبر صندوق الاستثمار الفلسطيني المرجعية لكل النشاطات التجارية والاستثمارية للسلطة الفلسطينية. وقد تم التعاقد مع خبراء ومستشارين دوليين (standard and poors) و(democracy council) ومؤسسات تدقيق دولية، وتضمن التقرير الذي أعدته هذه المؤسسات كل ما كان يدار من قبل شركة الخدمات التجارية الفلسطينية بكافة نشاطاتها المختلفة. وهناك نشاطات تجارية لم تكن تدار من قبل شركة الخدمات التجارية مثل الهيئة العامة للبترول، شركة البحر، الصخرة، ونشير في هذا الصدد إلى قرار مجلس الوزراء (برئاسة أبو مازن) بتاريخ 17/5/2003 الذي تضمن إلحاق ثلاث مؤسسات فلسطينية إلى وزارة المالية وهي الهيئة العامة للبترول، والهيئة العامة للتبغ، واللجنة العليا للتمويل والاستثمار(5)، علماً بأنه قد تم تقييم استثمارات السلطة بناء على قيمتها الحالية، وليس في وقت الاستثمار، حيث أن القيم الواردة لاحقاً تعكس القيمة السوقية الحالية للموجودات التي تم تقيمها.

أما فيما يخص أرباح هذه الاستثمارات، فستوجه إلى حساب الخزينة الموحد للسلطة الفلسطينية، وقد تم إدخال رقم تقديري لأرباح الاستثمارات تقدر بـ 30 مليون دولار سنوياً خلال عام 2002، وسيعاد النظر في هذا المبلغ في ضوء ما تم معرفته الآن عن الشركات(6).

1- شركات تم تقديرها من قبل شركة (ستاندرد اندبورز):

أبرز هذه الاستثمارات في شركة الاتصالات الجزائرية اوراسكوم، بقيمة 90 مليون دولار ونسبة ملكية 23.6%، وشركة اتصالات الجوال الاردنية، (فاست لينك) بقيمة 66 مليون دولار ونسبة ملكية 14.3%، وشركة الاسمنت الفلسطينية، بقيمة 54 مليون دولار ونسبة ملكية 100%، وشركة اتصالات أوراسكوم التونسية، بقيمة 25 مليون دولار ونسبة ملكية 20%، وشركة جوال الفلسطينية 36 مليون دولار، ونسبة ملكية 35%، ومنتجع وكازينو أريحا (الواحة)، بقيمة 28.8 مليون دولار، ونسبة ملكية 23%، واتصالات أوراسكوم بقيمة 25 مليون دولار، وشركة الاتصالات الفلسطينية 13.6 مليون دولار، ونسبة الملكية 6.7% وغيرها.

وللمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى الصفحة الالكترونية www.pa-inv-fund.com

2- شركات ما زالت طور التقدير من قبل (ستاندرد اندبورز)

ساهمت السلطة الفلسطينية في العديد من الاستثمارات، وهي في طور التقدير من قبل شركة التدقيق الدولية، من أبرزها مشروع الغاز الطبيعي في شمال قطاع غزة بقيمة 75 مليون دولار، ونسبة ملكية 22.5%، وعقارات متعددة بقيمة 15 مليون دولار، ونسبة ملكية 100%، وابيك بقيمة 9 مليون دولار، ونسبة ملكية 20%، وباديكو بقيمة 8.5 مليون دولار ونسبة ملكية 7%، وديلما بقيمة 8.3 مليون دولار، وانترنت مصر بقيمة 7.5 مليون دولار ونسبة ملكية 15%، وصندوق تكنولوجيا السلام بقيمة 4 مليون دولار ونسبة ملكية 34% وغيرها من الاستثمارات.

3- شركات جمدت عملها

أبرز الشركات التي جمدت عملها هي: مصنع عصير غزة، ونسبة ملكية 100%، وشركة السجائر الفلسطينية، ونسبة الملكية 50%، الشركة الفلسطينية التونسية، ونسبة الملكية 100%.

وفي المحصلة يقدر حجم الاستثمارات بما يزيد عن 600 مليون دولار، وسيتابع مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني كل هذه الاستثمارات، وسيعمل على توحيد جهود الجهات المشرفة عليها، لتصب جميعها في صندوق الاستثمار الفلسطيني.

تصور وزير المالية لدور الحكومة الإقتصادي

يرى وزير المالية أن التجارة مهنة شريفة ولكنها ليست للدولة، فالتجارة من شأن القطاع الخاص، والحكومة يجب أن ينحصر دورها في توفير الخدمات الأساسية والبنية التحتية والمناخ التنظيمي والقانوني اللازم، وفي العمل على تأمين وجود شبكة أمان إجتماعي تتعامل مع إحتياجات الفئات الأقل حظاً في المجتمع الفلسطيني، فدور الحكومة في الإقتصاد يجب ألا يكون قائماً على أساس تحقيق الربحية، فالحكومة يجب أن تكون جابية للضرائب(7).

مبدأ وحدة الخزينة

يعتبر توحيد الإيرادات وإيداعها في حساب الخزينة الموحدة، أكبر إنجاز للسلطة الوطنية الفلسطينية، حيث أن وحدة الخزينة في إدارة المال العام والإنفاق من هذه الخزينة بموجب الموازنة العامة المقرة من المجلس التشريعي، وخضوع الإنفاق إلى التدقيق الداخلي والخارجي، أي وجود مراقبين ماليين من وزارة المالية، في الوزارات المختلفة لتدقيق المعاملات قبل أن يتم الصرف للتحقق من قانونيتها(8).

وفي مجال المالية العامة، بدأت وزارة المالية منذ بداية شهر 7/2002، بتنفيذ إجراءات تهدف بشكل رئيسي إلى تفعيل البنود الواردة في خطة المائة يوم، فكافة الإيرادات تحول بشكل منتظم إلى حساب خزينة مركزية موحدة، وبالتالي هدف هذه الخطوة هو تحقيق وتطوير مبدأ وحدة الخزينة من خلال توريد جميع الإيرادات التي تجمعها السلطة لحساب خزينة مركزية، وهذا الإجراء جوهري جداً. والإستمرار في تنفيذ ذلك سيؤدي إلى تحسن ملموس في إدارة المال العام، مما سيترتب عليه إدارة الإنفاق بشكل عام، كونها قائمة على مبدأ المركزية، وبالتالي تضمن أن يتم الإنفاق من خلال الموازنة، والموازنة قانون، فالإطار القانوني متوفر وقائم وإمكانات المساءلة متاحة، وعندما يطبق مبدأ وحدة الخزينة ووحدة الإيرادات ومركزيتها، ستتحسن شفافية الإدارة وتنفيذ هذا الإجراء وغيره من الإجراءات المشابهة سيرفع الأداء ويحسن الإدارة بقدر كبير.

كان واضحاً وجود تعدد في مراكز الإنفاق في وزارة المالية نفسها وتم إلغاؤها، ويوجد تعدد في مركز جمع الإيرادات. وذلك من أجل التسهيل على المواطن في معاملاته ولكن يمنع منعاً باتاً الإنفاق من حسابات الإيرادات. أما فيما يتعلق بالإيرادات، فيجب أن يتم توريد كافة الإيرادات إلى حساب خزينة موحدة تصب فيه شتى الموارد المتاحة لتمويل الخزينة من ضرائب ورسوم وأرباح السلطة من نشاطاتها التجارية والإستثمارية والمساعدات الخارجية من منح وقروض، وهناك خطة إنفاق شهرية تراجع بإستمرار لتحقيق توافق أكبر ما بين الإمكانات المتاحة والإنفاق المطلوب(9).

وقد نصت خطة خارطة الطريق، أن يقوم جميع المانحين الذين يقدمون دعماً مالياً للفلسطينيين بتسليم تلك الأموال عن طريق حساب الخزينة الوحيد التابع لوزارة المالية الفلسطينية.

إدارة المال العام

لا يجوز أن يدار المال العام بعيداً عن المحاسبة والمساءلة، وهي قيمة من القيم الأساسية التي يقوم عليها النظام المالي، وقد أعطى أهمية في برنامج الإصلاح المالي إلى إدارة المال العام بشكل يسمح بأعلى درجات المساءلة.

إن تحقيق ترابط عضوي بين ما يتحقق من أرباح عبر هذه الإستثمارات وبين الموازنة وتوريده إلى مركز الخزينة الموحدة، خطوة مهمة بإتجاه تحقيق كامل لوحدة الإيرادات العامة، وترسيخ لمبدأ إخضاع كل المال العام لسيطرة وزارة المالية بشكل مباشر. وقدر مشروع الموازنة العامة للعام 2003 الأرباح المتوقعة لهذه الإستثمارات، بنحو 150 مليون شيكل، وهناك حاجة لإعادة النظر في بند الإيرادات ليعاد تقديره في حين بروز معطيات جديدة من حين لآخر(10).

إن أرباح المشاريع الإستثمارية ستوجه إلى حساب الخزينة الموحدة للسلطة الفلسطينية، بعد أن لم تكن تدخل في هذا الحساب، وقال د.سلام فياض "أدخلنا العام 2002 رقماً تقديرياً لأرباح الشركات 30 مليون دولار سنوياً، وسيعاد تقييم هذا الرقم في ضوء ما نعرفه الآن عن الشركات.

إيرادات ونفقات شهر آذار لعام 2003 (بعد بدء عملية الإصلاح المالي)

إجمالي الإيرادات لشهر آذار مارس 2003، بلغ قرابة 68 مليون دولار.

إجمالي النفقات بلغت قيمتها الإجمالية قرابة 73 مليون دولار(11).

وبالتالي فإن العجز فقط 5 ملايين دولار، بعد أن كانت السلطة الفلسطينية تواجه عجزاً شهرياً يتراوح بين 20-30 مليون دولار(12). في حين تمكنت وزارة المالية في الفترة من كانون الثاني 2003 وحتى الحادي والثلاثين من شهر آذار مارس، من تسديد متأخرات على السلطة الوطنية بقيمة 80 مليون دولار.

إتخذ مجلس الوزراء، برئاسة محمود عباس "أبو مازن" قراراً بتاريخ 17/5/2003، بإلحاق ثلاث مؤسسات فلسطينية إلى وزارة المالية، وهي اللجنة العليا للتمويل والإستثمار والهيئة العامة للتبغ، والهيئة العامة للبترول.

رواتب عناصر جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة في قطاع غزة

في خطوة ذات أهمية على صعيد الإصلاح، أعلن د.سلام فياض وزير المالية عن صرف رواتب عناصر جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة في قطاع غزة مباشرة من البنوك، وتم فعلياً صرف رواتبهم عن شهر آذار، التي صرفت بداية نيسان 2003 من خلال نظام الدفع المباشر لحسابات مصرفية، بعد أن كان النظام المتبع على مدى السنوات الماضية في دفع الرواتب، هو ما يسمى النظام "النقدي" من قبل قادة الأجهزة الأمنية إلى عناصر الأجهزة. وهو ما كان محل إنتقاد كبيرة لإفتقاره إلى الشفافية، وتكريسه أعرافاً غير ديمقراطية بحسب المراقبين، ومن شأن تطبيق نظام الدفع المباشر، أن يبعث على الثقة في النظام المالي الفلسطيني.

الإقتطاعات (الإيرادات التكافلية)

قدرت الإيرادات التكافلية في مشروع الموازنة بـ35 مليون دولار، وهي مؤلفة من بندين: الأول، مساهمة عاملي السلطة في مساعدة العاطلين عن العمل، والتي قدرت بـ6 ملايين دولار. والثاني مساهمة عاملي السلطة في مساعدة متضرري الإغلاق والتي قدرت بـ26 مليون دولار. فالبند الأول تم خصمه منذ العام 1996 الـ(5%)، والبند الثاني يتم خصمه منذ نوفمبر 2000 خلال إنتفاضة الأقصى، هذه المبالغ لو جمعت في الأعوام 2001-2002 لوصلت إلى 105 ملايين دولار(13).

وقد إتخذ مجلس الوزراء برئاسة محمود عباس، قراراً في جلسته الأسبوعية المنعقدة بتاريخ 21/6/2003، بوقف إستقطاع مساهمة البطالة، ومساهمة دعم صندوق الطورائ من رواتب الموظفين، ويشمل هذا القرار كافة الموظفين في الدولة، مدنيين وعسكريين، ويطبق إعتباراً من رواتب شهر حزيران 2003.

الموازنة العامة

تقديم بيان الموازنة العامة للعام 2003 في المجلس التشريعي، عكس رضى لم تحظ به أية موازنة سابقة للسلطة الفلسطينية، ويعتبر جهد مهني بحاجة إلى التنفيذ، الموازنة من الناحية المهنية تحتوي على العناصر التي تحتويها أية موازنة في دولة أخرى، وتتضمن عرضاً موضوعياً للأوضاع التي يفترض أن تعكسها، وبنيت على إفتراضات واقعية، ونحن لأول مرة أمام موازنة واضحة في أوجه الإنفاق، وتتضمن آلية رقابة لم توجد في الموازنات السابقة، وسينعكس ذلك بشكل إيجابي على المجتمع الفلسطيني عموماً، فمشروع الموازنة الجديدة تشكل نقلة نوعية مقارنة مع الموازنات السابقة، رغم أنها مرتبطة إلى حد كبير بتحصيل عائدات المقاصة مع إسرائيل.

قدرت الإيرادات العامة في مشروع الموازنة بـ6 مليارات و392 مليون شيكل، فيما بلغ حجم النفقات أيضاً 6 مليارات و392 مليون شيكل، والذي يعني خلو الموازنة من أي عجز في حال إنسياب الإيرادات إلى الخزينة العامة حسب ما هو متوقع، وتضمنت الإيرادات العامة، إيرادات محلية بقيمة 2657 مليون شيكل، ومنحاً ومساعدات للخزينة العامة بقيمة 2675 مليون شيكل، فيما بلغت الإيرادات من المنح لتمويل المشاريع التطويرية 1060 مليون شيكل. وفيما يتعلق بالنفقات العامة، تضمنت نفقات جارية بقيمة 5222 مليون شيكل، نفقات تطويرية ممولة من الخزينة بقيمة 110 ملايين شيكل، نفقات تطويرية ممولة من الدول المانحة 1060 مليون شيكل.

نصت المادة رقم (5) من مشروع الموازنة على أنه لا يجوز اللجوء إلى الإقتراض من سلطة النقد الفلسطينية أو من صندوق التأمين والمعاشات، لتمويل التنفيذ خلال السنة المالية 2003. فمشروع الموازنة مبني على فهم أكبر للأولويات، وأهمها الإستجابة للتزايد في الإحتياجات الإجتماعية من صحة وتعليم وأسر الشهداء والأسرى والجرحى، إن أهم جديد في هذه الموازنة أنها جاءت إستكمالاً لمسيرة الإصلاح المالي التي بدأتها السلطة الوطنية سواء فيما يتعلق بوحدة الخزينة أو توفير جدية على صرف الموارد، وبغض النظر عن بعض الشكوك إلا أن هناك إجماعاً بأن مشروع الموازنة جيد وبداية مرحلة جديدة، وبالمحصلة صوت المجلس التشريعي بتاريخ 1/2/2003، لصالح قبول مشروع قانون الموازنة العامة للحكومة للسنة المالية 2003(14).

إصدار شيكات بدون رصيد

فإصدار شيكات بدون رصيد لم يحدث منذ مجيء وزير المالية د.سلام فياض، وبالتالي إنتهت الكثير من السلبيات التي حكمت العلاقة بين البنوك ووزارة المالية في السابق، حيث لم تصل للبنوك أية شيكات من وزارة المالية غير مغطاة بالكامل، وأعلن د.فياض بتاريخ 12/4/2003 الإنتهاء من قضية الشيكات من دون رصيد، حيث بلغت مدفوعات وزارة المالية في غزة 55 مليون دولار، فيما بلغت مدفوعات وزارة المالية في الضفة الغربية 25 مليون دولار، وبلغت في مجملها 80 مليون دولار.

ومن بين المشاكل المزمنة التي تعهد بحلها وزير المالية، ضمن موازنة العام 2003، الديون المستحقة على السلطة الوطنية للقطاع الخاص، البالغة 450 مليون دولار، منها نحو 150 مليون دولار للشركات الموردة، كشركات الأدوية والأجهزة الطبية والسيارات واللوازم المكتبية والإنشاءات، وقد قوبل ذلك بإرتياح كبير من قبل القطاع الخاص، وفي وقت لاحق ذكر وزير المالية، أن السلطة الفلسطينية قامت خلال شهر 2/2003 بتسديد جزء من متأخرات الموردين ومساعدات إجتماعية وطبية، وقال السلطة مصرة على الوفاء بكل التزاماتها، وستصرف جميع الإستحقاقات.

صندوق التقاعد: توجد متأخرات على وزارة المالية لصندوق التقاعد، وستعمل وزارة المالية على تسديد المتأخرات المترتبة عليها لهذا الصندوق وقال د.فياض، المتأخرات حدثت لأننا لم نكن ندفع الحصة الشهرية المترتبة علينا، ولكن من الآن فصاعداً سندفع حصتنا وسنعمل على المستحقات واجبة السداد لصندوق التقاعد والبالغة 170 مليون دولار.

تحصيل الرسوم على معابر غزة

بما لا يقل أهمية عن الموضوعات الأخرى، فقد أعلن د.سلام فياض وقف تحصيل الرسوم التي كانت تفرض على الشاحنات من الجانب الفلسطيني من معبري المنطار وصوفا في غزة، ولا سيما أن هذا الأمر كان مصدر شكوى مستمرة من التجار لسنوات طويلة، ورفع هذه الرسوم سينعكس على المواطن بشكل إيجابي أو التخفيف عن المواطن في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي يواجهها شعبنا.

تخفيض رسوم ترخيص وتسجيل المركبات والحافلات العمومية والتجارية

قرر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها في تاريخ 17/5/2003، أنه نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا نتيجة لإجراءات الإغلاق والحصار وإعاقة حركة الركاب والبضائع التي يمارسها الإحتلال، وما تركته من آثار سلبية على قطاع النقل والمواصلات، وأعمالاً لقانون الموازنة العامة للسنة المالية 2003، وأخذاٍ بتوصية وزيري المالية والمواصلات، فإن مجلس الوزراء يقرر ما يلي:

أولاً: تخفيف البدل الذي تستوفيه وزارة النقل والمواصلات مقابل تأجير أرقام سيارات الأجرة بنسبة 50% إبتداء من تاريخ 1/1/2002 وحتى تاريخ 31/12/2003، بحيث يصبح خمسة آلاف شيكل في المحافظات  الشمالية، وألفين وخمسائة شيكل في المحافظات الجنوبية.

ثانياً:  إعادة النظر في قمية رسوم تسجيل وترخيص المركبات العمومية والحافلات العمومية والمركبات التجارية والشاحنات على النحو التالي:

أ- تخفيض رسوم تسجيل وترخيص المركبات العمومية والحافلات العمومية بنسبة 25% إبتداء من تاريخ 1/1/2001 ولغاية 31/12/2003.

ب- تخفيض رسوم تسجيل وترخيص المركبات التجارية "الشاحنات" بنسبة 50% إبتداءً من تاريخ 1/1/2001 ولغاية 31/12/2003.

ج- يعمل هذا القرار إعتباراً من تاريخه في 17/5/2003.

إستئناف تحويل الأموال المحتجزة من طرف الحكومة الإسرائيلية

من خلال إتصالات وزير المالية الفلسطيني، تم تحويل ثلاثة أقساط تبلغ قيمة القسط الأول 70 مليون شيكل (1407) مليون دولار، وتم تحويله بتاريخ 29/7/2002، وهذه هي بداية تحويل الأموال إلى حساب يعود للسلطة الفلسطينية، ويديره الوزير سلام فياض بحكمة، وتسلمت السلطة الفلسطينية بتاريخ 3/2/2003 مبلغ 286 مليون شيكل من الحكومة الإسرائيلية، وهي المستحقات المالية الشهرية للسلطة الوطنية، إضافة إلى جزء من الأموال التي كانت تحتجزها الحكومة الإسرائيلية منذ إندلاع الإنتفاضة في شهر أيلول العام 2000، وكانت قد تسلمت السلطة الوطنية مبلغ 244 مليون شيكل قبل حوالي أسبوعين من التاريخ الأول، ويأتي ذلك في إطار إستئناف تحويل إسرائيل المنتظم لأموال السلطة الفلسطينية، مما ساهم في تمكين وزارة المالية من دفع الرواتب وتسديد جزء من مديونيتنا للقطاع الخاص(15).

جاء ذلك بناء على إتصالات مع الطرف الإسرائيلي، ثم تتويجها في إجتماع د.سلام فياض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون بتاريخ 16/2/2003، وتم التركيز خلال الإجتماع حول القضايا المالية، وخاصة التحويلات المالية التي تجمعها إسرائيل، ويتوقع وزير المالية إستمرار التحويلات المالية بشكل منتظم(16).

وقد نصت خطة خارطة الطريق على أن تواصل الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، عملية تصفية الحسابات وتحويل الأموال-بما فيها المتأخرات، وفقاً لآلية رصد شفافة تم الإتفاق عليها.

قانون الخدمة المدنية

بناء على الإجتماع الذي عقده د.سلام فياض وزير المالية، مع أعضاء لجنة الموازنة والشؤون المالية في المجلس التشريعي في غزة بتاريخ 16/1/2003، فقد أشار إلى أنه سيتم وضع جدول زمني لتطبيق الشق المالي من قانون الخدمة المدنية الصادر في عام 1998 على مراحل، وفقاً للإمكانات المالية المتاحة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتم التشديد على وقف تام وشامل للتعيينات الجديدة في السلطة الوطنية، لحين الإنتهاء من إعداد وإعتماد الهياكل التنظيمية وفقاً لأحكام المادة (4) من قانون الخدمة المدنية نفسه، وإستكمال تسكين ونقل الموظفين الموجودين في الخدمة المدنية.

وأكد الوزير، وقبل الشروع في تطبيق القانون سنعمل وجميع المراكز المالية الأخرى، على راس عملهم فعلاً. والتشديد على دور وزارة المالية الرقابي وذلك إعمالاً لأحكام المواد (46) و(47) و(49) من قانون تنظيم الموازنة والشؤون المالية رقم (7) لسنة 1998.

وأوضح د.فياض، وفي ضوء ما تقدم به، أنه يرى من الضروري تخصيص مبلغ 2 مليون دولار شهرياً أي ما قيمته 24 مليون دولار سنوياً، إضافة على بند الرواتب والأجور في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2002. لتطبيق الشق المالي من قانون الخدمة المدنية، مع تطبيق الشق الإداري من القانون ذاته، فقد وافق وزير المالية على إلغاء جميع الإحداثات المقترحة للعام 2003، بإستثناء 2447 وظيفة جديدة، منها 25 وظيفة لوزارة العدل، و87 وظيفة لمجلس القضاء الأعلى، و1800 وظيفة لوزارة التربية والتعليم، و500 وظيفة لوزارة الصحة، و25 وظيفة لوزارة المالية. وأوضح أن تطبيق قانون الخدمة المدنية سيسهم في تشجيع التقاعد المبكر والإلتزام بأحكام المواد (97) و(102) من قانون الخدمة المدنية والإسراع في إعداد نظام تقاعدي فلسطيني، وتحديد جدول زمني لتنفيذ هذا النظام(17).

وقد قرر مجلس الوزراء في جلسته، التي إنعقدت بتاريخ 17/5/2003، برئاسة محمود عباس "أبو مازن" رئيس الوزراء، إنهاء خدمات الموظفين (في السلك المدني)، الذي تجاوزت أعمارهم الستين عاماً، مع صرف راتب تقاعدي يساوي 75% من الراتب الأصلي، وعلاوة المهنة، وعدم التمديد لأي موظف إلا بقرار من مجلس الوزراء، وذلك إلى حين صدور قانون التقاعد الجديد الذي يجري إعداده(18).

 

المراجع:


 

(1)  القدس، 29/7/2002.

(2)  جريدة القدس، 3/8/2002.

(3)  جريدة القدس، 15/8/2002.

(4)  جريدة القدس، 17/8/2002.

(5)  جريدة الأيام، 18/5/2003.

(6)  جريدة الأيام، 1/3/2003.

(7) الأيام، 25/1/2003.

(8) القدس، 3/8/2002.

(9) القدس، 6/7/2002.

(10) الأيام، 20/1/2003.

(11) الأيام، 13/4/2003.

(12) الأيام، 17/8/2002.

(13) الأيام، 2/2/2003.

(14) الأيام، 2/2/2003.

(15) الأيام، 5/2/2003.

(16) الأيام 18/2/2003.

(17) الأيام، 17/1/2003.

(18) الأيام، 18/5/2003.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م