المراقب الاجتماعي

 إصدار: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية (ماس)

الكتاب: المراقب الاجتماعي – عدد رقم (5) – أيار 2002 / 180 صفحة

مراجعة/ سمية السوسي

صدر عن معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" العدد الخامس، من المراقب الاجتماعي، المخصص لرصد اتجاهات التغيير في بعض المؤشرات الاجتماعية الفلسطينية، حيث خصص هذا العدد لرصد المؤشرات الخاص بعام 2000. ويشتمل أيضاً على مقالتين حول التغيير والثبات الذي حصل في الحياة الاجتماعية خلال سنوات سابقة في المجالات: السكانية والتعليم والثقافة والضمان الاجتماعي، ونوعية الحياة، ومستويات المعيشة والبيئة القانونية.

أ- المؤشرات السكانية

يشير الكتاب إلى ارتفاع في معدلات النمو السكاني بين العامين 1997-2000 بفعل الزيادة الطبيعية في السكان، حيث ارتفع معدل النمو السكاني في الضفة الغربية وقطاع غزة من 3.9% في العام 1997 إلى 4.2% في العام 2000، وهي من أعلى النسب في العالم. وتؤكد المؤشرات السكانية التي أعدها الجهاز المركزي للاحصاء على الطابع الفتي للمجتمع الفلسطيني، إذ أن 46.8% من مجمل السكان في عام 2000 تقل أعمارهم عن 15 سنة. كما تشير البيانات إلى ارتفاع معدلات الخصوبة الكلية في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال العام 2000، حيث بلغت 6.8 مولوداً في قطاع غزة، و5.5 مولوداً في الضفة الغربية. بالمقابل يميل الاتجاه العام لمعدلات الوفيات إلى الانخفاض حيث انخفضت من 4.9 و4.7 لكل ألف من السكان على التوالي في منتصف العام 1997 في الضفة الغربية وقطاع غزة، لتصبح 4.5 و4.3 خلال العام 2000 في الضفة الغربية في قطاع غزة. وتؤدي هذه العوامل إلى ارتفاع معدلات النمو السكاني.

ب- المؤشرات الصحية

أظهرت المؤشرات الصحية تحسناً في بعض المجالات الصحية، التي أدت إلى انخفاض في وفيات الرضع المبلغ عنها وانخفاض في وفيات الأطفال، (لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الزيادة ناتجة عن عدم التبليغ أم نتيجة انخفاض حقيقي). كذلك كشفت المؤشرات الصحية عن ارتفاع في معدل عدد الأطباء لمجمل السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة، فبعد أن كان هذا المعدل 128 طبيباً لكل مائة ألف من السكان في عام 1999، أصبح 140 طبيباً لكل مائة ألف من السكان في عام 2000، لكن هذه المؤشرات غير مضبوطة لأنها ترتبط بالعضوية في نقابة الأطباء.

كذلك كشفت البيانات الصحية عن زيادة في الكفاية السريرية اقتصرت على قطاع غزة، بينما انخفضت في الضفة الغربية. فقد ارتفع معدل الأسرة لكل ألف من السكان في الأراضي الفلسطينية إلى 1.3 و1.27 في العام 1999 و2000 على التوالي. كما ارتفعت هذه المعدلات في قطاع غزة في العام 2000 لتصل إلى  1.6 سرير لكل ألف من السكان بسبب افتتاح مستشفيات جديدة في قطاع غزة. في المقابل حقق هذا المعدل تراجعاً في الضفة الغربية. فبعد أن كان 1.28 سريراً لكل ألف من السكان في عام 1999 انخفض إلى 1.20 في عام 2000. وكانت هذه الزيادة لدى القطاعين العام وغير الحكومي، في حين بقيت مراكز وكالة الغوث الدولية ثابتة في عددها.

وبينت المؤشرات الصحية ارتفاعاً في نسبة المؤمنين صحياً من السكان، وصلت هذه النسبة إلى 61.4 من مجمل السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 2000. في حين كانت هذه النسبة 58.4% في العام 1996. ويشار إلى أن هذه الزيادة في نسبة السكان المؤمنين صحياً هي نتيجة لارتفاع نسبة المؤمنين لدى القطاع الخاص، في حين انخفضت نسبة المؤمنين لدى القطاع الحكومي ولدى وكالة الغوث.

لكن هذا الأمر لا يعني انخفاضاً في عدد المؤمنين لدى القطاع الحكومي ووكالة الغوث، حيث تظهر بيانات وزارة الصحة زيادة سنوية على عدد بطاقات التأمين الصحي الحكومي في مختلف أنواع التأمين الصحي، ما عدا التأمين الصحي الاختياري الذي تراجع بنسبة 36% بين العامين 1995 و2000. وكان الانخفاض شديداً في العام 1998 في هذا النوع من التأمين الصحي الحكومي. كشفت البيانات أيضاً عن حجم التأثيرات القمعية للاجراءات الإسرائيلية على أبناء الشعب الفلسطيني خلال انتفاضة الأقصى، حيث بلغ عدد الشهداء 1084 شهيداً حتى تاريخ 2/3/2002. وعدد الجرحى زاد عن 31028 ألف جريح لغاية 21/10/2001. إضافة إلى عدد كبير من حالات الاعاقة بلغ عددها نحو 1396 حالة لغاية 24/7/2001، من بينهم 499 إعاقة لأطفال دون سن 18 سنة. كما أدى إغلاق الطرق ومنع الناس من التنقل إلى الحد من إمكانية الوصول للمستشفيات خاصة حالات الولادة، مما أدى إلى ارتفاع حالات الولادة، في المنازل لتبلغ 17.3%، الأمر الذي يؤثر على صحة الأم والمولود ويحرمهم من تلقي الرعاية الصحية اللازمة. كذلك كشفت انتفاضة الأقصى عن نقص في مخزون الأدوية ونقص الأسرة في المستشفيات ونقص في التخصصات الطبية مثل جراحة المخ والأعصاب، وعن سوء في التوزيع الجغرافي للخدمات الطبية.

ج- المؤشرات التعليمية:

أفادت بيانات الخصائص التعليمية لأفراد المجتمع الفلسطيني الواردة في الكتاب، أن 5.6% من مجمل السكان (15 سنة فأعلى) أنهوا مرحلة البكالوريوس فأعلى، وأن 20.4% لم ينهوا أية مرحلة تعليمية، وكشفت البيانات كذلك عن تمايز بين الذكور والإناث في التحصيل العلمي.

وفيما يتعلق بالمؤشرات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية أظهرت البيانات زيادة في عدد المدارس الثانوية وانخفاضاً في عدد رياض الأطفال. وكانت الزيادة في أعداد المدارس الحكومية والقطاع الخاص. وحول عدد الطلبة أظهرت البيانات ارتفاعاً في أعداد طلبة المدارس بنسبة 3.55% بين العامين الدراسيين 1999/2000 و2000/2001. تعادل هذه الزيادة نسبة الزيادة في عدد السكان، أما تراجع نسبة الأطفال الملتحقين برياض الأطفال فيرتبط بتردي الأوضاع الاقتصادية للسكان.

كذلك تشير البيانات إلى انخفاض في نسبتي الرسوب والتسرب في المرحلة الأساسية، وارتفاعهما في المرحلة الثانوية للعام الدراسي 1999/2000 عن العام الدراسي الذي سبق لكلا الجنسين، في حين اقتصر انخفاض نسبة التسرب على الضفة الغربية وارتفع في قطاع غزة. ويعد ارتفاع نسبة الرسوب والتسرب في المرحلة الثانوية اتجاهاً مغايراً لما كان سائداً منذ العام 1995/1996، حيث كانت هذه النسب في انخفاض متتالي سنوياً، وذلك بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة أكثر من الضفة، أو اضطرار بعض الطلبة في المرحلة الثانوية للخروج من المدرسة والالتحاق بالعمل لمساعدة أسرهم. أظهرت المؤشرات المتعلقة بالجامعات، زيادة كبيرة في أعداد الطلبة الملتحقين بها، حيث زاد عددهم بنسبة 14.4% في العام الدراسي 2000/2001 عن العام الدراسي الذي سبقه. وكانت هذه الزيادة لصالح الإناث أكثر من الذكور. وهذه النسبة آخذة في الانحسار سنة بعد أخرى، حيث بلغت نسبة الاناث الملتحقات بهذه الجامعات نحو 46.8% من مجمل الطلبة في العام الدراسي 2000/2001. وقد ارتفع عدد الخريجين من الجامعات الفلسطينية ليصل إلى 9.304 خريجاً وخريجة في العام 1999/2000، بزيادة 11% عن العام الذي سبقه، الأمر الذي يستدعي ضرورة خلق فرص عمل مناسبة لهؤلاء الخريجين.

وعلى صعيد كليات المجتمع المتوسطة، فقد انخفض عدد طلابها في العام الدراسي 2000/2001، بنسبة 3.7% عن العام الذي سبقه. وقد اقتصر التراجع على الذكور بنسبة 15.9% بالمقابل ارتفع عدد الإناث بنسبة 2.3% بين العامين نفسهما. وقد حقق عدد الخريجين من الكليات المتوسطة ارتفاعاً وصل إلى 2004 خريجاً من كلا الجنسين في العام 1999/2000، بزيادة قدرها 12.6% عن العام الذي سبقه. كانت حصيلة الشهداء من بين الطلبة الملتحقين بالتعليم في المدارس 131 طالباً منذ اندلاع انتفاضة الأقصى ولغاية تاريخ 9/1/2002، إضافة لمعلمين اثنين في نفس الفترة. وبلغ عدد الجرحى من الطلبة 2336 طالباً في الفترة نفسها، بالإضافة إلى 7 من المعلمين والمعلمات وبلغ عدد المعتقلين 31 طالباً، إضافة إلى 11 معلماً حسب بيانات وزارة التربية والتعليم. إضافة لذلك تعطلت العديد من المدارس بسبب منع التجول أو منع وصول الطلبة والمعلمين، كما تم تحويل بعض المدارس إلى ثكنات عسكرية وتعرض البعض الآخر للقصف والاقتحام، مما خلق أجواءً من الرعب والتوتر والقلق والخوف بين صفوف الطلبة الأمر الذي انعكس على الصحة النفسية لهؤلاء الطلبة. وقد عمدت وزارة التربية والتعليم إلى وضع خطة لمواجهة الوضع الطارئ الناتج عن اجراءات الاحتلال عبر عدة حلول منها: إعادة توزيع المعلمين على المدارس كل في منطقة سكناه. ونقل طلاب المناطق الخطرة إلى مدارس أخرى. كذلك عملت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى وضع مقترحات لضمان استمرار العملية التعليمية منها، تعويض الطلبة الذين لم يستطيعوا  الوصول لجامعاتهم في الجامعات القريبة من مكان سكنهم، وتخفيض مدة المحاضرات لتصبح 40 دقيقة بدل 50 لضمان عودة الطلبة مبكراً إلى منازلهم.

د- مؤشرات الثقافة

يشير الكتاب إلى تراجع في نوعية وعدد النشاطات الثقافية وعدد المشاركين فيها، وذلك بسبب اجراءات الاحتلال التي أدت إلى شلل العديد من الأنشطة التي تتطلب حضوراً جماهيرياً، (مثل مهرجاني فلسطيني ورام الله، وغيرها من المهرجانات الفنية السنوية، ومعرض الكتاب السنوي الذي ترعاه وزارة الثقافة). حيث اقتصرت النشاطات الثقافية على العروض المعدة للأطفال والندوات واستخدام الفن كآلية لعلاج الأطفال لإخراجهم من التأثيرات السلبية الناتجة عن تعرضهم للقمع الاحتلالي.

واهتمت الأسر الفلسطينية بمتابعة أخبار الانتفاضة من خلال الفضائيات وتلفزيون فلسطين بصورة خاصة، مما ترك آثار نفسية قاسية على معظم أفراد الشعب الفلسطيني. كذلك تعرض الصحافيون والمؤسسات الصحافية المحلية والأجنبية لاعتداءات الجنود الاسرائيليين والمستوطنين المقصودة، بهدف التعتيم على اجراءات الاحتلال القمعية.

هـ الضمان الاجتماعي ونوعية الحياة

يذكر الكتاب أن تطبيق قانون العمل الفلسطيني أدى إلى تغيير جدي في التشريعات الخاصة بالعمل، من حيث توحيدها في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعصريتها مقارنة بما كان معمولاً به سابقاً.

فعلى صعيد إصابات العمل سجل العام 2000 عشر حالات وفاة نتيجة لإصابات العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبقيت نسبة الإصابات في المنشآت التي زارتها وزارة العمل كما كانت في السابق، وهي 1.3% من مجموع العاملين في هذه المنشآت. ويضيف الكتاب أن انتفاضة الأقصى، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني، وأدت إلى تسارع انتشار البطالة والفقر وارتفاع حدته وقضت على فرص تحسن نوعية الحياة، حيث عرقلت وصول المواطن إلى مراكز الخدمات والعمل بسبب الحواجز واجراءات الاحتلال. وعدم تمكن العمال من الوصول إلى أماكن عملهم سواء في إسرائيل أم في الضفة الغربية وقطاع غزة، الأمر الذي ألقى أعباء جديدة على عاتق المؤسسات الرسمية والأهلية. وجرت محاولات لمعالجة ذلك من خلال برامج التشغيل التي عمل على تنفيذها بكدار وبعض الوزارات والمنظمات غير الحكومية وتوزيع مساعدات مالية لمرة واحدة. برغم أن هذه الاجراءات ما زالت عاجزة عن معالجة مشكلة البطالة وارتفعت معها نسب الأسر التي تتلقى مساعدات من المؤسسات الرسمية (وزارة الشؤون الاجتماعية-الأنروا ولجان الزكاة والجمعيات والمؤسسات الخيرية)، حيث ذكرت 53.3% من الأسر أنها تلقت مساعدات خلال الانتفاضة فيما أشارت 24.7% من الأسر أنها تحتاج لمساعدة ولم تتلقاها. كما ألحق الاحتلال أضراراً كبيرة بالمنازل الفلسطينية وبالبنية التحتية، حيث بلغت خسائر قطاع المباني والبنية التحتية 32175920 دولاراً في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى 30 أيلول 2001. وتركز تدمير البيوت وتخريبها في مدينتي الخليل وبيت لحم في الضفة الغربية، وفي رفح في قطاع غزة.

و- مستويات المعيشة

يشير الكتاب إلى تحسن في مستويات المعيشة من خلال مؤشرات البطالة ومعدلات الأجور، لكن الربع الرابع من العام 2000، أظهر انخفاضاً حاداً ومفاجئاً في مستويات المعيشة في الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة الاجراءات الإسرائيلية. عمق استمرار الاجراءات الإسرائيلية من حدة التراجع في مستويات المعيشة، حيث فقدت نسبة كبيرة من الأسر أقل من نصف دخلها قبل الانتفاضة، وتكيفت نسبة كبيرة من الأسر الفلسطينية مع تدني دخلها الشديد والمفاجئ من خلال التقشف الشديد في استهلاكها. كما تدل المؤشرات على ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل من 74 ألفاً في الربع الثالث من عام 2000 إلى 189 ألفاً في الربع الرابع في العام نفسه. وتراجع الأجر اليومي البسيط من 70 شيكلاً إلى 61.5 شيكل خلال الفترة نفسها. وتزايدت نسبة الفقراء إلى مستويات غير مسبوقة في الضفة الغربية وقطاع غزة، تدل التقديرات إلى أن 60.8% من الأسر في الضفة الغربية وقطاع غزة باتت تعيش تحت خط الفقر.

ي- البيئة القانونية

تراجع الدور الرقابي للمجلس التشريعي خلال العام 2000 مقارنة بما كان عليه الحال في الأعوام الماضية، فقد أدت الاجراءات الإسرائيلية إلى عرقلة عمل المجلس التشريعي وانعقاد جلساته بشكل كامل. ومنعت حركة أعضاء المجلس بين الضفة وقطاع غزة، الأمر الذي انعكس على عمل المجلس كما ونوعاً سواء على صعيد مهامه التشريعية ام الرقابية. كذلك ساهمت الاجراءات الاحتلالية بدور كبير في تراجع أداء السلطة القضائية التي كانت تخطو لتحقيق بعض التقدم في استقلالها عن السلطة التنفيذية.

ويذكر الكتاب أن إجراءات القمع الاحتلالية أظهرت الضعف الهيكلي في الإدارة الفلسطينية على مختلف المستويات الحكومية والأهلية والخاصة، حيث عجزت بعض الوزارات والمؤسسات عن وضع خطط وآليات تكيف تضمن استمرار نشاطاتها وخدماتها، وأظهر البعض الآخر قدرة جيدة على التكيف السريع، وتمكن من وضع خطط طوارئ فعالة مكنتها من الحفاظ على مستوى معقول من الخدمات. ويشير الكتاب إلى تراجع حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، بسبب الانتهاكات الإسرائيلية غير المسبوقة لحقوق الانسان، مما أدى إلى تحويل الضفة الغربية وقطاع غزة إلى معتقلات جماعية، مخلفة خسائر هائلة بشرية ومادية.


الصفحة الرئيسية | مجلة المركز | نشرة الأحداث الفلسطينية | إصدارات أخرى | الاتصال بنا


إذا كان لديك استفسار أو سؤال اتصل بـ [البريد الإلكتروني الخاص بمركز التخطيط الفلسطيني].
التحديث الأخير:
16/01/2006 12:16 م